} التعريف بالاسلام وبعلاقته بالمسيحية، موضوع يتعاظم الاهتمام به في الأوساط الثقافية الغربية، وربما يأتي في هذا الاطار صدور كتاب أعده لويد ريدغون في عنوان "التأويلات الاسلامية للمسيحية" Islamic Interpretations of Christianity ونشرته أواخر العام الماضي دار كورزون للنشر في بريطانيا. ينصبّ اهتمام البحاثة، المشاركين والمشاركات في الكتاب، على دراسة الاسلام من داخل تراثه الديني - الأدبي، والى اقامة الحوار المسيحي - الاسلامي والعمل على استمراريته، وايجاد الطرق المناسبة والمجدية للتعامل مع الاسلام الأوروبي والاسلام العالمي. معظم المشاركين هم من مدرسي الدراسات الاسلامية في الجامعات البريطانية والاميركية. فنيل روبنسون مثلاً أستاذ الدراسات الاسلامية في جامعة ويلز، بينما يحاضر فيليب لويس في دائرة اللاهوت والدراسات الدينية في جامعة ليدز وقد رعى Runnymede Trust's inquiry التي نتج منها إصدار تقرير "الإسلاموفوبيا الخوف من الاسلام: التحدي الأكبر للجميع". والأستاذة جاين ماكّولف متخصصة في الدراسات القرآنية بالذات، وهي عميدة كلية الآداب في جامعة جورج تاون وتشرف حالياً على إصدار موسوعة القرآن التي صدر أول مجلداتها عن "بريل" قبل شهور. وهؤلاء الأساتذة ناشطون في كنائسهم، خدم مارستون سبايت الكنيسة في ثلاث دول شمال افريقية لمدة ثمان وعشرين عاماً، وقد أسسوا مجالس للحوار المسيحي - الاسلامي، وكانوا فاعلين في قطاعها. اجتهاد هذه المجموعة من الأساتذة في تقديم دراسات حول مواقف الاسلام من المسيحية له أهميته القصوى، خصوصاً ان الدراسات صدرت قبل إسقاط برجَي مبنى التجارة العالمية في نيويورك ومبنى البنتاغون في واشنطن، ما يدل الى أن هموم النظرة الدينية لدينا، وخلطها بخيبات الأمل السياسية والتنموية، صارت تؤخذ بالاعتبار من علماء دين في الغرب. قدّم دافيد مارشيل دراسة عن "المسيحية في القرآن"، ومارستون سبايت دراسة عن "المسيحية في الحديث"، وقدمت جاين ماكولف فصلاً عن "المسيحيين في التفسير الفقهي". ولم يقتصر المساهمون على دراسة الحقبة الكلاسيكية فقد شارك نيل روبنسون في دراسة عن "موقف سيد قطب من المسيحية: تفسيره لآيات سورة التوبة"، ودرست كايت زبيري "قدرة المسلمين على فهم المسيحية والغرب"، كما درس فيليب لويس "صورة المسيحية في المؤسسات البريطانية الاسلامية". ونلاحظ ان المشاركين يسعون الى فهم أكبر للمسلمين، الذين باتوا يشكلون وجوداً يجب التعامل معه، داخل أوروبا وخارجها. مقالة ديفيد مارشيل عن "المسيحية في القرآن" يتبع كاتبها في قراءته للنصوص القرآنية منهجية لا تقتصر إفادتها على المثقف المسيحي بل تفيد المسلمين والمسلمات من غير الملمين بقواعد قراءة النصوص الدينية القديمة. يباشر مارشيل موضوع "المسيحية في القرآن" بدراسة الآيات المكية في محاور ثلاثة: "المسيح ومريم عليهما السلام"، "الكتاب المقدس"، و"النصارى"، ثم يكرر دراسة الآيات المدنية تحت المحاور عينها. يقول مارشيل، إن هناك محاور أخرى قد تدرس مثل العقائد التثليث أو الشعائر النسك، لكن هذه المواضيع التي اختارها تقدم اطاراً معقولاً لفهم المادة القرآنية ونظرتها الى المسيحية. ويركز مارشيل في محور "المسيح ومريم عليهما السلام" على القصص القرآنية وذكرها أنبياء العهدين القديم والجديد، ويذكر ان القصص هذه تعكس ظروف دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في مكة واستجابة أهل مكة له. ويقول: إن محور القصص واحد، كل نبيٍّ من الأنبياء المذكورين يُرسله الله ليُنذر قومه، ويُرفَض. لكن سرعان ما يتبدّل الموقف بنصرة الله للنبيّ وعقاب الذين لا يؤمنون. إذاً، تخدم قصص هؤلاء الأنبياء كمثال أو نموذج للرسول محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، وتشجع أنصار الرسول، وتشدّ أزرهم في محنتهم. لكن السور المكية، التي يُذكر فيها كثير من الرسل والأنبياء من طريق تعداد قصصهم، لا نرى لعيسى ابن مريم فيها ذكراً، ذلك انه لم يكن قد شكل مثالاً يتطلع اليه الرسول محمد صلى الله عليه وسلمّ في هذه المرحلة". أما قصة مريم في "سورة مريم" فتركّز على حد قول مارشيل على مريم اكثر منها على المسيح عليه السلام. وكما لم يرد لعيسى عليه السلام ذكرٌ في الآيات المكية فكذلك ليس هناك للانجيل في هذه الآيات ذِكر. أما بالنسبة الى "أهل الكتاب"، أي "اليهود والنصارى"، فذكرهم ودّي في شكل منتظم. هناك تعاطف مع "النصارى" المؤمنين والمضطهدين، كما يرد في مقتل مسيحيي نجران على أيدي أصحاب الأخدود القرآن الكريم 85: 4-8 وفي "أهل الكهف" القران الكريم 85: 9-26 كذلك مع الروم في حروبهم ضد الفرس القرآن الكريم 30: 2-5، وتعتمد الآيات المكية في ما يبدو افتراضاً نظرياً لما يجب أن يكون عليه "النصارى" وماذا يُنتظر منهم ص 9. ويأتي القرآن الكريم على ذكر الخلافات الواقعة بين "النصارى" القرآن الكريم 23: 52-3، 21: 92-3، 65:43 حتى في المرحلة حين لم يكن الاحتكاك المباشر بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم و"النصارى" قد حصل. فالانقسامات المسيحية العقائدية والسياسية والمعروفة آنذاك بحدتها بين الفِرق المسيحية المختلفة الملكانيون، المونوفيزيون، والنساطرة، كان لها صدى في القرآن الكريم أيضاً ص 10. ويعيد مارشيل دراسة المحاور نفسها: "عيسى ومريم"، و"الكتاب المقدس"، و"المسيحيون" في الآيات المدنية. ويقسم هذه الآيات طبقاً لثلاث مراحل، حيث في الأولى، لا يأتي القرآن على ذكر ل"النصارى" إلا قليلاً، ثم في الثانية، حين يُذكرون، يأتي ذلك ضمن الجدل القائم ضد يهود يثرب. أما في المرحلة الثالثة فيظهر الجدل في نقد العقائد المسيحية مما يدل الى أن اتصالاً مباشراً بين الرسول و"النصارى" قد تمّ في هذه الفترة الأخيرة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. وينتبه مارشيل دائماً الى المخاطَب. فحين يذكر القرآن الكريم عيسى ومريم "ليس بالضروري أن المخاطَب هم "النصارى" بل بعض هذه الآيات أوحيت أصلاً بسبب صراع الرسول مع يهود يثرب. هناك بعض الذكر لعيسى، ابن مريم، وأمه في سورة البقرة الفترة الزمنية: بين الهجرة ومعركة بدر عام 624. ويستنتج مارشيل انه حتى هذه المرحلة لم يشكل عيسى نموذجاً للرسول أو شخصية تدور حولها الحوارات. أما في المرحلة الثانية فهناك اهتمام اكثر بهما 3/33-58 ومن المستحسن أن تفهم الآيات هنا ضمن علاقة الرسول مع يهود يثرب بعد معركة بدر. فطفولة مريم، وعبادتها، واصطفاؤها على نساء العالمين تقرأ ضمن التهجم على اليهود لافترائهم على مريم واتهامها بالبهتان. الفكرة الرئيسة الموتيف هي "قتل اليهود للأنبياء والمرسلين قبل محمد خصوصاً سورة آل عمران باستمرار": فليس من المستبعد في إطار عداوة اليهود لمحمد، أن يكون ذكر ولادَتي مريم ويحيى، ورد أصلاً للتذكير بعباد الله الأولين الذين رفضهم اليهود. لكن هؤلاء السابقين لمحمد صلى الله عليه وسلم مكرّمون عند الله. فتأتي في هذا الجو آية البشارة بولادة عيسى لتنتهي بمقولة أن المسيح ابن مريم، "وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين" 3/45. تركز الروايات الروايات أو الآيات التي تأتي على ذكر عيسى، ابن مريم، على الآتي: "دوره كرسول الى بني اسرائيل"، يفعل الآيات العجائبية التي تأتيه من الله، يؤكد التوراة، ويحلل ما كان من قبل محرماً على بني اسرائيل. أما رد فعل الحواريين، الذين آمنوا بعيسى، فهو شبيه برد فعل صحابة الرسول تجاهه، وكذلك رد فعل الذين كفروا بعيسى وحاولوا قتله شبيه بفعل الذين كفروا بالرسول وحاولوا قتله. فصورة عيسى عليه السلام مثل صورة محمد صلى الله عليه وسلم تمثله مبعوثاً من الله لقومه، والموازاة هذه واضحة بين الرسول وعيسى، خصوصاً في سؤال "من أنصاري الى الله" 3/52. وحين يبدأ انتقاد معتقدات المسيحيين في المرحلة الثالثة من الفترة المدنية ينصحنا مارشيل ألا نفصل فصلاً زمنياً قاطعاً بين مرحلة وأخرى، لأن المراحل هذه تتطابق أو تتشابك جزئياً في تغيير القضايا بالنسبة لمحمد صلى الله عليه وسلم وكذلك في تبدّل الجمهور: فهناك صورة جديدة لعيسى، ابن مريم، وامه تحولهما من نموذجين يتطلع اليهما محمد صلى الله عليه وسلم الى شخصيتين يدور حولهما جدل عقائدي. فقد حصل في الفترة الأخيرة من حياة الرسول في المدينة تغير في سلوك النبي صلى الله عليه وسلم تجاه "النصارى" والمسيحية يوازي الى حد ما تطورات رؤية اليهود في المرحلة المدنية الثالثة. وقد ظهر هذا السلوك لأسباب لاهوتية، وبسبب الصراع السياسي والعسكري، خصوصاً مع قبائل الشمال المسيحية. فظهر في صميم الإشكال اللاهوتي هذا الخلاف حول طبيعة المسيح والى حد أقل حول طبيعة مريم. فإذا كان عيسى ولد من أم عذراء، وله معجزات، وصعد الى السماء من دون موت، فهناك إصرار على بشرية عيسى، وتكرار ان عيسى، من دون اي التباس، مخلوق، ويتوجه مارشيل الى القرّاء المسيحيين ليؤكد: "يجب ألا نتسرع بفهم الألقاب التي نسبت الى عيسى، والتي وردت قبلها في العهد الجديد، فألقاب مثل "كلمة الله"، لم ترد بنفس المفهوم المسيحي له. فعيسى ابن مريم هو: عبدالله 4/172 و19/30، خلق من تراب 3/59، عيسى وأمه كانا يأكلان الطعام 5/75، إنكاره على الذين اتخذوه وأمه إلهين 5/116، لا تقولوا ثلاثة 4/171. يقول مارشيل ان تكرار آية "لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح بن مريم..." ليست ضد الصيغة المسيحية لعقيدة التثليث، فهي تفهم التثليث على انه عبادة الروح القدس وعبادة عيسى، ابن مريم، وعبادة مريم. وهذه صيغة كما فهمها المسلمون آنذاك لا كما هو التثليث في المسيحية اليوم. لذلك يشير مارشيل بأن هذه الآيات القرآنية يجب ألا تؤخذ انها معادية للمسيحيين ذلك انها لا تهاجم عقيدة المسيحية الارثوذكسية انما تهاجم نوعاً من المسيحية المنحرفة، والمنقرضة اليوم. ويؤكد القرآن الكريم ان الكتب المقدسة سابقة له ومبشرة به، ليس فقط في مادتها، لكن في طريقة ايحائها. لذلك كما نُزّل القرآن على محمد بالحق مصدقاً لما بين يديه فقد أنزل التوراة والانجيل لا الأناجيل من قبل هدى للناس 3:3. وقد علّم الله عيسى الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل 3/48، وأمر الذين أوتوا الكتاب ان يؤمنوا بما نزّل الله مصدّقاً لما معهم 5/44-50، وهذا الايمان بتعددية الكتب التي أوحى بها الله قد أقرّ حرية المعتقد، وإن الله لو شاء "لجعلنا أمة واحدة". لا يذكر القرآن الكريم محتويات الانجيل والتوراة، لكنه يشبّه المؤمنين "كزرع أخرج شطأه" ويقول إن هذه الصور وردت في التوراة والانجيل 48/29. ويعِد القرآن المؤمنين من الذين قاتلوا في سبيل الله بالجنة، ويؤكد ان هذا الوعد حقّ في التوراة والانجيل والقرآن 9/111. ويشير مارشيل الى أن القضية المطروحة في هذه الفترة هي الآتي: إذ يعترف القرآن الكريم بأسبقية كتب ابراهيم وموسى وداود وعيسى، فلماذا إذاً لا يعترف اليهود والمسيحيون، من الذين يقرأون الكتب، بنبوة محمد؟ لذلك هناك هجوم على الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب 2/174 و2/159، ويُطلب من اليهود والنصارى إقامة التوراة والانجيل وما أنزل اليهم من ربهم 5/68،66، ويُتّهم بعض أهل الكتاب "بتحريف الكلم" و"القول على الله الكذب" 4/46 و3/78 وأنهم أوتوا نصيباً من الكتاب 4/51،44 "ونسوا حظاً مما ذكّروا به" 5/13. ويخلص مارشيل الى نتيجة أن موضوع الكتب المقدسة شكّل في تلك المرحلة، وباستمرار، عدم ارتياح. من الوجهة الأخرى، يُنتقد المسيحيون في القرآن الكريم لآرائهم في عيسى ولتحريفهم الإنجيل ولعدم استجابتهم رسالته الحقيقية. ولأنهم "يظنون أنهم وحدهم داخلون الجنة"، ويدّعون أنهم "أبناء الله وأحباؤه" 5/18. وارتبط المسيحيون بالانقسامات في ما بينهم 5/14 وبالتخاصم بينهم وبين اليهود 2/113. ويعارضون الرسالة التي أتى بها محمد ويسعون الى "إطفاء نور الله بأفواههم" 9/32. ويرى القرآن ان بعض عقائد المسيحيين وأعمالهم كفر وشرك 9/29-31 و5/72-3 وهذه مفردات عادة ترتبط بالوثنيين. ويرى القرآن الرهبانية "ابتدعوها وما كتبت عليهم" 57/27 وأن النصارى "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ارباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً" 9/31. وأن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل... ويكنزون الذهب والفضة..." 9/35. ومن الناحية العملية على الذين آمنوا "ألا يتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض" 5/ 51. لكن، يقول مارشيل: هناك إعجاب بالنسك المسيحي 3/113-15، 22/40، 5/82 وأن الذين اتبعوا عيسى ابن مريم في قلوبهم رأفة ورحمة. وصورة المسيحيين أكثر إشراقاً من صورة اليهود وأن الله "جاعلهم فوق الذين كفروا" 3/55. كيف نفهم المادة التي تخص "النصارى" في القرآن الكريم، هذه المادة التي تصوّرهم سلبياً وايجابياً جنباً الى جنب؟ يقدم ديفيد مارشيل اقتراحات للاجابة من طرق متعددة وهي: ان نفترض وجود تيارات لاهوتية مسيحية متعددة في الجزيرة أسفرت عن ردود فعل متعددة من قبل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. لذلك نرى "النصارى" موضعاً للثناء حيناً وموضعاً للنقد أحياناً أخرى الرأي لفضل الرحمان. لكن صعوبة إعادة تعريف هوية فرق "النصارى" الذين خوطبوا في القرآن، تبقي هذا الفهم على فرضيته المقولة لمارشيل. ويرى واردونبرغ أن هناك تغيراً جذرياً في علاقة محمد صلى الله عليه وسلم بالمسيحية و"النصارى" في الفترة الأخيرة من المرحلة المدنية. لكن مارشيل يرى صعوبة في تحديد جميع الآيات الايجابية على أنها من المرحلة المدنية المبكرة وجميع الآيات السلبية على أنها من المرحلة المدنية المتأخرة. ومع أن هناك نزوعاً عاماً، من القول الايجابي الى القول السلبي، فمن المستحسن ان نفكر بمواقف متغايرة تتشابك أو تتداخل الى حدٍ ما التشديد لمارشيل. لاحظنا ان المسيحيين يخاطبون في القرآن الكريم باستمرار باسم "النصارى" أو "أهل الكتاب". وعلمنا أننا في ضآلة المصادر الأدبية للاسلام المبكّر وضآلة المصادر الأدبية المسيحية في محيط الجزيرة، لا نستطيع أن نعرّف هوية "النصارى". لذلك قد يلتقي هؤلاء النصارى، في بعض معتقداتهم، مع مسيحيي اليوم وقد لا يلتقون. أما منهجية مارشيل فهي تتبع طريقين للفهم المعقول لبنية الآيات القرآنية: فهو يفصل الآيات المكية عن الآيات المدنية ويقدم لكل واحدة منهما تسلسلها الزمني في سياق الأحداث التي ارتبطت بحياة الرسول ودعوته. وثانياً يتلمس أجواء وقع الآيات الكريمة على الجمهور الذي يخاطبه الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي تحدد هوية المتلقي كما رأينا في أجواء الروايات أو القصص القرآنية. هناك ملاحظتان لا يصح تجاوزهما مع كل الايجابية التي أتت بها دراسة مارشيل: ان مارشيل ككثير من العلماء المسيحيين والمسلمين لا يلتفت الى المكانة المميزة التي خصصت لمريم عليها السلام مما يجعل هذه الدراسة ناقصة. فإذا افترضنا أن هناك خلافات لاهوتية حول مكانة عيسى، ابن مريم، فكيف نقلل من شأن مكانة مريم التي ما كانت موضعاً لمثل هذه الخلافات. بل على العكس يخصص لمريم عليها السلام مكانة لا نجدها خصصت لغيرها من النساء كأمهات المؤمنين، أي نساء الرسول صلى الله عليه وسلم. فهذه المرأة اليهودية بمنشئها والمسيحية بأمومتها هي في القرآن الكريم "مصطفاة على نساء العالمين". وأخيراً فقد أردنا من وراء هذا العرض، ذكر مثل على الاهتمامات الأكاديمية المعاصرة بالقرآن وبالاسلام، وهي اهتمامات، فضلاً عن تقدمها المنهجي والمعرفي، مفيدة في التواصل بين الأديان والثقافات. * باحثة لبنانية.