لم اتمالك نفسي من الضحك، لأُداري اضطرابي، والقول ان كاميرا شركة "هييوليت باكارد"HP 945 هي خطوة باتجاه تَحَقُّق كابوس فيلم "ماتريكس". وبادلني الضحك مُحدِّثي هيربرت كويتش، نائب رئيس وحدة الطباعة والتصوير في الشرق الاوسط واوروبا الشرقية والوسطى وافريقيا، في الشركة المذكورة الذي التقيته اثناء حضوره معرض الكومبيوتر والمعلوماتية السنوي "جيتكس دبي- 2003". والحال اننا كنا نحاول ان نرسم خطاً في الهواء بين الحقيقة و"ما هو غير حقيقي" في عمل تلك الكاميرا! ما يراه الدماغ ما هو سر الارتباك الذي ادى الى حديث عن فيلم يحذر من سيطرة الوهم التكنولوجي على العالم؟ السبب هو طريقة عمل تلك الكاميرا. فالمعلوم لدى الكثير من محبي الصور، ان الكاميرا لا تستطيع ان تعطي صورة "حقيقية" تماماً عما تصوره. هذا الحديث ليس مجازاً ولا استعارة، بل هو شديد الواقعية. مثلاً، اذا رأيت شخصاً قادماً اليك من اتجاه النافذة او الباب، اي من حيث يدخل الضوء، حاول ان تلتقط صورة له. مهما كانت الكاميرا المستعملة دقيقة فانها ستظهر وجه ذلك الشخص معتماً. السبب في ذلك هو ان كمية الضوء التي تصل الى وجهه قليلة، لانه يعطي ظهره المصدر الضوء. وفي المقابل، فانت ترى وجهه بعينيك اكثر ضياء، ويرجع ذلك الى تدخل الدماغ في ما نراه من الصور. فبعد ان تدخل الصور العين، تصل الى الشبكية ومن هناك، ينقلها عصب العين الى مركز متخصص في مؤخرة المخ. وفي تلك المنطقة، يدخل الدماغ "تعديلات" اخيرة على الصورة. وهكذا، فانه لا ينخدع بالكمية القليلة من الضوء التي تصل الى وجه الشخص الذي تحدثنا عنه ويضيف اليها من عنده ما يجعله مرئياً بوضوح. وهذا امر يتفوق فيه دماغ البشر على كاميرات التصوير كافة. ولكن، لم يعد هذا الكلام صالحاً الان، لان كاميرا 945 HP تقلد هذه الميزة. وعندما توجه عدسة الكاميرا الى اي وجه، او اي شيء، "تفهم" الكاميرا انك تركز عليه. وتفصل الشيء الذي ركزت عليه عن خلفيته. وتضيف اليه ما يلزم من الاضاءة لتوضيح معالمه. ويوافق كويتش على هذا الشرح. ويستدرك بان الكاميرا تحاول تقليد هذا الامر، وليس تقلده تماماً. وكذلك فانه يرى ان الشرح السابق هو تبسيط لعملية معقدة. وطرحت "هييوليت باكارد" كاميراها في "جيتكس" تمهيداً لاطلاقها في العالم العربي، بعدما نزلت الى السوق العالمي في وقت سابق من العام الحالي. والحال انها واحدة من 1580 منتجاً جديداً صنعتها الشركة هذه السنة. وفي منصة عرض الشركة في معرض "جيتكس"، كان من الواضح ان الشركة تولي اهمية كبيرة للكومبيوترات من نوع "بافييون" Pavillion التي قررت انزالها الى اسواق الشرق الاوسط، بعدما حازت صيتاً طيباً في الاسواق الاوروبية. والحال ان جزءاً من نجاحها الاوروبي رجع الى ثمنها المخفوض نسبياً. وعلى سبيل المثال، يقل سعر الكومبيوتر المحمول من نوع "بافييون" عن 1400 يورو. وفي فترة ما قبل الخفض الحاد في سعر صرف الدولار ازاء العملة الاوروبية الموحدة، فان ثمناً كهذا كان يعتبر معقولاً. ولعل اعتماد تلك الكومبيوترات على الرقاقات التي تصنعها شركة "ايه ام دي" AMD هو من اسباب خفرض سعرها النسبي. وبالطبع، تملك كومبيوترات "بافييون" المحمولة والمكتبية ميزات اخرى للمنافسة، غير السعر، كما يقول كويتش. واشار الى اعتمادها على شاشات عريضة وقوية الوضوح كميزة تنافسية اخرى. وفي بعض انواع "بافييون" التي لا تتوافر في السوق العربية، توجد فتحة خارجية للكاميرات الرقمية. وعند وضع الكاميرا في تلك الفتحة، تنتقل الصور مباشرة الى الكومبيوتر من دون الاضطرار الى فتحه وتشغيله. مرة اخرى، انه الشغف بالصور: المحرك الذي بات اساس صناعة الكومبيوتر والاتصالات المتطورة كلها. انه صعود قوي، ليس مستغرباً، لثقافة الصورة وميولها. ولعله ليس مستغرباً اذا ما تذكرنا اننا نعيش في زمن سيطرة التلفزيون على الاعلام العام، وهو الصناعة التي تراهن على الصور في السيطرة على العيون والعقول. 64 بايت في رقاقة المستهلك اعترف بأنني مهجوس راهناً بفكرة وصول نوع جديد من الرقاقات الى صناعة كومبيوترات المستهلك، اي الحواسيب المكتبية والمحمولة. وراهناً تعمل الاجهزة الذكية التي نستعملها برقاقات تستخدم تكنولوجيا 32 بايت. اي ان الوحدة الاساسية في "تصنيف" المعلومات و"تعليبها" داخل رقاقة الكومبيوتر هي 32 بايت. وكانت شركة "انتل" اول من توصل الى تكنولوجيا مضاعفة القدرة، اي 64 بايت. واستخدمت "انتل" تلك التقنية في خوادم الانترنت بكثافة، خصوصاً رقاقات "ايتانيوم". ولجأت شركة "اي ام دي"، احد المنافسين الرئيسيين ل"انتل"، الى وضع تكنولوجيا 64 بايت في رقاقات معدة لتوضع في كومبيوتر المكتب والمحمول. وفي 23 أيلول سبتمبر الماضي، اعلنت عن اول رقاقة "انثاليون" تعمل بتقنية 64 بايت، وأرفقتها بحملة اعلانية لافتة. فنظمت مسابقة سينمائية للافلام المُركَّبة على الكومبيوتر، او الافلام الاحيائية Animation، وكذلك تلك التي يُستخدم الكومبيوتر في تركيبها ومَنْتَجَتِها وصنع مؤثراتها. وهذه رسالة واضحة بان شركة AMD تراهن على صناعة الترفيه كمحرك اساسي لصناعة المعلوماتية كلها. ووافق كويتش على هذا الوصف. ورأى ان انتشار الكاميرات الرقمية، بما فيها كاميرات الفيديو، والبرامج التي تسهل نقل الافلام الى اجهزة الكومبيوتر، تجعل الجمهور ميالاً لاستخدام كومبيوترات قوية وسريعة، كتلك التي تستخدم رقاقات 64 بايت. واخيراً، بيَّن كويتش ان "هييوليت باكارد" تراهن بقوة على التقدم المطرد لنظم التشغيل ذات المصدر المفتوح، وخصوصاً نظام "لينوكس" Linux. وذكر ان الحكومة الالكترونية لمدينة ميونيخ تعتمد كلياً على "لينوكس". ولاحظ ان المنطقة العربية تشهد راهناً بداية لدخول "لينوكس" الى عالم الاستخدام اليومي. ولفت الى ان هذا النظام استطاع تحقيق موطئ قدم قوي له عربياً في الخوادم التي تدير اعمال المؤسسات. ولذا، فانه من البديهي ان يحاول الوصول الى ايدي الجمهور العريض.