عقد اجتماع غير رسمي للبحث في الملف النووي الإيراني في لندن أمس، ناقش عودة طهران إلى التخصيب، في موازاة صدور تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتبر أن إيران لا تزال تمنع مفتشي الوكالة من الوصول إلى مواقع عسكرية حساسة، معتبراً أن التعاون الإيراني لا يزال غير كافٍ. وتزامن ذلك مع تقرير للمدير العام للوكالة الذرية محمد البرادعي، جاء فيه"إن شفافية إيران التامة ضرورية"، معتبراً أن التعاون الإيراني"تأخر". إلا أنه قال إن ذلك يأتي على رغم سماح إيران بدخول مواقع خلال الشهرين الماضيين، بعدما هددت الوكالة الدولية بإحالة الملف النووي الإيراني على مجلس الأمن الذي قد يفرض عقوبات على طهران بسبب عدم التزامها معاهدة الحد من الانتشار النووي. وأرسل التقرير إلى الدول ال35 الأعضاء في مجلس حكام الوكالة الذي سيجتمع الخميس المقبل، للبحث في إمكان رفع ملف إيران إلى مجلس الأمن. ورأى التقرير أنه على طهران تقديم"مزيد من المعلومات والوثائق المتعلقة بشراء معدات ذات استخدام مزدوج"ومواد يمكن أن تستخدم لأغراض مدنية وعسكرية. وأضاف أن على إيران السماح بدخول"ورشات ومواقع أبحاث وتطوير عسكرية". وكانت هذه الورشات والمواقع جزءاً من مركز للأبحاث الفيزيائية وفكّكت، كما دمّر موقع"لافيزان - شيان"في طهران الذي كانت فيه، وذلك قبل أن يزور مفتشو وكالة الطاقة الذرية الموقع. وكانت إيران سمحت في وقت سابق من الشهر الجاري لمفتشي الوكالة بزيارة موقع بارشين العسكري الحساس، إلا أن الوكالة"لا تزال تنتظر مزيداً من المعلومات والتصاريح التي تخولها القيام بمزيد من الزيارات"، بحسب التقرير. وأضاف التقرير أن إيران قدمت وثائق عن عروض حصلت عليها عام 1987 من سوق سوداء عالمية، وسمحت بإجراء مقابلتين مع"أفراد"شاركوا في محادثات بين إيران وشبكة شراء سرية. تعليمات صنع قنبلة وأشار التقرير إلى وثائق"حول معالجة معدن يورانيوم مخصب وطبيعي ومنضب وتحويله إلى أشكال أخرى"تكون ضرورية لصناعة قنبلة ذرية. وثمة وثائق أخرى تتعلق بأجهزة الطرد المركزي بي-1 المستخدمة في تخصيب اليورانيوم وخطط لصناعة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي، بما فيها"مصنع صغير يحتوي على ألفي جهاز طرد وست مجموعات من 168 جهازاً، وهي الطريقة التي يتم فيها تخصيب اليورانيوم". وأقرت إيران بشراء فقط"مكونات جهاز أو جهازي طرد مركزي مفككين ورسومات ومواصفات لهما". وفي برلين، قال ديبلوماسي اطلع على تقرير الوكالة الدولية أن إيران سلمت مفتشي الأممالمتحدة تعليمات لتجميع جزء رئيسي من سلاح نووي، ووصف التعليمات بأنها لصنع القلب المعدني لليورانيوم المخصب في أي سلاح نووي. وقال الديبلوماسي إن الإيرانيين ابلغوا الوكالة الدولية بأنهم تلقوا وثيقة تتألف من صفحات عدة من أفراد لهم علاقة بالسوق السوداء النووية التي أقامها العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان. وأضاف:"الإيرانيون قالوا انهم تلقوا وثيقة من دون أن يطلبوها، وانهم لم يفعلوا أي شيء بها"، لافتاً إلى أنه"على رغم أن الوثيقة تبين كيفية صنع جزء حيوي في سلاح نووي، ثمة أجزاء أخرى ضرورية لصنع السلاح كاملاً". لاريجاني في غضون ذلك، أكدت إيران أمس استئناف تحويل كمية إضافية من اليورانيوم، في خطوة تعتبر تحدياً لقرار الوكالة الدولية بوقف مثل هذه النشاطات النووية. وفي ردّ على سؤال عن المعلومات التي تحدثت عن تحويل إيران كميات جديدة من اليورانيوم في مفاعل أصفهان، قال المسؤول الإيراني المكلف الملف النووي علي لاريجاني:"قمنا بذلك والتجهيزات مستمرة". وتصرّ إيران على حقها في تطوير وقود نووي لاستخدامه في برنامج مدني بهدف إنتاج الكهرباء، إلا أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي يخشيان من أن تكون طهران تخفي برنامجاً لإنتاج الأسلحة النووية. اجتماع لندن ويأتي ذلك بينما عقد اجتماع غير رسمي للبحث في الملف النووي الإيراني في لندن أمس، لمناقشة عودة طهران إلى التخصيب. وكان الناطق باسم الخارجية الأميركية ادم ايريلي قال إن مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية نيكولاس برنز توجه لى لندن للقاء اللجنة الثلاثية الأوروبية المانيا وبريطانيا وفرنسا والروس وغيرهم، مؤكداً بذلك عقد هذا الاجتماع الذي ذكر في فيينا. وكان ديبلوماسيون في فيينا حيث مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية كشفوا عن عقد الاجتماع الذي تشارك فيه روسياوالولاياتالمتحدة واللجنة الثلاثية الأوروبية إضافة إلى الصين، على ما أوضح الديبلوماسيون طالبين عدم كشف أسمائهم. ويبدو أن استئناف طهران تخصيب اليورانيوم لم يزعزع عزم واشنطن على التعاطي مع الأزمة الإيرانية بالتنسيق مع حلفائها. ورداً على سؤال عن إمكان إحالة واشنطن الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، أجاب الناطق:"كلا". وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية طلب عدم الكشف عن هويته:"نعتبر اللجوء إلى مجلس الأمن وسيلة وليس غاية". وأضاف:"الهدف من اللجوء إلى مجلس الأمن إفهام إيران أن من مصلحتها التخلي عن جهودها"لامتلاك برنامج نووي. وخلص إلى القول:"عاجلاً أم آجلاً، سنلجأ إلى مجلس الأمن. لكن المسألة ليست متى سنلجأ إليه، إنما معرفة هل يتناسب ذلك مع الجهود المبذولة". انتقادات فرنسية واعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية قرار إيران البدء في التخصيب ليست خطوة في الاتجاه الصحيح. وقال جان باتيست ماتيي:"نعتبر أن هذا القرار لا يسير في الاتجاه الصحيح، ولا يسهم في خلق مناخ ثقة بين إيران والمجتمع الدولي".