ينذر سير المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية حول القضايا التي سبق ان تم الاتفاق عليها في تفاهمات شرم الشيخ بعملية مماطلة مضنية من جانب الحكومة الاسرائيلية حتى في القضايا الثانوية، وفقا لما أشارت اليه تصريحات المسؤولين الاسرائيليين في شأن الانسحاب الاسرائيلي الكامل من أريحا، المدينة الفلسطينية الاكثر هدوءاً والتي يعزلها عن باقي الضفة الغربية خندق حولها من جميع الجهات. يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي الى طرح"صفقة"على اعضاء حكومته من المعارضين لاخلاء المستوطنات اليهودية في قطاع غزة تقضي بإقرار الحكومة الاسرائيلية في جلستها الاسبوعية الاحد المقبل مسار الجدار الفاصل في منطقة التجمع الاستيطاني"غوش عتصيون"شمال بيت لحم مقابل مصادقة الحكومة على خطة الاخلاء، رامياً بذلك"عصفورين بحجر واحد"، كما يرى: تخفيف حدة الضغوط والانتقادات الداخلية ومساومة المجتمع الدولي في شأن الجدار الذي دانته محكمة العدل الدولية واكدت"عدم شرعيته". على نحو مفاجئ، أرجأت اسرائيل اطلاق نحو 500 اسير فلسطيني اختارتهم الحكومة الاسرائيلية نفسها وفقاً ل"معاييرها"الخاصة من سجونها الى الاسبوع المقبل من دون توضيح اسباب هذا التأجيل. كما اصطدمت"التفاهمات"التي اتفق عليها المسؤولون الفلسطينيون والاسرائيليون في شأن الانسحاب الاسرائيلي المتدرج من مناطق فلسطينية ابتداء بمدينة أريحا التي كان من المقرر ان تزيل قوات الاحتلال الاسرائيلي الحواجز المحيطة بها امس الثلثاء. وفوجئ الوفد الامني الفلسطيني خلال اجتماع مع ضباط عسكريين اسرائيليين مساء الاثنين برفض الجانب الاسرائيلي الانسحاب من قرية العوجا شمال اريحا وازالة الحاجزين العسكريين الاسرائيليين المنصوبين على مدخلي اريحا الشمالي والجنوبي. وفي اعقاب اجتماع لاحق ضم وزير شؤون المفاوضات صائب عريقات والعقيد محمد دحلان عن الجانب الفلسطيني ومدير مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي دوف فايسغلاس، صرح عريقات بأن الجانب الاسرائيلي وافق على الانسحاب الاسرائيلي من اريحا ومحيطها، مضيفاً ان الفلسطينيين بانتظار"الرد الاسرائيلي"النهائي في هذا الخصوص. غير ان رئيس اركان الجيش الاسرائيلي موشيه يعلون نفى موافقة الجيش الاسرائيلي على ازالة الحواجز العسكرية الاسرائيلية خصوصا الوجود العسكري في قرية العوجا التي تقع على طريق اريحا - بيسان في غور الاردن. وقال يعلون لاعضاء لجة الخارجية والامن البرلمانية الاسرائيلية ان الجيش الاسرائيلي لا يمكن ان يزيل هذا الحاجز، وشن هجوماً على الرئيس الفلسطيني عباس في الجلسة ذاتها، مشيراً الى ان الاخير"يمتنع عن المواجهة مع الفصائل ويفضل اسلوب الاتفاق والحوار. هذه خطوات اولية لسنا راضين عنها ولا تلبي رغبتنا بتفكيك البنية التحتية للارهاب لكنها خطوات ايجابية". واضاف يعلون:"واضح للجيش الاسرائيلي ان ثمة فرصة هنا لكن يتوجب علينا ان نحافظ على المصالح الامنية الاسرائيلية... علينا ان نتابع بحذر كبير وندرس النيات الحقيقية للفلسطينيين". وقال:"لن نكتفي بنشر افراد الشرطة الفلسطينية. يتوجب تنفيذ اعتقالات واجراء تحقيقات ومحاكمات وسجن كل من يتعاطى مع الارهاب". ووجه يعلون ما يشبه"انذاراً"الى الرئيس الفلسطيني قائلاً:"ليس في نيتنا الانتظار شهوراً. على السلطة الفلسطينية معالجة أمر الفصائل المسلحة". من جهته، قال الرئيس الفلسطيني عباس في وقت لاحق الثلثاء:"اعتقد ان المشكلة في طريقها الى الحل لأن الاتفاق تم على اساس الانسحاب من مناطق وليس من مدن وبالتالي تكون المناطق كلها حرة خالية من الحواجز العسكرية". وفي سياق متصل، اكدت مصادر صحافية اسرائيلية ان رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون ينوي طرح"صفقة"على طاولة حكومته الاحد المقبل يسعى من خلالها الى تخفيف ضغط المعارضين لخطته بإخلاء قطاع غزة من المستوطنات من جهة وتخفيف"الانتقادات"الدولية لاسرائيل في شأن الجدار الفاصل الذي تقيمه اسرائيل في عمق الضفة الغربية. واشارت صحيفة"هآرتس"العبرية الى ان شارون سيعرض على الحكومة مسار الجدار الفاصل في المقطع الذي يفصل بين القدس وبيت لحم في منطقة مستوطنات"غوش عتصيون"للمصادقة عليه مقابل موافقة المعارضين من وزرائه على اخلاء المستوطنات اليهودية في قطاع غزة اضافة الى اربع مستوطنات شمال الضفة الغربية. ويضم المقطع المذكور من مسار الجدار الفاصل اربع قرى فلسطينية يقطنها اكثر من 18 الف فلسطيني اضافة الى الاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية. وكان شارون حصل ب"شق الأنفس"على مصادقة حكومته على خطة"فك الارتباط"مشروطة بوجوب التصويت على كل مرحلة من مراحل الانسحاب التي تشملها كل على حدة. وذكرت الصحيفة ان شارون يسعى من خلال طرح هذه"الصفقة"الى تخفيف الضغوط التي يواجهها من جانب بعض اعضاء الحكومة المعارضين لخطة"فك الارتباط"او اولئك الذين يطالبون بإجراء استفتاء شعبي عام في شأن الانسحاب وكذلك لتخفيف الضغط الدولي على اسرائيل في قضية الجدار الذي رفضه المجتمع الدولي، رابطاً الخروج من غزة بإقامة الجدار على حساب أراضي الفلسطينيين في الضفة.