اعلن قادة الكتل السياسية الرئيسية في العراق مشروع اتفاق يضمن تعديل بعض فقرات الدستور العراقي ويتيح للجمعية الوطنية المقبلة اجراء تعديلات جديدة، في ما وصف عراقياً واميركياً بانه"خطوة حاسمة"لتحقيق توافق على الوثيقة الدستورية التي اثارت توتراً بين الاطراف العراقيين قبل ان تحسم في مفاوضات مكثفة قادها السفير الاميركي زلماي خليل زادة في ضوء الاعتراضات السنية المعلنة. لكن الترحيب المحلي العراقي بالتطورات الجديدة جاء متبايناً في ضوء انقسام الأطراف السنية بين مؤيد ومعارض وتمسك اطراف بعضها شيعي، بمواقفها السابقة الرافضة للدستور وللاستفتاء عليه. وقال رئيس"الحزب الاسلامي العراقي"محسن عبد الحميد الذي اعلن حزبه الموافقة على الدستور ان الفقرة المضافة إلى المسودة ستضمن آلية تعديل شاملة على اي بند يحتاج للتعديل. وقال ل"الحياة"ان اتفاق ترحيل جميع التعديلات الى مجلس النواب المقبل يحظى بدعم غالبية الاطراف السنية وسيؤدي الى اتخاذ موقف ايجابي من الاستفتاء السبت القادم. واضاف:"لن نرفض لمجرد الرفض ولذلك، سنذهب الى مراكز التصويت لقول نعم لمسودة الدستور". وتوقع ان تكون الامور على الارض في مناطق العرب السنة مهيئة للتعاطي الإيجابي مع التطور الراهن ولصالح الاستفتاء بنعم لمسودة الدستور العراقي الدائم. الى ذلك، قال فخري القيسي، نائب رئيس الحركة السلفية في العراق ل"الحياة"ان تحقق الاضافة الدستورية التي تفتح باب تعديل الدستور على مصراعيه سيقابل برد فعل جيد من قبل السنة، موضحاً:"تبقى هناك مخاوف من تملّص الأطراف الأخرى او مناورتها في المستقبل على تطبيق آلية التعديل التي ستقرّ أخيراً". وشدّد ان حق السنة في اجراء اي تعديل على مسودة الدستور في دورة مجلس النواب المقبل يجب ان لا يكون مشروطاً او مقيداً والا سيؤول الموقف الى رفض المسودة. واضاف:"آمل في ان لا يكون التطور الاخير مناورة لأن الآخرين عوّدونا في تجربة المفاوضات الدستورية في الشهور السابقة على المناورة والتملص". واشار الى ان الامور لو سارت كما يجب، فإن الوضع الأمني في مناطق العرب السنة سيتحسّن. وتوقع حدوث رد فعل إيجابي من بعض الجماعات المسلحة على هذا التطور لأن غالبية السنة سيعتبرونه خطوة باتجاه الحلّ. أطراف سنية رافضة لكن قوى سنية أخرى سارعت الى تأكيد مواقفها السابقة الرافضة للمسودة بغض النظر عن التعديلات التي اعتبرتها هيئة علماء المسلمين ومجلس الحوار الوطني والقوى المنضوية تحت لوائهما تعديلات"غير جذرية ولا معنى لإجرائها"، ورأت في موقف الحزب الإسلامي والقوى المرتبطة به"خروجاً عن الاجماع الذي اتفقت عليه القوى السياسية والدينية التي اجتمعت في جامع ام القرى في وقت سابق ونقضاً للميثاق والعهد المبرم بين هذه القوى والقاضي برفض مسودة الدستور جملة وتفصيلاً". وقال عصام الراوي عضو مجلس شورى هيئة علماء المسلمين ل"الحياة"ان"لا تغيير جوهرياً طرأ على مسودة الدستور"، وأوضح ان تشكيل هيئة عليا لمراجعة الدستور وإجراء تعديلات عليه بعد مرور أربعة اشهر على تشكيل الجمعية الوطنية تعديل لا معنى له باعتباره مشروطاً بنتائج استفتاء شعبي وموافقة ثلثي عدد الناخبين المسجلين في ثلاث محافظات. ولفت الراوي الى ان القوى السياسية والدينية التي ضمها مؤتمر ام القرى الأسبوع الماضي في بغداد اتفقت بالاجماع على رفض الدستور اما بالمقاطعة او بالتصويت ب"لا". وأكد صالح المطلك، الناطق الرسمي باسم مجلس الحوار الوطني العراقي ل"الحياة"، ان موقف الحزب الإسلامي الداعم للمسودة لا يؤثر كثيراً في عدد الاصوات الرافضة. وأوضح ان مجلس الحوار واعضاء لجنة المغيّبين عن الانتخابات لن تخرج على مقرّرات مؤتمر جامع ام القرى الرافض للمسودة. ولفت الى ان ربط تعديل الدستور مستقبلا ب"فيتو"يمكن ان يشهره ثلثا عدد الناخبين في ثلاث محافظات يجعل التعديل"شبه مستحيل". وزاد ان الأكراد يملكون ميليشيا تتيح لهم تعبئة اكثر من ثلاث محافظات خلال ساعات قليلة ما يعني ان عملية التغيير ستظل مرتبطة بالمواقف الكردية سلباً او إيجاباً. ولا يقتصر تباين المواقف من مسودة الدستور على الشارع السني، فهناك قوى شيعية رفضتها هي الاخرى وأعلنت مقاطعة الاستفتاء مثل المؤتمر التأسيسي العراقي بزعامة الشيخ جواد الخالصي. وقال الشيخ علي الجبوري الناطق الرسمي باسم المؤتمر"اننا مقاطعون للعملية الدستورية منذ البداية كونها عملية غير شرعية جرت في ظل الاحتلال". وفي السياق نفسه كشف بهاء الاعرجي عضو لجنة صياغة الدستور عن محتوى التعديلات التسعة التي تمت الموافقة عليها وقال ل"الحياة"ان التعديلات المشار اليها عبارة عن اضافات تتعلق ب"التأكيد على وحدة العراق وهويته العربية والاسلامية واستخدام اللغة العربية الى جانب اللغة الكردية في المؤسسات الاتحادية في اقليم كردستان وتنظيم منح الجنسية العراقية بموجب قانون تصدره الجمعية الوطنية المقبلة.