دخلت مباحثات هونغ كونغ في صلب الموضوع حيث لم يعد امام الدول الاعضاء في منظمة التجارة العالمية سوى يومين لتفادي فشل جديد كما حصل في كانكون المكسيك في 2003 في حين يعرب ابرز المشاركين عن احباطهم المتنامي من مفاوضات تراوح مكانها. وكان المفوض الاوروبي للتجارة بيتر ماندلسون، اول من استخدم كلمة"التابو"المحرمات أمس الجمعة. وأوضح"لا اريد ان اتحدث عن فشل في هونغ كونغ... لكني لا ارى فائدة من الانضمام الى اتفاق نهائي لن يفضي إلا إلى ما يشبه حفر طموحات متواضعة في الرخام". وفي الجانب الاميركي، اتهم مسؤول في وزارة التجارة طلب عدم كشف هويته، الاتحاد الأوروبي بأنه يحتجز مفاوضات منظمة التجارة العالمية حول تحرير المبادلات التجارية"رهينة"بسبب عدم مرونته. وما يؤكد هذه الصعوبة ان نحو ثلاثين وزيراً خصصوا ثلاث ساعات من المباحثات"الحادة جداً"وغير المثمرة ليل الخميس/ الجمعة في شأن مسألة واحدة تتعلق بتحديد تاريخ إلغاء المساعدات الزراعية عند التصدير، بحسب مصدر أوروبي. والى جمود الملف الزراعي الذي لا يزال في طليعة المواضيع المطروحة على البحث، يضاف الجمود المتعلق بالرسوم الجمركية على الصناعات وحتى التراجع في مجال الخدمات، على حد ما يقول الأوروبيون. وكذلك في شأن البرنامج الخاص من اجل الدول الأقل تقدماً، والذي يفترض ان يحمل الحد الادنى من النتائج، فإن النيات الحسنة تصطدم بالوقائع السياسية القاسية في الدول الصناعية. ويكمن جوهر الاجراء في منح هذه الدول الفقيرة الخمسين التي تمثل مجتمعة 1 في المئة من التجارة العالمية، حق الوصول بحرية الى اسواق الدول الغنية. وقال مصدر قريب من المفاوضات"انه المجال الوحيد تقريباً الذي احرزنا فيه اكبر قدر من التقدم". واضاف المصدر نفسه"ان ضم كل المنتجات، حتى بعد فترة انتقالية، لا يزال يمثل إشكالية بالنسبة الى الولاياتالمتحدةواليابان وكندا". تضارب المصالح ويشكل هذا الانفتاح، من النسيج بالنسبة الى الولاياتالمتحدة الى الارز والجلود بالنسبة الى اليابان، امراً شديد الحساسية من الناحية السياسية امام مجموعات المصالح القوية النفوذ. ورفض منسق الشركات المتوسطة والصغيرة ديباك باتل من زيمبابوي تزايد الاستثناءات التي تفرغ هذا النظام من كل محتوى. وكان باتل يتحدث بدعم مجموعة العشرين التي تضم كبرى الدول الناشئة ومجموعة التسعين للدول النامية التي تبنت للمرة الاولى موقفاً مشتركاً، مشيراً في الوقت نفسه الى انها تمثل اكثر من ثلثي اعضاء منظمة التجارة العالمية. وأكد وزير الخارجية البرازيلي سيلسو اموريم أن"الامر ليس تحالفاً ضد احد". لكنه اشار الى ان"اولى المبادرات في دورة مخصصة للتنمية ينبغي ان تأتي من الدول المتقدمة". لكن في ظل منظمة تعمل من خلال المساومات المتبادلة، فان صراعات المصالح تنتشر في كل مكان. وفي مسيرة غير مألوفة نسبياً لمنظمة التجارة العالمية حيث يدير الاعضاء بأنفسهم عملية التفاوض، طلب المدير العام للمنظمة باسكال لامي فجر الخميس من الدول الرئيسة ان تعهد اليه بمهمة"تحديد اطر تسوية نقطة نقطة على اساس مساعداتها المختلفة". وتمت الموافقة على الطلب. وعلق مصدر قريب من منظمة التجارة العالمية قائلاً:"لا يمكن ان يحدث ذلك الا عندما يصبح الوضع في مؤتمر وزاري ميؤوساً منه". وكان مؤتمر كانكون في المكسيك، انتهى قبل عامين الى الفشل. تفاؤل أميركي حذر ولمح الممثل التجاري الاميركي روب بورتمان أمس الى ان الولاياتالمتحدة"ما زالت تعتقد بأن من الممكن الاتفاق هذا الاسبوع على تحديد موعد لالغاء دعم صادرات الحاصلات الزراعية، على رغم شكاوى الاتحاد الاوروبي من عدم تحرك الاطراف الاخرى بدرجة كافية". وقال بورتمان في مقابلة في هونغ كونغ،"أرجو أن نتمكن من انجاز مسألة دعم الصادرات. أعتقد أن الفرصة ما زالت متاحة لذلك". وفي اشارة الى تصريحات أدلى بها المفوض التجاري للاتحاد الاوروبي وقال فيها ان أطرافاً أخرى لم تتحرك حتى الآن، قال بورتمان"اعتقد بأنها أعذار لعدم التحرك، وليست أسباباً حقيقية".