"صداع في رأس المجتمعات العربية"هذه هي حال القنوات الغنائية العربية التي شهدت انفلاتة كبيرة في السنة الحالية، وزاحمت الشاشات الفضائية وأثارت موجات من الجدل الصاخب والهجوم العنيف على ما تقدمه من مختلف التيارات، الى درجة أن بعضهم اعتبرها أخطر من موجات المخدرات والارهاب. وهذه القنوات التي كان من المفروض ان تشكل اضافة مهمة ونقلة نوعية نحو الاعلام المتخصص الذي يعتبره الكثيرون عنوان المستقبل، بدلاً من ان تسهم في تطوير الاغنية العربية وتنطلق بها نحو العالمية وتعبر بصناعتها الى فضائيات جديدة حادت، في رأي كثر، عن رسالتها. وهي بدلاً من ان تقود الاغنية نحو القمة"قفزت بها نحو المجهول"وتحولت الى ابواب خلفية"للهابط من الغناء"وأسهمت في"افساد الذوق العربي"بعد ان"ادارت ظهرها للفن الجاد"، وپ"تسابقت في المجون والخلاعة جذباً للزبون". لذلك كله ولما تمثله هذه القنوات من تهديد وصل الى حد إثارة الخوف على"امن المجتمعات العربية وسلامها الاجتماعي"حسبما يرى الذين يوصلون احكامهم الى ذروة الغضب، تستحق القنوات الغنائية ان نضعها تحت المجهر من خلال آراء جمعناها حولها. في البداية يقول المطرب محمد الحلو إن القنوات الغنائية"كانت سبباً في اعتزاله الغناء"لما تبثه من"عري وتافه"لدرجة انه اصبح بإمكان أي شاب أن يحقق الشهرة بأغنية،"وبسببها اصبحت الساحة الغنائية مرئية وليست سمعية وباتت الاغنيات التي"تفرقع"هي التي تبث بإلحاح في الفضائيات مهما كان مستواها الفني متدنياً". وأصبح في إمكان أي شخص يملك المال أن يغني ويصوّر اغنيته ويهديها الى الفضائيات وبعد تكرار عرضها يصبح مشهوراً وهذا امر خطير". ويتوقع الحلو أن تتدخل شرطة الآداب في الغناء وتوقف المطربين اصحاب الاغنيات المفسدة التي تصوّر بطريقة"الفيديو كليب"، ويطالب بوقفة من المسؤولين عن المحطات الفضائية الغنائية لمنع هذا العبث وپ"الارتقاء بالذوق العام" قبل ان تقع مصائب وكوارث بسبب اغنيات ومحطات الفيديو كليب. ويختتم حديثه قائلاً:"القنوات الغنائية الوحيدة التي لا يوجد فيها عري ولا ابتذال هي قنوات روتانا خصوصاً طرب وخليجية". ويتفق الملحن حلمي بكر مع الحلو مضيفاً أن القنوات الغنائية دمرت الاغنية العربية وأساءت اليها. فاختفت الاغنية الشرقية الطربية في زحمة ما يعرض من مشاهد رديئة يصعب حصرها وكلام ليس له أي معنى. كما ان تكرار الاغنيات على مدى 24 ساعة حرق سوق الكاسيت وجعل الجمهور في حال ملل وبالتالي لم يعد هناك إقبال على شراء أية ألبومات جديدة". ويستطرد قائلاً:"الفضائيات أصبحت معرضاً للجسد العاري وليس للأغاني الى درجة اننا يمكن أن نطلق على تلك القنوات الغنائية فضائيات اللحم الابيض المتوسط". مصالح شخصية ويرى المطرب اللبناني راغب علامة أن القنوات الغنائية"قائمة على مصالح شخصية". ويقول:"قبل انتشار هذه القنوات التابعة لشركات الكاسيت كنت أحدد نجاح اغنياتي من خلال سباق الاغنيات في التلفزيون، لكنني حالياً لا أصدق اي سباق حتى لو كانت أغنيتي في المرتبة الأولى. فكل شركة انتاج اصبحت لها محطة فضائية تضع المطربين الذين يتعاونون معها في المراكز الاولى. ولهذا حزنت جداً عندما أسس محسن جابر قناة"مزيكا"لأنني فقدت التقويم الدقيق. فمن الطبيعي ان يضع محسن اغنيتي في المراكز الاولى لانها من انتاجه، لهذا لم يعد لي الا الشارع احدد من خلاله نجاح اغنياتي، إضافة الى أن بعض المحطات يحتكر المطربين ويرفض ظهورهم في المحطات الاخرى وبهذا يُحرم قطاع كبير من الجمهور من مشاهدة اغنيات مطربهم المفضل". سلاح ذو حدين بينما يعتبر المطرب السوري مجد القاسم أن القنوات الغنائية سلاح ذو حدين. فالجانب المضيء فيها انها تعرض آخر أعمال المطرب الغنائية للجمهور بصفة منتظمة، أما السلبي فهو ترويجها لاغنيات ليس لها علاقة من قريب او بعيد بالفن. وأصبح المطربون الذين نراهم في هذه القنوات اكثر من الاغنيات التي تعرضها، ولا شك في ان هذه القنوات أثّرت سلباً في سوق الكاسيت". وتتفق المطربة انوشكا مع القاسم مضيفة أن هذه القنوات جعلت الالبومات بضاعة راكدة في سوق الكاسيت، وپ"وجودها زاد من ازمة الاغنية لأنها تتيح مشاهدة الاغاني المصورة على مدار اليوم". وأضافت انه بسبب القنوات الغنائية اتجهت سوق الكاسيت الى سياسات جديدة منها وضع اغنية او اثنتين في الالبوم تسوق بها والباقي يكون بمثابة"حشو"في هذه الالبومات، وبذلك"ينتفي الهدف الاساسي من اصدار هذه الالبومات والذي كان في الماضي تقديم فن جيد". ما هب ودب ويطالب المطرب طارق فؤاد بمحاكمة هذه القنوات من خلال محكمة العدل الدولية لانها تذيع وتعرض لكل ما"هب ودب". والمصيبة ان القائمين عليها لا يرفضون اذاعة اي اغنية مهما كان مستواها باستثناء"روتانا"الى درجة ان احد اصدقائي الذي لا علاقة له بالغناء طلب مني ان ألحن له اغنية لكي يعرضها في هذه القنوات". وقال انه"لا يقل اهمية عن مطربي هذه القنوات". ويستطرد متابعاً"حتى الموديل - فتاة الاعلانات - التي ظهرت معي في اغنية"روح قلبي أنا"والتي لا تجيد التحدث اصبحت مطربة وتعرض اغنيتها ليلاً ونهاراً في اكثر من قناة غنائية. وعندما سألتها لماذا اتجهت الى الغناء، قالت انها ترغب في تحقيق النجومية خصوصاً أن الوصول اليها اصبح سهلاً، مجرد اغنية واحدة وملابس ساخنة تكفي لتحقيق حلم النجومية، والفضائيات ترحب بمثل هذه الاغاني". ويشير الى أن هذه القنوات الغنائية اثرت في سوق الكاسيت التي تحتضر هي الأخرى منذ خمسة أعوام لكن الفضائيات الغنائية هي القشة التي قصمت ظهر البعير. قناة لكل مطرب أما المطربة السورية هويدا فتؤكد أن القنوات الغنائية اثرت سلباً في سوق الكاسيت، والدليل عدم نجاح الالبومات الاخيرة، وتضيف:"لست ضد هذه القنوات لكني اشعر انه أُنشئت كل منها من أجل مطرب معين، فتجد قناة مثلا تذيع لمطربة اغنية بصفة مستمرة وتتجاهل الاخريات، لكن الشيء عندما يزيد عن الحد ينقلب الى الضد و90 في المئة من اغاني القنوات واحدة وللمطربين انفسهم وبالرقص والعري ذاته، والكارثة ان هذه القنوات تصنع نجومية انصاف المطربين، حيث ان الفتاة التي انعم الله عليها بجسد جميل وتستطيع تعرية اكبر جزء من جسدها بإمكانها ان تصبح نجمة، ففي الفترة الاخيرة شاهدت مطربة تغني على البحر وترتدي"ميني جوب"وبصحبتها فتيات عاريات يرقصن فشعرت بالخجل عندما شاهدتهن. ولهذا اؤكد ان الافضل لي ان انصرف عن التلفزيون واتوجه الى السينما لمشاهدة احد الافلام".