الكتاب: المسيح عند اليهود والنصارى والمسلمين الكاتب: د. عبدالمنعم جبري الناشر: دار الأوائل، دمشق 2005 يبحث الكتاب بعقائد النصارى واليهود من خلال العهد القديم، والأناجيل المعتمدة لدى المرجعيات الكنسية، وقد اعتمد الباحث على التلمود والأسفار والأناجيل، ليعرّف بكل طائفة من طوائفهم ومرجعياتهم وأناجيلهم، قديماً وحديثاً، مبيناً معنى المسيح في القواميس اللغوية، العبرية والعربية والمعاجم اللاهوتية، ومعرفاً في الوقت ذاته بالمذاهب النصرانية القديمة كالبيلاجوسية والنسطورية والملكية واليعقوبية والكاثوليكية، مروراً بالمارونية والارثوذكسية، ثم البروتستانتية وشهود يهوه، وحاول أن يثبت أنه منذ غياب المسيح، أخذ اليهود يخترعون الآلهة لأمم المسيح. الكتاب الذي نعرض له هو بمثابة بانوراما تفصيلية تحليلية لما يعنيه المسيح عند اليهود والنصارى والمسلمين. في مقدمة بحثه يؤكد الكاتب، أن صفحات الكتاب ما هي إلا جلاء صفحة وضاءة من تاريخ العقيدة السماوية في اليهودية والنصرانية والإسلامية، بحقيقة أصولية بيانية محللة من منطق عقلي مسهب معالج، من تراث ما كتب بكل دقة في كل طائفة، في حقيقة السيد المسيح عيسى الرسول والذات الإلهية. وينتقل الباحث ليشير الى انه لا يوجد في تاريخ اليهود الديني ولا في كتبهم أي ذكر لعيسى بن مريم، ولا لدعوته، ولا لأحداث القبض عليه وصلبه... لاتهامه بالتجديف، لقوله:"ان له الحق نفسه، الذي لله في القيام بالأعمال المتساوية في القداسة، وله صفات الأب نفسه الذي في السماء، وإن الله أبوه، معادلاً نفسه بالله". وفي سفر سنهدرين وبالتحديد في الفصل الحادي عشر منه، وردت عبارة المسيح:"بار نافلة":"أي"ابن الساقطة"، على رغم ان اكثرية الشارحين يميلون الى القول: ان المقصود: هو ابن القوم: نسبة الى اسرائيل، وبالنسبة الى كلمة يسوع:"جيشو": تعني: المنقذ أو المخلص، فإن هذه الكلمة قلما تظهر في الكتب التلمودية، وهي تختصر دائماً وتقريباً باسم: يشو: الذي اقتبس بحقد من تكرير الأحرف الأولى للكلمات الثلاث: أي"أي ? شي ? شيمو"... ويذكرون: أي، فيزول اسمه، ويصبح بيشو: من دون عين. ويرى اتباع التلمود في المسيح انه الرجل الكاذب والمعين والنجار وابن الحطاب والرجل الذي شنق، فضلاً عن انه الابن غير الشرعي والمشعوذ. ويذهب أتباع التلمود الى أبعد من ذلك ، بحسب الباحث ، حين يدعون أن يسوع ومحمداً الرسولين عليهما الصلاة والسلام مدفونان في جهنم. وينتقل الباحث الى شرح معنى المسيح النبي عند الاسلام والمسلمين، حيث يرون فيه النبي شخصية لها وجودها الذاتي، تستمد من الله العون، وتخضع لمشيئته في كل ما أراد، وهو رسول الفضيلة والصفاء والاخلاص والصدق والسلام، المبشر لجميع الرسالات، وضع في الكون الأرضي كآدم، بوضع خاص آدمي وعام، له ماهية سماوية إعجازية وأرضية عقائدية بين الخلق وأصحاب الديانات اليهودية والاسلامية والنصرانية، والمسيح عيسى رجل مبارك، كثير الخير والسفر في رضاء الله تعالى، صاحب نسك، عالم عابد وزاهد، وعارف بالطب، يبرئ الأكمه والأبرص والأعمى ويحيي الموتى بإذن الله، وهو الوديع الرقيق ذو الرأفة والمحبة والسلام. ويشير الباحث الى ان المسيح عيسى عليه السلام عند النصارى انما هو: الإله المولود من الروح الإلهية، ثم تجسد، وصلب كفّارة للخطيئة عن العالم البشري، ثم قبر اتعاظاً للخليقة، ومن ثم قام للإعلام عن يوم الحساب والمحاسبة."الله الأب، والله الابن، والله روح القدس، فإلى الأب ينتمي الخلق بواسطة الابن، والى الابن الفداء، والى الروح التطهير". الكتاب الذي عرضنا له جدير بالقراءة والتمحيص، لما فيه من اشكاليات ومواقف متعددة من المسيح عليه السلام في الأديان السماوية الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، وباستطاعة الباحثين المتخصصين في مقارنة الأديان تفنيد ما جاء في فصول الكتاب أكثر من غيرهم، لكن مع الأخذ في الاعتبار المواقف المسبقة تبعاً للخلفية العقائدية لكل باحث من الباحثين. كاتب فلسطيني - دمشق.