على رغم ترحيبها بمبادرة المصالحة الوطنية التي أطلقها مؤتمر جدة لوزراء الخارجية العرب، أبدت قوى سياسية عراقية خشيتها من استغلال هذه المبادرة"لإعطاء التدخلات العربية والإقليمية في الشأن العراقي غطاءً شرعياً ودولياً قد يعزز التصعيد الطائفي"فيما أعربت قوى سياسية اخرى عن اعتقادها بأن"التدخل العربي في هذه المرحلة ضروري لوقف الاحتقان الأمني والطائفي في البلاد". وقال عضو المكتب السياسي ل"الحزب الإسلامي"اياد السامرائي ل"الحياة"ان"الوضع الداخلي بات معقداً جداً ويحتاج الى تدخل الأشقاء والأصدقاء". وأوضح ان"الصراع متعدد الأوجه وله أبعاد قومية وطائفية، يستغلها هذا الطرف او ذاك". وأشار الى ان الجامعة العربية تمتلك الخبرة والأدوات ما يؤهلها إدارة حوار ناجح بين الاطراف، خصوصاً اذا جاءت تحمل موقفاً عربياً واحداً من التجربة العراقية". ولفت السامرائي الى ان"المصالحة تكون بين الخصوم وعلى الجميع ان يجلس الى طاولة الحوار بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف". وأكد ان على المبادرتين"اقناع القوى التي حملت السلاح بالمشاركة في الحوار بعدما عجزت الاطراف العراقية عن فتح قنوات معها". من جانبه، أكد عضو"هيئة الشورى في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية"علي العضاض"رفض الشيعة الجلوس مع البعثيين والجماعات المسلحة"لكنه قال ان"القوى السياسية الشيعية لا ترى مانعاً من تقديم الجامعة العربية اقتراحات تساهم في تعزيز الوحدة الوطنية ودفع عجلة العملية السياسية قدماً الا انها تبدي الكثير من الحساسية تجاه بعض الصياغات التي تطلق هنا وهناك". وأوضح انه"ليس هناك حرب او قتال بين القوى الوطنية او المكونات الشعبية العراقية يستدعي عقد مصالحة بينها، وبالتالي فان مصطلح المصالحة مرفوض". وأشار العضاض الى ان"المطلوب هو عقد مؤتمر عام لدعم الدستور والعملية السياسية وتفعيل المشاركة السنية في الاستفتاء على مسودة الدستور والانتخابات المقبلة"، وقال:"اما المناورات ومحاولة عرقلة العملية السياسية فمواقفنا واضحة منها". وحذر توفيق الياسري الأمين العام ل"الائتلاف الديموقراطي الموحد"من استغلال هذه المبادرة"لتمرير مخططات عربية إقليمية من شأنها تكريس الطائفية وتهيئ الأجواء السياسية والإعلامية للتصعيد الطائفي"وقال ل"الحياة":"نخشى ان لا تنسجم هذه المبادرة مع هدفها المعلن". وأوضح ان"الساحة العراقية تشهد تدخلاً سافراً من عدد من الدول العربية وطبيعة هذا التدخل غالباً ما تكون سلبية". لكن عضو الجمعية الوطنية مشعان الجبوري اعتبر خطوة الجامعة العربية"ايجابية على رغم انها جاءت متأخرة". وقال ان"احياء الدور العربي وتفعيله في الملف العراقي ضروري لمواجهة النفوذ الايراني ومحاولات بعضهم تغيير هوية العراق"، مضيفاً:"من الطبيعي ان يمتعض الائتلاف الشيعي من اي دور عربي في العراق لأنه يريد للدور الايراني ان يكون سيد الموقف برمته". وتابع ان"الحضور العربي سيقوي معنويات السنة في مواجهة مشروع تقسيم البلاد الذي يريده الآخرون". وأفاد ان"المهم في المبادرة العربية في تنظيم مؤتمر للمصالحة في العراق انها انطلقت من السعودية وهذا الامر يجعلها قوية وفعالة". ورأى أن أي"مؤتمر للمصالحة تنظمه جامعة الدول العربية لا معنى له من دون مشاركة حملة السلاح". وقال ان جميع العراقيين مقاومون للإحتلال وللسلطة الطائفية المفروضة علينا من الخارج سواء مقاومة بالسلاح أو بالكلمة". وزاد ان"على الوفد العربي القادم الى بغداد ان يدرك ان نجاح اي مؤتمر للمصاحة الوطنية مرهون بمشاركة قيادات المقاومة لأنها هي صاحبة القرار على الارض". وأشار الى استعداده"لمساعدة الأمين العام للجامعة عمرو موسى بتأمين اتصالات له مع رجال المقاومة والحصول على تفويض منها لأشخاص يمكنهم حضور المؤتمر الموعود". في هذه الاثناء، قال جلال الدين الصغير، القيادي البارز في"الائتلاف"الشيعي ل"الحياة"ان"موقف جامعة الدول العربية وبالتحديد موقف موسى المنتقد والمشكك بمسودة الدستور يجعل دور الجامعة او مبادرتها غير مرحب بها". واضاف ان"تاريخ الجامعة مع العراق غير مشرف وغير محايد ويحمل الكثير من المواقف المؤيدة للمسلحين ولنظام حكم صدام حسين في السابق". وطالب الصغير جامعة الدول العربية ب"اعتذار رسمي الى الشعب العراقي كي تضمن ترحيباً لمبادرتها الرامية الى عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية". واتهمها ب"توفير الدعم السياسي للجماعات المسلحة العراقية وهو امر لا يؤهلها للعب اي دور في الملف العراقي". وشدد على ان أي"مبعوث للجامعة لن يلقى أي ترحيب من العراقيين، خصوصاً ان مبادرة تنظيم مؤتمر للمصالحة لم تتم بتنسيق مع الائتلاف الشيعي". في السياق ذاته، رحب نائب رئيس كتلة"العراقية"برئاسة رئيس الحكومة السابقة اياد علاوي بمبادرة الجامعة العربية. وقال راسم العوادي ل"الحياة"ان"علاوي يعتزم تشكيل جبهة وطنية لدخول الانتخابات المقبلة". واضاف ان"هدف تشكيل الجبهة هو تقويض المد الطائفي الذي يقود البلاد الى الفتنة". وأكد أن العراقيين"عازمون على الحوار والمصالحة سواء رضي الاميركيون أم لم يرضوا"، مشيراً الى ان"العراقية"مستعدة لمساعدة عمرو موسى"على لم جميع الاطراف العراقية في المؤتمر الذي يريد تنظيمه في بغداد". ولفت الى ان"المتورطين في جرائم ضد العراقيين من انصار النظام السابق لن يسمح لهم بالمشاركة في مؤتمر المصالحة". وانتقدت"هيئة العلماء المسلمين"التوقيت"السيئ لإطلاق المبادرة"وأكد عبدالسلام الكبيسي عضو الهيئة ل"الحياة"ان موقف الهيئة"لم يعلن بعد وانا شخصياً لا ارى في هذه المبادرة أكثر من قرص مهدئ لرأس الرئيس الاميركي جورج بوش". وأكد عمار الحكيم نجل عبدالعزيز الحكيم زعيم"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية"ورئيس"مؤسسة شهيد المحراب الثقافية"في النجف ان"المرجعية الدينية العليا في النجف ترحب بأي مبادرة من شأنها رأب الصدع وتعزيز الوحدة الوطنية، وتحقيق تقارب بين الشيعة والسنة". وقال في اتصال هاتفي مع"الحياة"ان"المبادرة اذا كانت تعني التعبير عن ارتباط العراق مع محيطه العربي، فهي جيدة". وأوضح ان"الظروف السياسية التي مر بها العراق إبان عهد النظام السابق وبعد سقوطه انعكست بشكل سلبي على علاقة العراق مع الدول العربية الأخرى ما جعله في حاجة الى مبادرات". اما"محاولة تشكيل اصطفافات عربية للضغط على مكون عراقي معين باتجاه ما، فهذا أمر غير مقبول إطلاقاً"، وأفاد ان"هناك ارهاباً يستهدف جماعة اهل البيت عبر بيانات معلنة اتخذت طابع الحرب ضد الشيعة"وأكد ان"هذه الحرب تستهدف أوساطاً سنية معتدلة شأنها شأن الشيعة".