اقرت واشنطنوموسكو التي زارتها وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أمس، باستمرار خلافهما حول الملف النووي الايراني وخصوصاً حول نقطة اساسية تتمثل في حق طهران بتخصيب اليورانيوم. وتوقفت رايس التي زارت باريس أول من أمس في موسكو في طريقها الى لندن، والتقت صباحاً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ثم استقبلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل ان تغادر بعد الظهر الى بريطانيا. وقالت مصادر ديبلوماسية روسية ل"الحياة"ان الزيارة تمت بناء على طلب موسكو التي ارادت مناقشة نتائج زيارة جولة رايس في منطقة آسيا الوسطى الاسبوع الماضي، والتي جاءت على خلفية تصاعد التنافس على النفوذ بين موسكووواشنطن في هذه المنطقة، وفي ضوء توتر العلاقات بين واشنطن وعدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة التي طالبت بانهاء الوجود العسكري الأميركي في آسيا الوسطى. واعرب بوتين عن اهتمامه بجولة رايس في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تعتبرها موسكو حيوية. وخاطب رايس قائلاً:"أعرف ان هذه الرحلة حققت نجاحاً"، و"هنأها"بهذه الجولة خلال استقبالها في منزله في نوفو- اوغاريفو بضاحية موسكو. وحرصت رايس على التوضيح ان هذه الجولة"لم تكن موجهة ضد احد"، ودافعت عن"الديموقراطية"في قيرغيزستان وكازاخستان وطاجيكتسان، كأنها تتحدى روسيا التي لا تولي قضايا حقوق الانسان اهتماماً كبيراً في عقر دارها. لكن الملف النووي الايراني كان في صلب محادثات رايس مع نظيرها لافروف ولا سيما حق طهران في تخصيب اليورانيوم. وقال لافروف رداً على سؤال عن موقف موسكو من هذا الموضوع بعد لقائه نظيرته الاميركية"كل الاعضاء الموقعين على معاهدة الحظر النووي يتمتعون بهذا الحق". ومن جهتها قالت رايس"ينبغي على ايران ان تقر بأن هذه المعاهدة لا تشمل حقوقاً فقط بل ايضاً واجبات"، واضافت انها"ليست قضية حقوق، بل معرفة ان كنا نستطيع ان نثق بدورة التخصيب الايرانية ام لا". وهذه النقطة بالذات موضع خلاف كبير بين الولاياتالمتحدةوروسيا. فموسكو التي تشدد على معارضتها الكاملة لانتشار الاسلحة النووية، تتولى بناء اول مركز نووي ايراني في بوشهر جنوب بعقد قيمته نحو 800 مليون دولار. وفي المقابل، يوجه الاميركيون اتهامات واضحة للايرانيين بالسعي الى التزود بالقنبلة الذرية تحت ستار الانشطة النووية المدنية. وفي هذا الاطار كررت رايس"في رأينا ان ايران لا تحتاج الى برنامج نووي مدني"، مع اقرارها بأن الاتفاق الروسي- الايراني الذي اعلن في شباط فبراير ويؤمن اعادة اليورانيوم الذي استخدم كوقود في بوشهر الى الاراضي الروسية، يشكل"وسيلة اكيدة لضمان عدم تسبب دورة التخصيب بأي مشاكل". وكانت طهران قبلت في تشرين الثاني نوفمبر 2004 تعليق برنامج للتخصيب، لكنها استانفت في بداية آب اغسطس الماضي انشطة تحويل اليورانيوم، وهي المرحلة التي تسبق التخصيب، على رغم ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية دعتها الى الامتناع عن ذلك. ولا تبدي ايران اي استعداد للتخلي عن هذه الانشطة في شكل دائم، وترفض التعويل على المساعدة الاجنبية لتشغيل مراكزها. وعبر لافروف عن وجهة نظر بلاده مشدداً على ضرورة ان يبقى الملف الايراني في عهدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعدم احالته على مجلس الامن الدولي. وقال"في الحال الراهنة، لا نرى اسباباً لنقل الملف من الوكالة الذرية الى منظمة اخرى". وأضاف:"ينبغي ان يستمر التعاون بين ايران والوكالة بهدف الاجابة عن كل التساؤلات التي تبرز". بولتون وزاد السفير الاميركي لدى الاممالمتحدة جون بولتون من حدة الخطاب الاميركي ضد ايران واتهم طهران بمحاولة تطوير اسلحة نووية على مدى السنوات الثماني عشرة الماضية لتهديد الشرق الاوسط"وربما امداد ارهابيين بها". وقال بولتون في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي في ساعة متأخرة من مساء الجمعة ان ايران كذبت في شأن برنامجها النووي وان المجتمع الدولي في حاجة الى القيام برد فعل. واضاف:"اعتقد بأن الايرانيين كانوا يواصلون برنامج صنع الاسلحة النووية لنحو 18 عاماً... لقد قاموا بعملية اخفاء وخداع ووجهوا تهديدات من قبل".