الحبر الانتخابي"المقاوم لمحاليل التنظيف ومزيلات الأصباغ"لم يصمد طويلاً أمام"القاصر"محلول الغسيل المحلي، ما فتح الباب واسعاً أمام تبادل الاتهامات بين المرشحين الذين شككوا بالنتائج قبل ظهورها. ما ان فتحت المراكز الانتخابية أبوابها حتى تصاعدت الأصوات شاكية من لجوء أنصار بعض القوائم الى ارتكاب خروقات وتجاوزات أكدتها المفوضية العليا للانتخابات التي تلقت شكاوى عدة بعضها ذو صدقية، إلا ان أكدت ان ذلك لا يغير النتيجة النهائية"لأنها مجتمعة تعد ضمن الخروقات الطفيفة". السيدة أم محمد، من مدينة الناصرية، قالت:"فوجئت بابن أخي وهو يلوح باصبعه أمام عيني، كان اصبعه نظيفاً ولم يبق من الحبر عليه غير القليل تركز حول محيط الظفر"، وأضافت:"لم أصدقه في البداية عندما أكد لي انه اقترع أكثر من مرة"، ولفتت الى ان مراقبي الكيانات السياسية وموظفي المفوضية العليا للانتخابات لم يركزوا كثيراً في تفحص أصابع الناخبين وانهم"كانوا يتعمدون غض الطرف عن الذين راحوا يقترعون أكثر من مرة". وأكدت السيدة التي اغضبتها هذه الممارسات ان اسمها غير موجود في سجل الناخبين لأنها قدمت الى المدينة حديثاً. وقالت ان موظفي المفوضية رفضوا السماح لها بالاقتراع إلا أنها استعانت بابن أختها الذي اقترح عليها التصويت باستخدام اسم زوجته المسجل لديهم الموظفين"شرط ان تصوت لقائمة بعينها تلبية لنداء المرجعية العليا في النجف". وكشف ياسر من أهالي اليوسفية 15 كلم جنوببغداد وسيلة أخرى من وسائل إزالة الحبر الانتخابي فقال ل"الحياة"ان"دهن الأصبع بالزيت أو الكريمات المرطبة للجلد كفيل بمنع التصاق الحبر به"، أكد ان عدداً من شباب منطقته لجأ الى هذه العملية لضمان بصم أكبر عدد ممكن من أوراق الاقتراع لمصلحة القائمة التي اختاروها. "الحياة"دفعت عدداً من الناخبين الى تجربة الوسيلتين للتثبت من صحة الادعاءات وتوصلت الى نتيجة مفادها ان الحبر الانتخابي هذه المرة خفيف جداً تسهل إزالته والتخلص منه بالطريقتين المذكورتين. ولم تقتصر الخروقات على استخدام هاتين الطريقتين اذ شهدت بعض المراكز خروقات وتجاوزات اتخذت اشكالاً مختلفة، وذكر جابر الجابري وزير الثقافة السابق أحد مرشحي قائمة"كفاءات العراق"تجمع أنصار إحدى القوائم الكبرى أمام المراكز الانتخابية وترديد الأهازيج والهتافات الداعية الى تلبية نداء المرجعية، وتنظيم تظاهرات تنطلق من الأزقة والشوارع المحيطة بالمراكز وهي ترفع صور المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني وعدد من المراجع الآخرين"بهدف تحريك عاطفة الناخبين والتأثير في اختيارهم"، ولفت الى ان"ما يحدث يمثل عدواناً على الوطن والمواطن". وأكد عدنان الجنابي وزير دولة سابق وأحد مرشحي قائمة"العراقية الوطنية"بزعامة اياد علاوي ل"الحياة"وجود عمليات"تزوير واسعة النطاق في عموم المراكز الانتخابية"، ولفت الى ان"الأمر لا يقتصر على التصويت أكثر من مرة أو دهن الأصبع لتسهيل إزالة الحبر"، مشيراً الى ان مندوبي القائمة"في المراكز الانتخابية ابلغوا عن وجود جماعات مسلحة تحيط بالمراكز تعمل على ترهيب الناخبين ومنعهم من التصويت لمصلحة قوائم بعينها". وأشار الى ان المناطق الجنوبية"في مقدم المدن التي شهدت عمليات تزوير واسعة النطاق". وشدد الجنابي على ان"ما يجري يعكس منافسة غير شريفة وهو ترجمة لديموقراطية الميليشيات"التي تتحمل مسؤوليتها الحكومة وكتلة"الائتلاف".