يخطئ من يحسب أن الخلافات بين الرئيس يوشينكو وبيني تعني هزيمة ثورتنا الديموقراطية وتحطيم مثلنا وغاياتنا. فالمراحل الآتية من الحياة السياسية الأوكرانية لا يتحكم فيها الرئيس، ولا أتحكم فيها أنا. وما جرى الشتاء المنصرم، شتاء 2005، أدخل الاستقامة والأخلاق في السياسة وعليها. والدليل هو أن أمين سر الدولة السابق ألكسندر زينتشينكو استقال استنكاراً لتجدد الفساد في دوائر الدولة العليا، واختار الاستقامة على الوظيفة والمكانة. وعلى هذا، فالقلاقل السياسية اليوم لا تنذر بانهيار الاصلاحات بل هي، على النقيض، إيذان بتطهير مجتمعنا السياسي وتنقيته. ويولد سياسيون جدد على أنقاض السياسة القديمة. وهم يرفضون فضائح السلطة. ويتوقع أن تكون انتخابات آذار مارس 2006 الآتي المرحلة الثانية من العملية السياسية الجارية والساعية في التخلص من النظام العشائري وفساده. وانفصال طريقينا، طريق الرئيس يوشينكو وطريقي، ولد قوتين سياسيتين متوازيتين ومستقلتين. والقوتان هاتان متنافستان. وآمل، من جهتي، أن أقود في الانتخابات التشريعية الآتية القوى المقيمة على الوفاء للمثل والغايات الديموقراطية التي تظاهر الأوكرانيون واعتصموا من أجلها بساحة الاستقلال في تشرين الثاني نوفمبر 2004. وأنوي أن تضطلع كتلتي البرلمانية بموقف بناء في مسائل مثل الانضمام الى منظمة التجارة العالمية. وفي أثناء ولايتي رئاسة الحكومة، وقبل إقالتي التزمنا، فريقي الوزاري وأنا، ما وعدنا به الأوكرانيين. فعملنا في سبيل تنمية أوكرانيا على المدى البعيد، وأولينا اهتمامنا مطاليب السكان الاجتماعية والعاجلة. وتمكنا من ذلك من طريق تقليص حصة اقتصاد الظل من الاقتصاد الوطني. وزدنا واردات الخزينة 70 في المئة من غير زيادة الضرائب، قياساً على العام المنصرم. وألغينا 5 آلاف مذكرة إدارية منحت القطاعات البيروقراطية المتفرقة حقوقاً غير مفيدة في الإفساد. فالاجراءات الادارية السابقة كانت تقتضي، في الحقول كلها، إجازات خاصة وإعفاءات وزارية اعتباطية. وما انجزناه من تبسيط الاجراءات والمعاملات أدى الى تجفيف مستنقع الفساد الذي كان أصحاب الأعمال الأوكرانيون يضطرون الى الولوغ فيه. وأحد الأمثلة على ما أنجز هو تقليص اجراءات تملك الشركات الزارعية الأراضي والعقارات التي تحتاج اليها. فكانت إجراءات التملك يقتضي انجازها ثلاثة أعوام الى أربعة، و73 توقيعاً إدارياً. وأما اليوم فتنجز معاملة تملك في ثلاثة أشهر الى أربعة من طريق مناقصة حرة وعلنية. وفي شأن الخصخصة التخصيص اقترحت حكومتنا نموذجاً لا لبس أو غموض فيه، ويستبعد مفاوضات الردهات الخلفية. وحين أعدنا خصخصة مجمع التعدين كريفورويستال وألغينا خصخصته السابقة والمشتبهة عن يد الرئيس السابق كوتشما ضربنا مثلاً لا شبهة فيه. وكانت شركة فرنسية، أرسيلور، بين الشركات المشتركة في المناقصة. ولكن هذا كله، اليوم، ينظر فيه من جديد وقد يرجع عنه. وأول ما أرجوه وآمل فيه هو ألا تتضرر صورة أوكرانيا في أوروبا. وينبغي ألا يحدث مثل هذا الأمر أبداً. فأوروبا طرف قوي جداً، وإضعاف علاقتنا به خطأ مميت. عن يوليا تيموشينكو رئيسة حكومة أوكرانيا السابقة، لوفيغارو الفرنسية، 29/9/2005