أفادت مصادر متطابقة أن السلطات الجزائرية تعد لمبادرة شاملة تهدف إلى تمكين عدد كبير من الجزائريين الذين صدرت عليهم أحكام امام المحاكم من العودة إلى بلدهم، في اطار قانون "العفو الشامل"، الذي يرجح أن يحال على الاستفتاء الشعبي قبل نهاية السنة المقبلة. وذكر مصدر موثوق به ل"الحياة" أن المبادرة تشمل عدداً كبيراً من الوجوه السياسية "الإنقاذية" وعددا من اعضاء الجماعات الإسلامية المسلحة المقيمين في الخارج من الذين لم يتورطوا في أعمال عنف أو شبكات تستهدف بلدان الإقامة أو أي بلد أجنبي. وبموجب المبادرة سيتمكن نحو خمسة آلاف جزائري من اصحاب الملفات الأمنية أو القضائية من الحصول على حق العودة من دون ملاحقات. وتؤكد المعلومات أن مبادرة "العفو الشامل" تقتصر في الوقت الراهن على تحديث البطاقات القنصلية والتعرف على جميع الذين يمكن أن تتناولهم هذه المبادرة التي تراهن عليها السلطات لوضع حد نهائي للأزمة السياسية التي عرفتها الجزائر العام 1992، والتي تسببت في أزمة أمنية خلفت بحسب تقديرات رسمية أكثر من مئة ألف قتيل وخسائر تجاوزت 20 بليون دولار أميركي. ووذكرت المعلومات ان الجزائريين الذين تورطوا في أعمال عنف أو دعم "شبكات إرهابية"، يستفيدون من مبادرة "العفو الشامل" بعد تسوية وضعهم مع السلطات القضائية في الدول التي يجري فيها البحث عنهم. واوضحت المصادر أن بريطانيا وهولندا والسويد وماليزيا وإسبانيا من أبرز الدول التي يجري العمل فيها لإنجاح هذه المبادرة التي يحرص الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة على إعطائها طابعاً سياسياً وإعلامياً واسعاً. وتعتبر أوساط جزائرية في اسبانيا أن حصول بوتفليقة على "الضوء الأخضر" من الشعب الجزائري، عبر استفتاء، لإصدار العفو الشامل "سيضع الجزائر على سكة أكثر أمناً". وتوقعت أن يؤثر ذلك "بشكل إيجابي" على ما تبقى من عناصر الجماعات الإسلامية المسلحة التي لا تزال تمارس العنف. وتشير تقديرات رسمية إلى أن عدد نشطاء الجماعات الإسلامية المسلحة تقلص خلال الشهور الأخيرة إلى نحو 500 عنصر مسلح، غالبيتهم تنشط تحت لواء "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي يقودها عبدالمالك دردقال أبو مصعب عبدالودود الذي يتحصن في منطقة سيد علي بوناب على الحدود بين ولايتي بومرداس وتيزي وزو.وأشارت المصادر الى أن السلطات "المختصة" تقوم، منذ أسابيع، باتصالات مع وجوه بارزة في "الجماعة السلفية" لتمكينهم من عفو كلي عن العقوبات، في مقابل التخلي عن العمل المسلح ودعم مسعى السلطات في إقناع المسلحين بجدوى العدول عن رفع السلاح ضد السلطات. وفي حين تم التكتم عن أسماء المسلحين الذين تشملهم هذه الاتصالات عبر بعض أفراد عائلاتهم تمت الإشارة إلى أن بعضهم يعتبر "مرجعية كبيرة" داخل "الجماعة السلفية". ويعتقد بان المبادرة تندرج ضمن مسعى جديد لتهيئة الرأي العام لقبول مبادرة "العفو الشامل". وكان بوتفليقة اعلن، في كلمة أمام اعضاء البرلمان الجزائري مطلع الشهر الماضي، أنه يؤيد العفو الشامل، لكنه رهن إصدار قانون في هذا الشأن بحصوله على دعم كامل من الشعب الجزائري عبر استفتاء.