في مطلع العام الحالي، فاجأت جريدة "الحياة" قراءها بالصدور سعودياً في حلة مختلفة نوعياً. وبعد سنوات من اعتيادهم على جريدة عربية دولية، وصلت إلى ايديهم صحيفة سعودية بالكامل، بثمانية واربعين صفحة ملونة، تتمتع بالمزايا التي ألفوها من "الحياة"، في المقالات والصور والافتتاحيات والتحقيقات وغيرها. اكثر من ذلك، صدرت الجريدة عينها، منذ الثالث من كانون الثاني يناير 2005، بثلاث طبعات متجددة في الرياض والدمام وجدة، لتعكس الذائقة المحلية، بهمومها ومعطياتها، لكل مناطق المملكة العربية السعودية. وما ل ايعلمه الجمهور، ان نظاماً تقنياً في المعلوماتية، يتخصص في العمل الصحافي، مكن "الحياة" من انجاز هذه القفزة، في سهولة... نسبية بالطبع. لماذا نسبية؟ لأن التحديات التي يتضمنها التحول من صحيفة عربية-دولية إلى جريدة سعودية محلية، مع الاحتفاظ بالمستوى العربي-الدولي للصحيفة تفوق الوصف. فما بالك باصدار ثلاثة صحف، دفعة واحدة، مع الاحتفاظ بالنسق والمضمون، على مستوى المملكة، من جهة، وكذلك على"القلب" العربي-الدولي المميز لصحيفة "الحياة" عمّا عداها من صحف في الوطن العربي الكبير ومهاجره الواسعة؟ "رابيد براوزر": القلب التقني في القلب من نجاح هذه التجربة، يقف النظام المعلوماتي "رابيد براوزر" Rapid Browser المتخصص في التعامل مع مواد الميديا، والذي تصنعه شركة "نولدج فيو" Knowledge View. ويمكن النظام المحررين من تبادل المقالات, وما يتصل بها من صور وتعليقات ورسوم بيانية وغيرها، عبر خمس نقاط مختلفة في العالم: لندن وبيروت والرياض والدمام وجدة. ويتشارك هؤلاء في ارشيف الكترونا مثبت على خوادم الشبكة الداخلية للجريدة، بفضل تكنولوجيا "رابيد اركايف" Rapid Archive, وتقنية النصوص الالكترونية المترابطة من نوع "تكست ام ال" TEXTML، الذي تصنعه شركة "ايكزيا سوفت" IxiaSoft، ومقرها لندن، التي تمكن من تنسيق مواد اعلامية مختلفة، في الشكل والمصادر، وتجميعها والتعامل معها. ويتمتع النظام بعدد من المزايا التكنولوجية المتقدمة، التي تجعله اداة فضلى في تطوير العمل الصحافي. ومثلاً، يقدر "رابيد براوزر" على تجميع مواد اعلامية عن موضوع معين، من مصادر مختلفة تشمل محطات التلفزة ووكالات الانباء ومواقع الانترنت ومحطات الراديو وقواعد البيانات الالكترونية وغيرها. ويستطيع تجديد تلك المواد لحظة بلحظة. وتجري تلك الامور في صورة انسيابية ومؤتمتة، بحيث يجري تجديد المواد مثلاً، من دون ان يضطر المستخدم إلى تكرار طلب التجديد. وتوصلت مؤسستا "الحياة" و"الوطنية للتوزيع" إلى صوغ هذه المبادرة في الفصل الأخير من العام 2004. وفي زمن قياسي لم يتجاوز العشرة اسابيع، دربت "نولدج فيو" مئة محرر في ثلاث مراكز، على استخدام نظام "رابيد براوزر". شمل الأمر تدريباً على نظام النشر الالكتروني "ان ديزاين" In Design، الذي تصنعه شركة "ادوبي" Adobe. ولأن "رابيد براوزر" يدعم نظام "يونيكود" Unicode وتقنية النصوص المترابطة "اكس ام ال" XML، كان من السهل التكامل بين نظامي "رابيد براوزر" و"ان ديزاين". وفي المقابل، فان بوابة "رابيد براوزر" للعمل على الانترنت، مكنت المحررين من تبادل المواد الصحافية في صورة سلسة. ويرى روبير جريديني، مدير مؤسسة "ام سي جي" MCG الناشرة لجريدة "الحياة"، ان "رابيد براوزر" يمكن المحررين من التقاط المواد الاعلامية المختلفة من مصادر متعددة، فلا يعودوا مضطرين للاعتماد على وكالات الانباء وحدها. وفي المقابل، يشدد عصام الاعسم، مدير شركة "نولدج فيو" على ان الشركة "مستمرة في التزامها تلبية احتياجات الصحافة العربية، باستخدام الخبرة التكنولوجية في تطوير النظم المؤتمتة للعمل الاعلامي، والتي تراكمت خلال السنوات العشرين الماضية". وينبه إلى أن "أهم تطور ادخلته الشركة إلى نظامها "رابيد براوزر" يتمثل في تطوير قدرته على التعامل مع المصادر المختلفة للميديا، ويشمل ذلك الصحف ووكالات الانباء ومحطات التلفزة والراديو ومواقع الانترنت وغيرها من وسائل الاعلام العام". الجدير بالذكر ان شركة "نولدج فيو"، ومركزها لندن، تأسست في العام 1995، للعمل في مجال ادارة الاخبار وتطوير نظم النشر عبر الوسائط الاعلامية المختلفة. وتشمل قائمة عملائها مؤسسات اعلامية عملاقة مثل "الغارديان" و"الاندبندنت" و"واشنطن بوست" و"بي بي سي"، اضافة إلى مؤسسات اعلامية في استراليا واوروبا وجنوب افريقيا. وعلى المستوى العربي، تعمل الشركة مع مؤسسات النشر الكبرى، مثل "الحياة" و"النهار" و"الرياض" و"السفير" وغيرها.