يتسلم مجلس الأمن والحكومة اللبنانية اليوم الاثنين التقرير الانتقالي"للجنة الدولية المستقلة للتحقيق في العمل الارهابي"الذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وهو التقرير الأخير لرئيس اللجنة الدولية الحالي القاضي الألماني ديتليف ميليس. وكان يفترض ان يسلم ميليس نسخة من التقرير في ساعة متأخرة من أمس الاحد الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان في اجتماع بينهما حصراً من دون مستشارين أو مساعدين. وأحيط التقرير بسرية تامة الى حين تسليمه الى مجلس الأمن والحكومة اللبنانية ووضعه أمام الاعلام فور التسليم الرسمي. ويستمع اعضاء المجلس غداً الثلثاء الى التقرير الشفوي الأخير لميليس الذي يغادر منصبه رسمياً هذا الاسبوع، لكنه وعد الامانة العامة بمساعدتها في الفترة الانتقالية الى مفوض جديد يرأس اللجنة الدولية. ولفتت المصادر الديبلوماسية الى طبيعة التقرير"الانتقالية"بمعنى انه ليس التقرير النهائي الذي سيتقدم بخلاصة التحقيق وباستنتاجات التحقيق النهائية. وقالت ان التحقيق ما زال في اطار"عملية مستمرة، بمعنى البداية وليس النهاية مستندة الى ما قاله ميليس نفسه في حديثه الى"الحياة"وهو أن التحقيق على المسار السوري قد بدأ وان الشهور المقبلة ستكون سورية. وتوقعت الأوساط الدولية ان يتضمن تقرير ميليس عرضاً أو لمحة عما حدث في فيينا أثناء استجواب فريق اللجنة الدولية للمسؤولين الأمنيين السوريين الخمسة. انما لم يكن واضحاً ما إذا كان التقرير سيسمي مسؤولين سوريين ليصنفهم"مشتبهاً بهم"في اغتيال الحريري، وتضاربت التوقعات في هذا الشأن. فحسب اتجاه من هذه التوقعات من المتوقع ان يقدم الاسماء الى مجلس الأمن كي يفرض عقوبات فردية على اصحابها. وبحسب اتجاه آخر، قد يقرر ميليس ان من الأفضل للتحقيق عدم اتخاذ اجراءات ضد الافراد المعنيين حالياً بهدف الحصول على المزيد من المعلومات من هؤلاء اثناء جولات أخرى من الاستجواب، فيما يركز التحقيق على المسار السوري في الشهور المقبلة. وبات شبه أمر محسوم قيام مجلس الأمن هذا الأسبوع بتمديد ولاية اللجنة الدولية للتحقيق لفترة 6 شهور إضافية، علماً أن الولاية الحالية تنتهي الخميس المقبل في 15 الشهر الجاري. كما بات شبه مستبعد أن يفرض مجلس الأمن عقوبات اقتصادية على سورية، إذ أن التحقيق لم ينته، ولن تكون هناك استنتاجات قاطعة سوى في التقرير النهائي. لكن الأوساط الديبلوماسية تتوقع أن تدفع الولاياتالمتحدة وبريطانيا نحو عقوبات محددة تستهدف النظام السوري، بمعنى اجراءات على نسق منع السفر لديبلوماسيين سوريين وغيرها. وفي حال تضمن تقرير ميليس أسماء أفراد يصنفهم"مشتبه بهم"، تُفرض العقوبات الفردية على هؤلاء بصورة تلقائية بناء على القرار 1636 وتشمل العقوبات حظر السفر وتجميد الأرصدة والممتلكات. وتتوجه الأنظار الى كيفية معالجة تقرير ميليس مسألة الشاهد السوري الذي تراجع عن افادته هسام هسام، لا سيما وأن الأوساط السورية اعتبرت التراجع ضربة لصدقية التحقيق. وكان ميليس أوضح أن هذا الشاهد"لم يؤثر على التحقيق، وأنه لن يُحذف أي شيء من مضمون التقرير الأول"الذي استنتج أن سورية عطلّت التحقيق ولم تقدم التعاون الكامل. وجهزت فرنسا مسودة مشروع قرار بدأت البحث فيه مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا تضمنت القول إن التقرير"يميل الى تأكيد أن مسؤولين سوريين لعبوا دوراً ناشطاً في هذا العمل الإرهابي"، وان استنتاجه هو ان"الحكومة السورية لم تقدم التعاون الكامل غير المشروط الذي أمر به القرار 1636"، بموجب الفصل السابع الملزم من ميثاق الأممالمتحدة. وفي دمشق، استبعدت مصادر فرض عقوبات اقتصادية على سورية، مشيرة الى توقع تبني مجلس الامن قرارا"يدعو الى التعاون غير المشروط في المرحلة المقبلة". وقال مسؤول سوري :"ليس هناك أي مبرر امام مجلس الامن لاتخاذ أي اجراء ضد سورية، الا اذا اراد البعض معاقبتنا لاننا تعاون بحسن نية مع لجنة التحقيق"، عندما وافقت دمشق سورية على ارسال خمسة سوريين الى فيينا. وعلم ان اسئلة فريق التحقيق الدولي الى الرئيس السابق لجهاز الامن والاستطلاع في بيروت العميد رستم الغزالي ونائبه العميد جامع جامع تركزت على موضوع"الفساد المالي في لبنان واسباب اهمال المهمات الامنية فيه". وتتجه الانظار في بيروت نحو الأممالمتحدة في نيويورك، بعد تسلم أمينها العام من ميليس تقريره الإجرائي الثاني حول المراحل التي قطعتها لجنة التحقيق، لما قد يترتب عليه من تداعيات سياسية على صعيد العلاقات اللبنانية ? السورية في ضوء توافر معلومات عن توجيه اتهامات الى ضباط سوريين في ضلوعهم في الجريمة. وأكد مصدر وزاري لبناني رفيع ان مستقبل العلاقات بين البلدين سيتم تظهيره تدريجاً من خلال ما سيتضمنه تقرير ميليس، معتبراً ان أفق هذه العلاقات يتوقف على مدى استعداد دمشق للتعاون مع فريق التحقيق الدولي، ولافتاً الى ان الجهود العربية التي بذلت حتى الآن لإعادة تطبيعها بين البلدين لم تحقق اي تقدم بخلاف ما تحاول سورية اظهاره. وعزا المصدر السبب الى ان المسؤولين السوريين يبعثون برسائل ودية الى الحكومة اللبنانية لكنهم يمارسون على الأرض نقيض ما تتضمنه رسائلهم. وقال ان الوساطة التي قام بها مصطفى اسماعيل مستشار الرئيس السوداني ظلت في اطار التشاور حول نقاط الخلاف التي ما زالت عالقة، خصوصاً بالنسبة الى الاصرار على استخدام الورقة الفلسطينية في لبنان باتجاه توتير الأجواء من خلال بعض الفصائل التي تحاول ربط السلاح الفلسطيني بسلاح"حزب الله". وأضاف:"لا مصلحة للبنانيين بربط السلاح الفلسطيني بسلاح المقاومة لأن مثل هذا"التلازم"يستعجل فتح ملف نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية بخلاف ارادة غالبية اللبنانيين التي تعتبر ان سلاح"حزب الله"خاضع للحوار الداخلي ولمصلحة البلد، على عكس السلاح الآخر وتحديداً خارج المخيمات الفلسطينية. وتطرق المصدر الى مسألة ترسيم الحدود بين البلدين، وقال:"ان الاعتراف السوري بلبنانية مزارع شبعا المحتلة يستدعي اسراع دمشق بإيداع الأممالمتحدة وثيقة في هذا الخصوص نظراً الى ان الموقف الإعلامي وحده لا يساعد على تثبيت هويتها". الى ذلك، قال رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط بعدما وضع زهرة على ضريح والده كمال جنبلاط في المختارة امس لمناسبة الذكرى ال 88 لميلاده:"اليوم زال الاحتلال الإسرائيلي وخرج نظام الوصاية وخرج السوري واستقل لبنان الديموقراطي المتنوع ولن تعود عقارب الساعة الى الوراء". وتناول جنبلاط الاستعدادات الجارية في مجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير ميليس وقال:"لن نرتاح إلا عندما يتم استجواب المشتبه بهم في جريمة اغتيال الحريري وتوقيف المجرمين وعندما تنشأ محكمة دولية في الجريمة لا اكثر ولا أقل"، مؤكداً ان"هذه المحكمة تسمح بمحاكمة من لهم علاقة بالجريمة من ضباط النظام السوري او غيرهم فيما نحن لا نستطيع محاكمتهم في لبنان".