قد يبدو المشهد مضحكاً لكن الأحذية احتلّت هذا العام قائمة مشتريات العيد في العاصمة اللبنانيةبيروت... وكأن سكّان هذه المدينة وجدوا في السير على الأقدام والنزهات حلاً يروّح عن نفوسهم ضغوط الظروف العصيبة التي عاشتها البلاد في الآونة الأخيرة... الجميع يتهافت على شراء الأحذية، وهذه الأخيرة تنافس الثياب والمأكولات وتتفوق عليها، بعد أن جرت العادة سنوياً أن تستنفد الملابس أولاً والحلويات ثانياً، طاقات الناس المادية. "اجا العيد تيفش خلقنا"... هكذا قالت رباب زمزم ربة منزل وهي تجلس على كرسي أحد مزيني الشعر. وكأن بيروت استفاقت فجأة من كبوتها، بعد أن أهلكها القلق والانتظار وترقب القرارات والتقارير. عادت زحمة السير الخانقة إلى شوارع العاصمة. وعلى رغم أن المحلات تحاول استقطاب زبائن اشتاقت إليهم رفوفها، بسبب الحالة الاقتصادية التي يمر بها البلد، إلا أن الزينة التي ملأت الشوارع تحاول الإيحاء للناس بضرورة سرقة لحظات الفرح... إنها الليلة الأخيرة التي اخترق فيها ليل لبنان صوت المسحراتي وهو يمشط زواريب الشوارع قارعاً على طبله منادياً بأعلى صوته من يحتاج إلى إسكات جوعه... وبين اهتمام بعضهم في طلته، وبعضهم الآخر في تمضية ليالي العيد في أحد النوادي، وعلى رغم حضور رمضان الخجول، وتزامنه مع موعد تقرير ميليس الذي شغل بال الناس وتفكيرهم، إلا أن العيد فرض نفسه وجاء ليحمل بيروت إليه..."نحن حرمنا من العيد، فليحتفل به الصغار"، تقول أم علي، محاولة رسم ابتسامة صفراء تقاوم تجاعيد وجهها.