تأجلت الجلسة الأولى من محاكمة الكاتب التركي المعروف أورهان باموك بسبب أجواء متوترة للغاية وصلت الى حد العراك، وذلك على رغم أن قرار القاضي تأجيل المحاكمة كان متوقعاً بسبب حساسية القضية والاهتمام الأوروبي سياسياً وإعلامياً بها. ورافقت بدء المحاكمة تظاهرة لمجموعة من القوميين الأتراك الذين تعدوا بالسب والضرب على الكاتب وعلى ديبلوماسيين أوروبيين جاؤوا لمتابعتها، على رغم اتخاذ قوى الأمن احتياطات أمنية حول مبنى المحكمة في اسطنبول. وأجل القاضي النظر في الدعوى إلى 7 شباط فبراير المقبل، إلى حين الحصول على رد رسمي من وزير العدل التركي جميل شيشيك حول وجوب النظر في الدعوى من عدمه، ذلك أن تصريحات باموك التي أقر خلالها بوقوع مجازر الأرمن والأكراد في تركيا، جاءت قبل تغيير قانون العقوبات التركي في أيار مايو الماضي. وبحسب القانون القديم، فإن محاكمة من هذا النوع تستوجب إذن وزير العدل، في حين تهرب الوزير من تلك المسؤولية، قائلاً إن القانون الجديد يتيح للمحكمة مباشرة النظر في الدعوى من دون الحاجة إلى إذنه. لكن القاضي فضل أن يعيد الكرة إلى الوزير. وانتقدت المفوضية الأوروبية موقف الوزير الذي اعتبرت أنه فوت فرصة إلغاء المحاكمة في بداية الأمر. كما صرح مسؤول توسيع الاتحاد الأوروبي أولي رين بأن تركيا وإصلاحاتها السياسية، هي التي ستحاكم في تلك المحكمة، معتبراً الملابسات التي رافقتها، معياراً مهماً على مدى التزام تركيا بتنفيذ الإصلاحات السياسية التي أقرتها بشأن حرية الرأي والتعبير. ويصر باموك على تصريحاته ولا ينفيها. وقال تعليقاً على المحاكمة أنه يعيش في بلد"يمجد ويرفع من شأن العسكر والشرطة ورجال الأمن، ويسجن الصحافيين والكتاب والمفكرين". وتوقع أن يحكم عليه بالسجن. في المقابل ترفض الأوساط القومية في تركيا تصريحات باموك والتدخل الأوروبي للدفاع عنه، وتذكر بأن دولاً أوروبية مثل فرنسا حاكمت كتاباً ومفكرين مثل روجيه غارودي عندما شكك في المحرقة اليهودية، كما أن سياسياً تركياً مثل أمام النيابة العامة في جنيف بسبب تصريحات له نفى خلالها وقوع مذابح الأرمن في تركيا. وتشير تلك الأوساط إلى أن أوروبا تصيغ قوانين تحمي بعض القضايا الحساسة وترفض طرحها للنقاش، من دون النظر في حرية الرأي والتعبير.