بعيدا عن نوعية الكتابات والنقاشات التي أحيط بها مسلسل «الحور العين» قبل عرضه وخصوصا التي تناولت العمل من جوانب شرعية واستفاد منها دعائيا وبصورة كبيرة المخرج السوري نجدة انزور، سوف أتحدث اليوم وبحزن عن هذا المسلسل ولكن من الناحية الدرامية بشكل خاص، مع احترامي لجميع الآراء التي تناولت المسلسل من جميع النواحي!! بعد الحلقة الثالثة من «الحور العين» اندهشت كثيرا لعبقرية المخرج انزور في التعامل معنا كسعوديين بصورة تدعو لعلامات الاستفهام بالفعل، وهذا الأمر أعادني لذكرياته مع إخراجه لأوبريت الجنادرية «خيول الفجر» والذي انتقدناه في حينه بعد هذا العمل وتطرقنا لطرافة تقنيته الإخراجية عندما عرض على سبيل المثال على شاشة التلفاز منظر المصلين بالحرم المكي الشريف متمازجين للأسف مع راقصين من سوريا بطبولهم يتراقصون على الطريقة الصوفية، أقول بعد الحلقة الثالثة وجدتني أمام مسلسل يمر بتمطيط على الرتم البطئ يتحدث عن عائلات عربية تسكن في إحدى المجمعات السكنية بمدينة الرياض ولا وجود في تلك الحلقات الثلاث إلا لإخواننا من سوريا ولبنان ومصر والسودان وهمهم الوحيد موائد الطعام والاجتماع حولها، أما المدينة التي يعيشون بها فلم تكن سوى مدينة «أشباح» لاوجود لها أي «الرياض» إلا مبنى الفيصلية ومنظر سيارات الطوارئ وهي منطلقة في إحدى اللقطات السريعة للتعامل مع حادث إرهابي!! السعوديون في المسلسل في بدايته وبكل أسف إرهابيون عندما ظهروا في الحلقة الثالثة، أما غير ذلك فالمقيمون العرب بالسعودية طيبون ومتآلفون وظريفون في الوقت نفسه، أما السعوديون فلا وجود لهم بتاتا، حتى خارج المجمع السكني أيضا لاوجود للسعوديين!! كيف يتناول نجدة انزور بمسلسله الذي يدعي انه كلفه اكثر من ستة ملايين ريال ظاهرة الإرهاب التي تأثر بها السعوديون كثيرا، ولاوجود لهم في بداية الحلقات كمجتمع مسالم وملئ بالحب للجميع وخصوصا مع إخوانهم المقيمين الذين بكينا عليهم كثيرا قبل غيرهم في الأحداث الإرهابية التي مرت على بلادنا حماها الله. أهنئ نجدة انزور على استفادته من الوهج الإعلامي الذي أحيط بمسلسله «البارد» جدا من الناحية الدرامية في أحداثه التي كثرت فيها الموائد والأكلات الشامية والمصرية، وابتعد فيها عن الربط الإنساني والاجتماعي للجنسيات الموجودة في المسلسل مع مضيفيهم من السعوديين، والذين عندما أظهرهم المخرج الفلتة اظهر الممثل الشاب مشعل المطيري والعنف على وجهه وبعد أدائه الصلاة يقلب وبكل عنف وإجرام إحدى مواقع التطرف الإرهابية ونواياه ظاهرة لتفجير الجانب الآخر من أبطال المسلسل المشغولين بالمقارانات ما بين الأكل الشامي والمصري!! السؤال هنا هل سيحقق هذا المسلسل الهدف الحقيقي الذي نطمح له ودافع الكثيرين عنه، ام أن العملية مسلسل فانتازي لمخرج فانتازي دائما يتحدث عن تكاليف أعماله وأرقامها الفلكية بغض النظر عن جودتها - كما نشرنا ذلك في عدد يوم أمس الجمعة - ومن يخالفه الرأي فهو لا يفهم!!