تمتد يد العنف لتطاول شرائح متنوعة. وتقف هذه المرة أمام الهيئات التدريسية التي يتعرض أفرادها لحملة اغتيالات منظمة. وتعرض ناجي سعدون، أستاذ لغة عربية في إحدى المدارس الإعدادية في منطقة الدورة، جنوببغداد، لمحاولة اغتيال أمس. وعلى رغم أنه انتمى الى حزب"البعث"المنحل ليحصل على وظيفته خلال العهد السابق، لكنه لم يؤذ أحداً، بحسبما أكده طلابه وزملائه وعائلات الحي حيث تقع المدرسة. وكان تلقى رسائل تهديد ألقيت في باحة المدرسة ومختصرها"هذا مصير البعثيين". وتشهد المناطق الساخنة في جنوببغداد وغربها حوادث اغتيال غامضة، طاولت مترجمين وأطباء ورجال أعمال ومقاولين وأساتذة جامعيين وحلاقين، وأخيراً مدرسين، بعضهم ينتمي الى"البعث"أو بسبب الصراع الطائفي في المناطق المتاخمة بين السنّة والشيعة، مثلما حدث قبل حوالي الشهر عندما استهدف مسلحون مدرسين من الشيعة في منطقة الاسكندرية، بعدما اقتادوهم الى أحد الصفوف في المدرسة، وأطلقوا عليهم النار. وتلى ذلك اغتيال خمسة آخرين مع سائقهم في مدرسة الجزيرة في قرية المويلحة، ثم مقتل مديرة مدرسة في بغداد وزوجها. ودفع التوتر الأمني في مناطق أبو غريب والحصوة والتاجي والطارمية والشعلة واليوسفية والمحمودية واللطيفية والاسكندرية وسلمان باك والوحدة والدورة والسيدية، وزارة التربية الى التهديد باغلاق كل المدارس في هذه المناطق ونقل الطلبة والأساتذة الى مدارس في مناطق هادئة نسبياً. وأكد وزير التربية عبد الفلاح حسن السوداني أنه غير مستعد"للتضحية غير المبررة بأرواح الطلاب والمدرسيين"، وان الوزارة قد تلجأ الى"إغلاق المدارس التي يعيش طلابها وهيئاتها التدريسية في جو غير مستقر يصعب معه الوصول الى الهدف التربوي المنشود". وحض إدارات المدارس على إجراء اتصالات مع شيوخ ووجهاء العشائر"لتبصريهم بخطورة انجرار العلم الى الصراع الطائفي والذي لن يعود إلا بالضرر على الأهالي ذاتهم". وأشارت مصادر الوزارة الى أن غالبية المدرسين الذين اغتيلوا هم الذين أعادتهم الوزارة الى عملهم، بعد"اجتثاثهم لأنهم بعثيون"، مؤكدة اغتيال عشرين استاذاً بسبب الصراع الطائفي. ولفتت الى ان إحدى الجماعات المسلحة اغتالت مديراً لمدرسة في منطقة اللطيفية ذات الغالبية السنّية، كونه شيعياً، فما كان من عشيرته إلا ردت بقتل مدرس سنّي. وقال مدرس في إحدى المدارس المتميزة في بغداد إن مدرسته تعرضت لعشرات القذائف بسبب وجود أبناء المسؤولين في الحكومة فيها، وعزف جلهم عن الدراسة أو غادروا العراق الى مدارس في دمشق وعمان. ولا يقتصر الأمر على رسائل التهديد التي تصل الى المدرسين، فقد اكتشفت إحدى المدرسات ان الرسالة التي وصلتها وتطالبها بترك المهنة كانت من احدى طالباتها التي أخفقت في امتحان الكيمياء وعرفتها من خطها. وقالت هذه المدرسة، واسمها نادية خالد، إن الطالبة استغلت سوء الوضع الأمني وكتبت رسالة تهديد موقعة باسم"مجهول""وطالبتني بترك المدرسة وإلا فإن مصيري الموت...".