يبدو منطقياً ان تخوض النساء حرباً على جبهة العلم، كجزء من حرب نيل حقوقهن. فلأسباب عدة، باتت صورة العلم اشد قوة في الزمن الراهن، خصوصاً مع التقدم المطرد لثورة المعلوماتية والاتصالات المتطورة. والحال ان جزءاً من الإرث المتبقي من القرن العشرين، يتمثل في السطوة التي يحملها كل من ينجح في الظهور بمظهر المتملك للعلوم الحديثة. ألم ينقضِ جزء كبير من ذلك القرن في الصراع العلمي فضائياً بين الولاياتالمتحدة وما كان يعرف باسم الاتحاد السوفياتي؟ ألم تردد ألسن كثيرة ان انتصار اميركا في الوصول إلى القمر بشرياً قبل السوفيات، مهد لتفوقها عليه لاحقاً؟ الأرجح ان امراً مشابهاً ينطبق على الصراع المديد الذي تخوضه النساء للتخلص من الهيمنة الذكورية المديدة. ويدل الأمر على تنبه النساء إلى ان استيلاء الرجال على العلم وصورته واخيلته، يعتبر من اشد الهيمنات الذكورية خفاء ومخاتلة ومراوغة. لكن يبدو انهن متنبهات دوماً. ويبقين على اهبة الاستعداد للاندفاع، في أي لحظة، وقد أعددن لحرب العلم عدتها المناسبة. قبل ايام، شهرن أسلحتهن كافة، عندما اعلن رئيس جامعة هارفرد، والمستشار السابق لدى الرئيس بيل كلينتون، انه يرى النساء اقل اقتداراً من الرجال في مجال الرياضيات. ثرن. اعترضن. فنّدن تلك الادعاءات التي تنقصها الأدلة. استسلم الرجل سريعاً. اعتذر مرة ثم مراراً. أقر بخطئه. اعترف بأنه لم يفكر كفاية قبل إصدار تلك الجملة التي تفوح باستعلاء ذكوري فاضح. كان ذلك مجرد فصل اخر من صراع النساء ضد هيمنة الرجال. صراع آخر: ليس اولاً ولا اخيراً. في سياق مواز، صدر احصاء مهم اخيراً عن حضور النساء في مجال الكومبيوتر. صدر ذلك الاحصاء عن شركة"انتل"، عملاق صناعة الرقاقات الالكترونية في العالم. وكان قسم"النساء والتكنولوجيا ونمط الحياة"في الشركة اجرى استطلاعاً احصائياً لافتاً عن مدى تملك المرأة للتقنيات الرقمية. شمل الاستطلاع 2500 من البالغين في الولاياتالمتحدة، توزعوا بالتساوي بين الجنسين. وجمعت الآراء عبر موقع الشركة الالكتروني، وبالتعاون مع شركة"هاريس"المتخصصة بالاحصاءات التفاعلية. اظهرت النتائج ان النساء يستخدمن تكنولوجيا الكومبيوتر بكثافة غير مسبوقة. ولاحظ الاستطلاع ان النساء قوة دافعة في توسع انتشار التقنيات الرقمية. وعلقت الخبيرة الأميركية جنفياف بيل على النتائج بأن دعت إلى التعمق في فهم الطرق التي تضع بها النساء الكومبيوتر موضع الاستعمال اليومي، خصوصاً أنهن يستعملنه في اطار عائلي وعاطفي واجتماعي ومعنوي. واعتماداً على نتائج هذا الاستطلاع، اشتق خبراء شركة"انتل"مصطلحاً خاصاً، هو"الاناث المنشغلات بالتكنولوجيا"Technology Involved Female للإشارة إلى النساء اللواتي يبدين اهتماماً بالكومبيوتر. تساوت تقريباً نسبة النساء 58 مع الذكور 56 في ملاحظة اهمية الاستخدام اليومي للبريد الالكتروني. وتقارب مستوى اهتمام النساء بالتعرف إلى المزايا الجديدة للكومبيوتر 62 في المئة مع الرجال 66 في المئة.