خلال ساعة واحدة فقط، دخلت أحد مقاهي الانترنت في مدينة تكريت شمال بغداد أكثر من خمس متسولات، ثلاث منهن يحملن أطفالاً رضعاً وبدأن باستجداء زبائن المقهى. بعدما حصلت الأولى والثانية على بعض النقود، شعر الزبائن بالضجر، فقال احدهم:"إذا واصلت الجلوس هنا فلن أستطيع سّد حاجة المتسولات"... وغادر المقهى متذمراً من أوضاع شريحة كبيرة من النساء في العراق. ودارت بين الزبائن أحاديث كثيرة تتناول المتسولات وقد زادت أعدادهن في مدينة تكريت بعد الاحتلال الأميركي للعراق. إذ كانت المدينة قبل ذلك تخلو تماماً من هذه الظاهرة التي أخذت تتزايد في شكل ملحوظ، فلا تمر بشارع من شوارع تكريت إلا وتلتقي بمتسولة أو بعدد من المتسولات، وغالبيتهن يحملن أطفالاً رضّعاً على صدورهن... لجلب الاستعطاف! يقول رائد وهو صاحب مقهى انترنت:"المتسولات يترددن كثيراً إلى المقهى، ويقصدن دائماً الأماكن التي يتردد إليها زبائن كثر مثل مقاهي الانترنت. فالشباب يحملون قلباً عطوفاً ويتجاوبون مع طلباتهن التي غالباً ما تكون مبالغ مالية". ويضيف:"ظاهرة المتسولات جديدة في تكريت، وزادت بعد الاحتلال الأميركي". وقال مواطن آخر من رواد المقهى:"غياب السلطة والقانون خلق فوضى كبيرة، ومهنة التسول تتخذ أحيانا غطاء لخلق مشكلات أمنية في المدينة، وهذا ما نخشاه. قبل الاحتلال، كانت السلطة تراقب هذه الحال وتتأكد من هوية المتسولة، فربما تكون مدفوعة ومكلفة من جهة معينة لإحداث تخريب. فقد كانت هناك منح مالية لهن، فضلاً عن ايجاد طرق عمل شريفة لهن في الأسواق التجارية، منها فتح أكشاك، ومحلات لبيع المنتجات الغذائية وكان هذا سبباً في اضمحلال الظاهرة، إلا أنها عادت وتصاعدت بعد الاحتلال". تقول حمدية وهي متسولة"إنها لا تملك عملاً تعيش منه، وليس لديها من يعيلها، وسنها لا تساعدها على العمل، والتسول هو الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة".