منذ بدء عرضه على شاشة mbc، أو الأصح منذ الإعلان عن تصويره، ومسلسل"الحور العين"يثير جدلاً واسعاً يتصاعد باضطراد على صفحات الجرائد والمجلات ومواقع الانترنت. بدايةً لحساسية الموضوع الذي يعالجه، إذ يكفي المرء أن ينظر في العنوان حتى يدرك ما نشير إليه، وثانياً لما يسببه من انقسام في الشارع العربي بين مؤيد ومندد. وهنا نذكر الرسائل الالكترونية التي يستقبلها بريد"الحياة"من قراء عاديين تعقيباً على ما ينشر حول الموضوع، والإنقسام الكبير في ما بينها. أما الجديد اليوم فهو انتقال هذا النقاش الى التلفزيون وتحديداً من خلال شاشة"العربية"وبرنامج"بانوراما"مع طالب كنعان الذي جعل جزءاً من حلقة اول من امس منبراً لعرض وجهات نظر مختلفة بحضور مخرج العمل ومنتجه السوري نجدت أنزور والزميل في"الحياة"ابراهيم بادي. صحيح لم يعط الموضوع الوقت الذي يستحق، إذ ما إن بدأ النقاش - بعد التقرير الخاص الذي حمل توقيع طاهر بركة - حتى انتهى من دون ان يقول المخرج والناقد كل ما لديهما. لكن الطرح المنطقي لكلا الضيفين - في الوقت القصير المخصص لهما - أزال بعض علامات الاستفهام. بداية مع انزور الذي قال بوضوح:"لنشاهد المسلسل اولاً، وبعدها يصلكم الجواب الشافي"، مؤكداً أن عمله هذا هدفه دحض صفة العنف والقتل عن الإسلام، وصولاً الى بادي الذي استغرب رد فعل المشككين والمنتقدين الذين يتخذون من الدين حجة، لا بل اكثر اعتبر أن"أنزور بالغ في حياديته في الخط المرسوم"خلافاً لما يقال، على الأقل في الحلقات السبع التي كانت عرضت، واستند في أقواله هذه، الى متابعة دقيقة للبرنامج ظهرت بوضوح في سياق كلامه، بعيداً من إطلاق الأحكام جزافاً كما حال بعض الأقلام التي سارعت الى شن حملة عنيفة ضد المسلسل، حتى قبل عرضه. كل هذا من دون ان يوفّر أنزور، فهو إذ يرى أن خط استخدام الإرهابيين للدين، عولج بحياد ما، يغمز من قناة المخرج حين يسأله، أو لعله ينتقده على حياده، وربما تخوفه، وكأنه يريد ان يقول أن الشق الديني استخدم لهدف معين، ألا وهو الترويج للبرنامج وتسويقه تجارياً. ولما بلغ هدفه، وأوقع المشاهد في فخ المتابعة، فوجئ هذا الأخير حلقة بعد حلقة حتى الآن أنّ لا شيء من هذا القبيل. وإذا كان المرء يوافق انزور على ضرورة انتظار عرض كل الحلقات قبل تحليل المسلسل والحكم عليه نهائياً ما دمنا نعرف أن الحكم النهائي على برنامج لم يعرض سوى ربع حلقاته، إما إنه ظالم وإما إنه يقول لنا إن بقية الحلقات ليست ضرورية، فإن ما لا بدّ من الإشارة إليه هو أهمية فتح هذا النقاش في التلفزيون، إذ غالباً ما تعودنا عدم ذكر المادة التلفزيونية نفسها إلا حين يكون المطلوب الترويج لها. اما اهتمام برنامج طالب كنعان بپ"الحور العين"بهذه الطريقة النقاشية اللافتة، فجاء ليذكرنا مرة اخرى بأن المواد التلفزيونية في حاجة الى ان يناقشها المعنيون والمتابعون بنظرات نقدية وسجالية، لأن مثل هذا السجال كفيل بتحريك وعي المتفرجين، وتحريك الوعي، في اعتقادنا، مهمة تلفزيونية بامتياز.