يوم عصيب شهده الاردن امس وهو يلملم جراحه ويحصي ضحاياه الذين سقطوا في انفجارات انتحارية غير مسبوقة استهدفت ثلاثة فنادق في العاصمة. لم يخفف من وطأة الصدمة والحزن والغضب سوى التضامن العربي والدولي الواسع معه في مواجهة الارهاب، والالتفاف الداخلي الكبير الذي انعكس في ادانة الاحزاب الاسلامية للتفجيرات باعتبارها"أعمالا اجرامية"، وايضا في موقف اردنيين خرجوا الى الشوارع في تظاهرات تأييد عفوية. راجع ص 7 ووجه الملك عبدالله الثاني كلمة للشعب الاردني اكد فيها ان الاردن"لا يخاف ولا يقبل الابتزاز"لتغيير مواقفه، وسيلاحق الارهابيين ومن يقف وراءهم"لاخراجهم من جحورهم وتقديمهم الى العدالة". ويأتي هذا الموقف بعدما تأكدت التكهنات عن وقوف تنظيم"القاعدة في بلاد الرافدين"وراء التفجيرات، وهو امر أثار مخاوف اميركية من توسيع بقعة الاعتداءات الى مجمل الشرق الاوسط. فقد اعلن تنظيم"القاعدة"الذي يتزعمه الاردني"ابو مصعب الزرقاوي"في بيان امس مسؤوليته عن الهجمات ضد الفنادق التي قال انها اختيرت لاسباب كثيرة منها انها اصبحت"حديقة خلفية لاعداء الدين من يهود وصليبيين، ومرتعا قذرا لخونة الامة من المرتدين، وملاذا آمنا لمخابرات الكفار التي تدير مؤامراتها ضد المسلمين من هناك"، في اشارة الى اجهزة الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية والحرب على الارهاب. واعرب الجنرال الاميركي ريك لينش عن"القلق لكون الزرقاوي يخطط لتوسيع بقعة اعتداءاته الى المنطقة برمتها ... ونعتقد ان هذا ما حصل الاربعاء"، مضيفا:"استخباراتنا تقول لنا ان تحركاتنا لها تأثير كبير على عملياته ... نعتقد انه في وضع حرج. انها مسألة وقت لا اكثر قبل ان نتمكن من هزم القاعدة في العراق". من جانبه، اكد العاهل الاردني في كلمته"الثقة الكبيرة في الاجهزة الامنية وقدراتها في حماية امن الاردن واستقراره". ودعا المواطنين الى المزيد من الحذر والانتباه والتعاون مع الاجهزة الامنية لاحباط اي محاولة للعبث بأمن وطنهم. وكان الملك عبدالله قال خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الامن الوطني ان مكافحة الارهاب"يجب ان تطال كل من يبرره او يؤيده". وكان لافتا النبأ الذي نشرته صحيفة"هآرتس"الاسرائيلية مساء اول من امس في موقعها على الانترنت والذي افاد ان رجال امن اردنيين اخلوا عشرات الاسرائيليين من فنادق عمان"قبل ساعات من وقوع التفجيرات"، لتعود الصحيفة بعد ساعات من نشر النبأ لنفيه واعتبار ان"لا صحة له"، مشيرة الى ان عملية الاخلاء نفذت"بعد"وقوع الانفجارات. واعلنت بغداد انها حذرت عمان من العملية قبل وقوعها، اذ قال وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي ل"الحياة"ان الاجهزة العراقية كانت تملك معلومات عن عزم جماعة الزرقاوي على توسيع العمليات الارهابية الى الاردن ودول الجوار، خصوصا تلك التي تساند العراق في مواجهة الارهاب. وسارعت دول عربية وغربية الى شد ازر الاردن، وتراوحت ردود الفعل بين ادانة العمليات الارهابية والتعزية وبين المطالبة بمواجهة دولية للارهاب. وقال مصدر سعودي مسؤول ان الشعب السعودي وحكومة خادم الحرمين الشريفين يقفان صفا واحدا مع اشقائهم في الاردن في حربهم ضد الارهاب. ووصف التفجيرات بأنها"عمل دنيء ارتكبته ايد آثمة لا تخشى الله"وان"من قاموا بها يبرأ منهم دين الاسلام وتبرأ منهم الانسانية". واجتمع مجلس الامن في جلسة علنية ليدين بأشد العبارات التفجيرات ويحض العالم على مساعدة الاردن في تقديم المتورطين فيها امام القضاء. وعدل الامين العام للامم المتحدة كوفي انان عن الغاء زيارته للاردن بعد التفجيرات، وقالت الناطقة باسمه انه سيزورها اليوم ويلتقي الملك عبدالله. ومن جانبه، اعلن مسؤول اميركي ان الرئيس جورج بوش تحدث هاتفيا مع الملك عبدالله وواساه وابلغه انه"يدعم قيادته بقوة"، عارضا تقديم المساعدة للاردن الذي وصفه ب"الحليف الاساسي في الحرب ضد الارهاب". وارتفعت الحصيلة غير النهائية للضحايا امس الى 59 قتيلا. وصرح نائب رئيس الوزراء الاردني مروان المعشر بأنه تم التعرف على اشلاء منفذي الاعتداءات وان التحقيق جار لمعرفة هوياتهم، علما ان مسؤولا امنيا اردنيا رجح ان يكونوا عراقيين. واشار الى ان"عدد الضحايا الاردنيين بلغ 33 شخصا تم التعرف على جثثهم"، وان من بين القتلى خمسة عراقيين وثلاثة صينيين وسعودي وفلسطيني واندونيسي وفلسطيني من مناطق ال48. ومن بين القتلى قائد القوات الخاصة الفلسطينية اللواء بشير نافع الذي كان في طريق عودته الى الاراضي الفلسطينية، وابنة المخرج العالمي من اصل سوري مصطفى العقاد الذي اصيب ايضا في التفجير ويقبع في حال حرجة في المستشفى.