فجرت الانتخابات التشريعية الفلسطينية أزمة في حركة"فتح"التي انقسم مرشحوها الى قائمتين، واحدة تضم الجيل الشاب، والثانية تضم أكثرية من"الحرس القديم". واللافت في قائمة الشباب التي يرأسها النائب الأسير مروان البرغوثي وحملت اسم"المستقبل"أنها لم تضم أيا من العائدين"الذين عادوا الى الأراضي الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو"، في حين ضمت القائمة الرسمية للحركة أكثرية من العائدين. ومن أبرز رموز"كتلة المستقبل"الى جانب البرغوثي كل من محمد دحلان وجبريل الرجوب وسفيان أبو زايدة وسمير مشهراوي وناصر جمعة واحمد غنيم وقدورة فارس. أما المواقع الأولى في قائمة"فتح"الرسمية التي حملت اسم الحركة فكانت لكل من أحمد قريع وانتصار الوزير وروحي فتوح. ولا يخفي مسؤولو"فتح"وجود صراع أجيال وصراع بين العائدين الذين استأثروا بغالبية المواقع القيادية في السلطة، وبين المقيمين الذين لم يحصلوا سوى على القليل من هذه المواقع. وأبقى الرئيس محمود عباس الباب مفتوحا امام عودة"الشباب"الى كتلة الحركة الأم، فأبقى البرغوثي في الموقع الأول في القائمة. وكشف مسؤولون في حملة مروان ان الرئيس أجرى اتصالا هاتفيا مطولا معه في سجنه محاولا اقناعه بالعدول عن قراره خوض الانتخابات في قائمة منفصلة عن الحركة، غير ان البرغوثي رفض العرض. وقال قدورة فارس أحد أبرز رموز قائمة البرغوثي ل"الحياة":"نحن ماضون الى الانتخابات في كتلة مستقلة وسنحقق الفوز". وأضاف:"الخلاف بيننا ليس على المقاعد بل على المبادئ. اتفقنا على الاحتكام للانتخابات الداخلية لكنهم، أي قيادة الحركة، انقلبوا على نتائج الانتخابات واختاروا اشخاصا اخفقوا في هذه الانتخابات او لم يشتركوا فيها اصلا". غير ان فارس وغيره من قادة الكتلة الجديدة أكدوا انهم لن ينشقوا عن"فتح"، موضحا:"خطوتنا تخدم فتح وتهدف الى تعزيز الديموقراطية فيها وليس الانشقاق عنها". وأثار رفض البرغوثي العودة الى"البيت"ردود فعل حادة من جانب قيادة الحركة وصلت الى حد توجيه اتهامات بوقوف اطراف خارجية وراء"الانشقاق". وقال مدير قائمة"فتح"الرسمية الدكتور جمال محيسن ل"الحياة":"هناك أطراف خارجية تسعى منذ فترة لشق فتح من الداخل، ووجدت في الانتخابات فرصة ثمينة لذلك". واتهم صراحة اسرائيل والولايات المتحدة، رافضا تسمية المتهمين بالعمل لصالح أميركا واسرائيل في"فتح". واستثنى البرغوثي من هذه الاتهامات، قائلا:"هناك من يحاولون الصعود على ظهر الأخ مروان، ونحن نأمل منه أن يعي ذلك ويعود الى بيته". ورد محيسن على الانتقادات الموجهة للجيل القديم بانتقادات مضادة الى الجيل الشاب، وقال:"الجيل القديم هو جيل الثورة. جيل الانطلاقة وصمود بيروت. انه جيل التمسك بالثوابت الوطنية. أما الجيل الشاب فهو جيل جنيف"، مشيرا في ذلك الى أعضاء في كتلة البرغوثي شاركوا في"وثيقة جنيف". واتهم الكتلة الجديدة ب"تجاوز الخطوط الحمراء والتخلي عن الحركة في ساعة المحنة، ساعة الانتخابات ومواجهة الخصم حماس". ويرى المراقبون ان انقسام الحركة الى قائمتين في هذه الانتخابات سيضع"فتح"أمام واقع جديد بعد الانتخابات. وكشف ناطق باسم كتلة البرغوثي ان محاربة الفساد ستكون النقطة الأولى في برنامج الكتلة، وقال مدير حملة الكتلة سعد نمر:"تشكيلة كتلتنا تشير الى ان محاربة الفساد ستكون على رأس أولوياتها". ويتوقع ان تشكل كتلة المستقبل حالة استقطاب واسعة في الشارع الفلسطيني نظرا الى التعاطف معها.