مع اقتراب مرض انفلاونزا الطيور من الحدود تزداد المخاوف من احتمال انتشار المرض في العراق الذي يشهد اضطراباً امنياً وسياسياً متواصلاً ويشكو من ضعف الإجراءات الصحية والوقائية، ما يجعل سيطرته على المرض أمراً صعباً في وقت تشهد حدوده فوضى استيراد لا تبدأ بالأسلحة والانتحاريين ولا تنتهي بالمخدرات والأغذية التالفة. الحكومة العراقية تحذر منذ أيام من إمكان وصول المرض، وتدعو الأهالي الى توخي الحذر والتبليغ عن الطيور المصابة رغم انشغالها بالاستفتاء على الدستور والأمن والصراع السياسي. وتحاول الدوائر الصحية في البلاد استثمار إمكاناتها المتواضعة لفحص بعض أنواع الدواجن والتأكد من الحالات المرضية التي ترد الى المستشفيات، لكن جهودها تبدو غير مؤثرة أمام واقع المنافذ الحدودية غير المسيطر عليها والتي تسمح منذ عامين ونصف العام بدخول شتى أنواع اللحوم والدواجن والمعلبات غير الخاضعة للفحص. ويذهب مسؤولون عراقيون وإقليميون الى ان صعوبة السيطرة على حدود العراق التي تبلغ حوالي 3500 كم، كلها تقريباً بري ونصفها شرقاً مع ايران مصدراً رئيسياً لإدامة العنف والاضطراب. وفي حين تركز الحكومة والقوات الاميركية على تسلل المسلحين عبر الحدود مع سورية، تصر القوات البريطانية على دعم ايران الميليشيات الشيعية بأسلحة متطورة يتم تسريبها عبر الحدود المفتوحة أيضاً. فيما تذهب مصادر في مناطق حدودية ان تجارة المخدرات ازدهرت هي الاخرى مع الفلتان الحدودي لتحول البلاد الى اكبر معبر للمواد المخدرة القادمة من افغانستانوايران باتجاه الخليج جنوباً ولبنان غرباً وصولاً الى أوروبا. ويفيد وزير الداخلية العراقي باقر صولاغ ان حكومته تجد صعوبة في ضبط الحدود بسبب تدمير معظم النقاط الحدودية ونقص عديد المجندين المؤهلين للسيطرة على المناطق الحدودية، في ضوء استمرار حركة التمرد في البلاد ودعم دول مجاورة لها. وتؤكد دائرة المقاييس النوعية المسؤولة عن فحص المواد المستوردة قبل دخولها ان إجراءات الفحص التي تقوم بها قاصرة امام حجم التجارة غير الخاضعة للرقابة. أما دائرة الرقابة الصحية التابعة لوزارة الصحة التي كانت ترسل فرق تفتيش دائمة الى نقاط العبور الحدودية فتجد نفسها عاجزة أمام حالة الاضطراب العام وتكتفي باجراء غارات على الأسواق لاختيار مواد معلبة مستوردة وفحصها للتأكد من سلامتها والإعلان عن الماركات التجارية غير المستوفية للشروط الصحية. وتؤكد تقارير صحية دولية اكتشاف مرض انفلاونزا الطيور في تركيا شمال وايران شرق وتحذير الأردن غرب من إمكان دخول المرض الى أراضيه. ويجد مختصون في مجال الصحة العامة في العراق ان دخول المرض الى الأراضي العراقية سيشكل كارثة جديدة تضاف الى الكوارث التي يعيشها هذا البلد، خصوصاً ان اتخاذ إجراءات رادعة بمنع استيراد الدواجن او إرسال فرق متجولة لإعدام الطيور المصابة يبدو مستحيلاً في هذه المرحلة، يضاف اليه ضعف الإمكانات الصحية في المستشفيات وعدم إطلاع الكثير من الاطباء على أعراض او طرق علاج المرض الحديث نسبياً، وانشغال المؤسسات الصحية بمتابعة ضحايا العنف المسلح في طول البلاد وعرضها.