توصل الاتحاد المسيحي والحزب الديموقراطي المسيحي في المانيا بعد نحو شهر من المفاوضات العسيرة بينهم، الى الاتفاق على برنامج الحكومة الائتلافية العتيدة للسنوات الاربع المقبلة. وبعدما أعلنت المستشارة المقبلة آنغيلا مركل وحليفها البافاري ادمون شتويبر ونائبها الاشتراكي فرانتس مونتيفيرينغ ورئيس الحزب المعيّن ماتيس بلاتسيك أول من أمس عن توصلهم الى ازالة آخر العوائق والنقاط العالقة، قدموا قبل ظهر أمس في برلين مشروع الاتفاق الحكومي المشترك في مؤتمر صحافي، أكدوا فيه انه يضع البلاد على الطريق المطلوبة للتغلب على الصعوبات الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وفي الوقت الذي كان القادة الأربعة يوضحون الخطوط الاساسية لبرنامج الحكومة ويبررون أسباب شد الحزام ورفع الضرائب على المواطنين، تناقلت وسائل الاعلام المختلفة ردود الفعل السلبية على البرنامج من جانب مختلف الهيئات الاقتصادية والنقابات العمالية، اضافة الى الاحزاب السياسية المعارضة. وتركزت الانتقادات الشديدة على رفع ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات من 16 الى 19 في المئة"لما يشكل ضربة قاضية للسوق الداخلية التي تعاني منذ أعوام من جمود بسبب تراجع القوة الشرائية". واعتبرت مركل امام الصحافيين ان البرنامج المشترك"يفتح فرصة حقيقية لتجاوز الازمة الاقتصادية والاجتماعية"، مشيرة الى انه يحمل بصمات الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي بصورة"عادلة ومقبولة". وقال نائبها وزير العمل المقبل مونتيفيرينغ ان البرنامج"حصيلة تحالف من أجل هدف محدد"، معتبراً ان الطرفين"يتشاركان المسؤولية الحكومية على قدم واحدة". وفيما رأى شتويبر ان التحالف"المفروض فرضاً من الناخبين يمكن ان يجلب المزيد من البراغماتية الى السياسية"، ذكر بلاتسيك ان البرنامج يفتح امام ألمانيا"اجواء استنهاضية". ووصف قادة آخرون من الطرفين المساومات التي حصلت خلال المفاوضات بپ"الحسك الذي كان لا بد من بلعه". وإضافة الى رفع ضريبة القيمة المضافة 3 في المئة دفعة واحدة بدءاً من سنة 2007، اتفق على فرض"ضريبة الاغنياء"بنسبة 3 في المئة زيادة على الحد الاقصى لضريبة الدخل البالغ 42 في المئة والذي يطاول أصحاب الدخل العالي، وعلى رفع نسبة الاشتراكات في صندوق التقاعد من 19.5 الى 19.8 في المئة. في المقابل، تقرر خفض نسبة الاشتراكات في صندوق البطالة التي يدفعها أرباب العمل والعمال من 6.5 الى 4.5 في المئة، كما تمت مساواة تقديمات البطالة المالية في شرق البلاد مع غربها. وجرى تخفيف الحماية من الصرف للموظفين الجدد في الشركات التي يقل عدد العاملين فيها عن 15 شخصاً. وأُبقي على قرار حكومة المستشار غيرهارد شرودر بالتخلي عن الطاقة النووية عام 2021، وتطوير الطاقات المتجددة، وكذلك استقلال اتفاقات العمل بين الشركات والنقابات. وذكرت مصادر الحكومة المقبلة ان ضريبة القيمة المضافة الجديدة ستؤمن السنة المقبلة دخلاً للدولة يبلغ 24 بليون يورو، سيستخدم ثلثه لخفض كلفة الانتاج في الاقتصاد والثلث الثاني لخفض عجز الموازنة العامة والثالث لدعم مالية حكومات الولايات ال16. وأضافت المصادر ان عجز الموازنة العامة سيرتفع الى 40 بليون يورو في السنة المقبلة، وبالتالي لن تتمكن ألمانيا من الالتزام بعجز ال3 في المئة الذي تحدده اتفاقية ماسترشيت الاوروبية، لكنها بدت أكثر تفاؤلاً في وضع موازنة متوازنة بدءاً من سنة 2007. وأظهر القادة الاربعة في مؤتمرهم الصحافي اطمئناناً واضحاً الى ان المؤتمرات الحزبية التي ستعقد غداً ستقر بغالبية كبيرة البرنامج الحكومي المشترك على رغم الانتقادات الموجهة اليه من البعض. وبعد اقرار البرنامج سيعقد البرلمان الاتحادي الجديد جلسة في 22 الجاري لانتخاب مركل مستشارة جديدة لألمانيا واعطاء الثقة لحكومتها الائتلافية.