انجز الأفغان أمس, الخطوة الثالثة لاستكمال مؤسسات الحكم, بانتخاب 247 نائباً في البرلمان الأول منذ نحو 36 عاماً, في انتظار الخطوة الرابعة, وهي تأسيس النظام القضائي, بعدما أتمت بلادهم كتابة الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية. وتوافد الأفغان, رجالاً ونساءً, من السادسة فجراً, على نحو 26 ألف مركز اقتراع, موزعة على 34 ولاية, واكتظت مراكز الاقتراع بالناخبين في الساعات الأولى, بما فيها تلك الموجودة في مناطق نفوذ حركة"طالبان", مثل جلال آباد وهلمند, على رغم الأحداث الأمنية التي شهدتها تلك الولايات خلال الأسبوع الماضي. وتواصل العنف أمس بقصف مراكز اقتراع ومقر تابع للأمم المتحدة لمراقبة الانتخابات في كابول, بثلاثة صواريخ, نجمت عنها إصابة مواطنين بجروح, إضافة إلى إطلاق رصاص في الأطراف الجنوبية من المدينة. غير ان مصادر في الحكومة والمعارضة أكدت ان تلك الأفعال"لن تؤثر في نجاح الانتخابات". وقال رئيس ائتلاف جبهة المعارضة والمرشح في الانتخابات يونس قانوني ل"الحياة":"هددت طالبان بإفشال الانتخابات عبر القتل والقصف بالصواريخ, لكنني على ثقة بأنها لن تنجح في ذلك, فالشعب مصمم على نجاح الانتخابات, ويمكنك ان تلمس ذلك". في غضون ذلك, قال الرئيس حميد كارزاي في رد على سؤال ل"الحياة", بعدما أدلى بصوته في أحد مراكز الاقتراع:"أطمئنوا، الانتخابات ستكون نزيهة", مستبعداً حدوث تزويد أو خروقات. واعتبر ما جرى أمس,"يوماً تاريخياً لأفغانستان, يعادل في أهميته يوم الاستقلال". وأبدى عدم خشيته من وصول المعارضة إلى الحكم. وقال:"هذه هي الديموقراطية". وأكد مراقبون أوروبيون التقتهم"الحياة"في مراكز اقتراع"سلامة الانتخابات إلى الآن". وقالت زوجة السفير الدنماركي اليزابيث كميت التي كانت تراقب الانتخابات في أحد المراكز:"لم ألمس خروقاً واضحة", مضيفة:"كل شيء يسير على ما يرام". وانتقد زعيم ائتلاف جبهة المعارضة قانوني نظام الانتخابات, خصوصاً لناحية منع المشاركة على أساس حزبي أو بنظام اللوائح. وتوقع ان يسهم ذلك في"تعزيز المشاركة على أساس قومي, فيختار كل ناخب مرشحاً ينتمي إلى قوميته ذاتها". وتمنى ان"تجرى الانتخابات بنزاهة وشفافية". يذكر ان قانوني الذي فشل في الفوز برئاسة الجمهورية, في مقابل كارزاي, مرشح لتولي رئاسة البرلمان المقبل. انتقاد مشاركة متوكل في حين انتقد زعيم حزب اقتدار الوطني مصطفى كاظمي السماح بمشاركة عناصر من"طالبان"في الانتخابات, مثل وزير خارجية الحركة وكيل أحمد متوكل، قال:"نحن مع نشر ثقافة التسامح بين أفراد الشعب الأفغاني, ولكن ليس من الصواب السماح بإشراك عناصر من طالبان, عرفت بتورطها في جرائم ضد الشعب الأفغاني", في إشارة إلى مشاركة متوكل في قتل مجموعة من السيدات في أستاد كابل الرياضي, وغيرها عام 1997. وانتشر نحو 55 ألف عنصر من الشرطة, ونحو 20 ألفاً من الجيش, إضافة إلى أفراد من القوات المتعددة الجنسية ايساف في الشوارع وبالقرب من مقار الاقتراع, فيما غطت الطائرات سماء كابول, وانتشر جنود أميركيون على قمم الجبال المحيطة بالمدينة. وأكد مستشار الأمن القومي زلماي رسول ل"الحياة"اعتقال الجهات الأمنية باكستانيين اثنين, مساء أول من أمس, وفي حوزتهما كمية من المتفجرات. ولم يجزم بارتباطاهما بالاستخبارات الباكستانية. لكنه قال:"نحن نحقق معهما. وننسق مع الجهات الحكومية, لرفع مستوى التعاون الأمني". حضور نسائي وسجلت الأفغانيات حضوراً قوياً في مراكز الاقتراع, حتى ان عدد الناخبات في مركز الاقتراع الرقم 8 في مدرسة مريم فاق عدد الرجال في الساعتين الأوليين. وعبرت ناخبة أدلت بصوتها عن سعادتها بالانتخابات, التي تشارك فيها النساء للمرة الأولى. غير أنها قالت:"لم أمنح أصواتي كلها للمرشحات, فلقد اخترت مرشحين ومرشحات, رأيت أنهم الأفضل لتمثيل كابول في المجلس الوطني". أياً كانت نتائج الاقتراع, فإن 70 مقعداً في البرلمان ستؤول للنساء, بفضل نظام"الكوتا"الحصص, الذي منح السيدات 25 في المئة من المقاعد. وفي انتظار صدور نتائج الانتخابات بعد نحو شهر, توقع مراقبون ان يتشكل البرلمان الأفغاني المقبل من خليط متساو بين المعارضة والحكومة, وأن يكون الفارق بينهما ضئيلاً في عدد المقاعد.