لا يزال الإعلاميون الجزائريون في حال من الذهول بعدما دخل الأربعاء الماضي قيادي من"الجماعة السلفية للدعوة للقتال"الى مبنى"دار الصحافة"وسط العاصمة، والذي تتخذه غالبية الصحف الخاصة مقرا لها، ليسلم احد الصحافيين بيان"براءة وتكذيب"وقعه"أمير"التنظيم حسان حطاب"أبو حمزة". وفي العادة ترسل قيادة الجماعات الإسلامية المسلحة بياناتها الى الصحف عبر الفاكس أوتوزعها عبر الإنترنت. ولم يسبق يوما، طيلة فترة المواجهات المسلحة منذ اندلاع العنف العام 1992، أن قام عنصر من"الجماعة"بتسليم بيانات مباشرة إلى الصحافيين. ومما زاد في ذهول الصحافيين ازاء هذه السابقة هو كون وسط العاصمة الجزائرية يشهد منذ أيام تشديد الإجراءات الأمنية عبر اقامة أعداد كبيرة من"حواجز المراقبة"لرصد عناصر الجماعات المسلحة. ولا يبعد احد هذه الحواجز سوى أمتار قليلة عن مبنى"دار الصحافة"الذي يخضع في صورة دائمة لإجراءات أمنية شديدة، بينها كاميرات حديثة ترصد كل حركة. وأبلغ موفد حطاب عاملين في إحدى الصحف أنه يحمل ردا من"الجماعة السلفية"على بيان أصدره عبدالمالك دردقال أبو مصعب عبدالودود باسم التنظيم المسلح، قبل أسبوع، رفض فيه مبادرة العفو الشامل والمصالحة الوطنية، معلنا ان حطاب المؤيد للمبادرة أدرج في"السجل الأسود". وبدا الموفد متماسكا وهادئا، وفي مظهر أنيق. وتكلم بلغة الواثق من نفسه، معلنا انه جاء لممارسة"حق الرد"على"ابو مصعب". وقال متحدثاً إلى الحاجب:"أنا أحمل ردا توضيحيا من أمير الجماعة السلفية للدعوة والقتال. وعليه ختم رسمي، وأتمنى أن يتم نشره غدا". ووصف البيان خصوم حطاب بانهم"شرذمة الجماعة الإسلامية المسلحة التي ترفض فتاوى العلماء". وتباينت التعليقات على الحادثة في وسط الصحافيين. فاعتبرها بعضهم انها"نوع جديد من الديموقراطية"تكفل حتى لعناصر الجماعات الإسلامية المسلحة استعمال حقهم في الرد على المقالات التي تنشر في الصحف، وهو سلوك لم يسبق أن شهدته الجزائر منذ إقرار التعددية السياسية والإعلامية العام 1989. في حين اعتبر آخرون الحادث انه"مؤشر"كاف على حال الوضع الأمني اذ لا يزال في مقدور عناصر الجماعات التسلل إلى النقطة التي يريدونها من دون أن تخيفهم حواجز الرقابة الأمنية مهما تكثفت. لكن مراقبين اعربوا عن الاعتقاد بان مبادرة موفد"الجماعة"إلى زيارة"دار الصحافة"مؤشر كاف إلى وجود توافق بين قيادة"الجماعة السلفية"مع مصالح الأمن على توفير الشروط الضرورية لإنجاح مسعى العفو الشامل والمصالحة الوطنية الذي يشكل أهم أولوية للسلطات الجزائرية حاليا.