عكست الجولة التي قام بها الممثل التجاري للولايات المتحدة روبرت زوليك في الامارات وعُمان نهاية الاسبوع الماضي رغبة ادارة الرئيس جورج بوش في فتح أكبر عدد من الأسواق العربية أمام الشركات الأميركية قبل انتهاء ولايتها واستعادة حصة أميركا في واردات الشرق الأوسط التي سجلت في الأعوام الثلاثة الأخيرة من انتعاش أسعار النفط أسرع نمو لها منذ السبعينات وبلغ حجمها الاجمالي نحو 260 بليون دولار. وذكر مكتب الممثل التجاري في واشنطن في بيان أن زوليك، الذي قام بجولته في الفترة من 13 الى 15 تشرين الأول اكتوبر، عقد محادثات مع المسؤولين في الامارات وعُمان في شأن"التحديات والفرص المرتبطة بالتفاوض على عقد اتفاق شامل للتبادل التجاري الحر مع الولاياتالمتحدة"، مشيراً الى أن الدولتين العضوتين في مجلس التعاون الخليجي"أبدتا اهتماماً في تعميق علاقاتهما الاقتصادية مع الولاياتالمتحدة سيما عن طريق تحرير التبادل التجاري". وأفادت تصريحات لمسؤولين اماراتيين وعمانيين علاوة على مؤتمر صحافي عقده زوليك في دبي"أن المحادثات تركزت في التحديات"، التي أشار اليها بيان مكتب الممثل التجاري، مثل بند"الوكيل المحلي"في قانون الشركات الذي اعتبره المسؤول الأميركي نوعاً من أنواع"الاحتكار"ومشكلة يتعين العمل على حلها، وان شدد المسؤولون في الجانبين على أن هذه التحديات التي تشمل عدداً من"الأمور العالقة"لن تعيق اطلاق مفاوضات تحرير التبادل التجاري بين أميركا وكل من الامارات وعمان السنة المقبلة. وجاءت جولة زوليك ضمن جهود نشطة بدأتها الادارة الجمهورية في وقت مبكر جداً من ولايتها لفتح أسواق الدول العربية أمام الشركات الأميركية ونجحت حتى الآن في توقيع اتفاقين للتبادل الحر مع المغرب والبحرين واتخاذ خطوات تمهيدية سريعة في هذا الاتجاه من طريق عقد اتفاقات"اطارية"لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية مع الكويت وقطر والسعودية واليمن وتونس والجزائر اضافة الى الامارات وعمان. وتلقت جهود فتح الأسواق العربية دفعة قوية من المبادرة التي أعلنها الرئيس بوش في أيار مايو من العام الماضي في شأن اقامة منطقة تبادل حر بين أميركا ودول الشرق الأوسط الا أنها لا تبدو مهددة بشكل خطير من احتمال قدوم ادارة ديموقراطية يقودها المرشح الرئاسي جون كيري سيما بعدما أصدرت لجنة الكونغرس المكلفة مهمة التحقيق في هجمات 11 أيلول سبتمبر توصية صريحة بتعزيز العلاقات التجارية بين الولاياتالمتحدة ودول المنطقة. وكان كيري وعد الناخبين باعادة النظر في كل اتفاقات التبادل الحر المبرمة بين الولاياتالمتحدة ودول العالم لضمان"ألا يكون فتح السوق الأميركية سبباً لخسارة الوظائف"وان اعتبر اتفاق التبادل الحر الذي وقعه الرئيس الديموقراطي السابق بيل كلنتون مع العاهل الأردني عبد الله الثاني أواخر عام ألفين، وكان أول اتفاق من نوعه تعقده أميركا مع دولة عربية، مثالاً للاتفاقات التي تضمن ألا تكون التجارة على حساب حقوق العمال وقوانين حماية البيئة. ويبدو مع ذلك أن الأسباب التي دفعت ادارة الرئيس بوش الى تكثيف جهود فتح الأسواق العربية، سيما المنافسة الأوروبية والآسيوية، ربما تضمن استمرار هذه الجهود في حال انتقلت الادارة الى الديموقراطيين اذ كشف تقرير أعدته مؤسسة الدراسات الاقتصادية"غلوبال انسايت"أن حصة أميركا في واردات الشرق الأوسط تراجعت في الأعوام القليلة الماضية على رغم الانخفاض الحاد الذي سجلته أسعار صرف الدولار ومعها أسعار المنتجات الأميركية. وطبقا للتقرير ازدادت القيمة الاجمالية لواردات الشرق الأوسط بنسبة 62 في المئة في الفترة من 1998 الى 2003 لتصل الى 258 بليون دولار وارتفعت قيمة الصادرات الأميركية الى المنطقة في الفترة نفسها الى 24.2 بليون دولار مسجلة زيادة بنسبة 18 في المئة وقفزت قيمة صادرات فرنسا وألمانيا مجتمعة الى 36.6 بليون دولار مسجلة زيادة بنسبة 78 في المئة وكذلك ارتفعت صادرات اليابان والصين بنسبتي 32 في المئة و388 في المئة على التوالي. وترتب على التباين الحاد المرصود في معدلات نمو الصادرات الأوروبية والأميركية الى الشرق الأوسط أن عززت فرنسا وألمانيا حصتهما المشتركة في واردات المنطقة من 12.9 في المئة عام 1998 الى 14.2 في المئة سنة 2003 بينما انخفضت حصة أميركا في الفترة ذاتها من 12.8 الى 9.3 في المئة. وبالمقارنة مع الأعوام القليلة الماضية ارتفعت قيمة الصادرات الأميركية الى الشرق الأوسط في فترة التسعينات، التي بدأت جمهورية وانتهت ديموقراطية، بنسبة 78 في المئة.