أثار تقرير ميليس الذي رفع الى الامين العام للأمم المتحدة بخصوص قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري زوبعة في الاوساط السياسية الدولية، والسؤال الذي ينبغي طرحه هو: لماذا تتحرك الولاياتالمتحدة الاميركية ديبلوماسياً لحشد التأييد الدولي للتحرك ضد سورية بعدما اشار التقرير الى تورط سوري - لبناني؟ ولعل اجابة هذا السؤال واضحة وهي ان الادارة الاميركية تريد تأييداً دولياً للضغط على سورية وعزلها، واذا افترضنا ان هناك تورطاً أمنياً سورياً فما ذنب الشعب السوري في هذه المعادلة، فالولاياتالمتحدة تسعى الى فرض حصار اقتصادي على غرار الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق من قبل. ولعل تصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش واضحة وكذلك تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس تمارس ضغطاً واضحاً على المجتمع الدولي كي يمرر قراراً لمعاقبة سورية اقتصادياً. وهكذا فقد تعقدت الامور فتقرير ميليس يلقي باللوم ايضاً على الرئيس اللبناني اميل لحود الموالي لسورية ما يزيد التأكيدات بأن التقرير يهدف الى ما تهدف اليه الادارة الاميركية أي الى تمرير قرار بمعاقبة سورية وربما ايضاً الى تنحية الرئيس اللبناني، حيث يشير التقرير الى ان احد الشهود قال ان الرئيس اللبناني تلقى مكالمة هاتفية قبيل الانفجار بدقائق، وهذا ما قد يتسبب في خلق ازمة ثقة داخل الاوساط اللبنانية وقد يتسبب ايضاً في زيادة الفجوة بين المعارضة والحكومة الحالية مما ينذر بتصاعد ازمة سياسية، وبالتالي تتزايد الضغوط، فسورية ستكون معزولة سياسياً ولبنان سيبقى منشغلاً في مشكلات السياسة الداخلية. وما يعزز من عدم دقة تقرير ميليس ان الشاهد الذي استجوبته اللجنة الدولية المكلفة التحقيق مشكوك في صدقيته، فقد ذكرت مجلة"دير شبيغل"الألمانية نقلاً عن مصادر في الاممالمتحدة ان زهير الصديق الذي تحدث عن تورط العديد من المقربين من الرئيس السوري بشار الاسد في اغتيال الحريري قد تورط في الماضي بتهمة اختلاس اموال واحتيال كما انه كذب مرات عدة خلال جلسات الاستماع امام لجنة التحقيق وهذا ما يعزز نظرية عدم دقة تقرير ميليس. من جهة اخرى اشار التقرير الى ان الادلة المادية التي جمعت والبقايا البشرية اشارت الى ان التفجير حدث بواسطة شاحنة متسوبيشي صغيرة كانت محملة بقنبلة مصنوعة في لبنان وقد وجد رقم محرك هذه السيارة بين الركام في ساحة الجريمة. وما يزيد من تعقيد الامور في هذا التحقيق الشريط الذي بثته قناة"الجزيرة"والذي أظهر شخصاً، يدعى احمد ابو عدس بعد الجريمة بساعات يعلن عن مسؤولية"النصرة والجهاد في بلاد الشام"في عملية الاغتيال. فإذا كان هذا صحيحاً فكيف يمكن اعتبار سورية ولبنان متورطين؟ ايضاً فالضغوط توالت على سورية حتى من المفوضية الاوروبية التي تدعو سورية الى التعاون بشكل كامل مع التحقيق الدولي، وهذا الامر يعزز من فرصة تمرير قرار دولي لمعاقبة سورية اقتصادياً، وهذا ما تهدف اليه الادارة الاميركية. وما زاد الامر صعوبة على سورية ان فرنساوالولاياتالمتحدة اعلنتا استعدادهما لتقديم مشورعهما لمجلس الامن لمعاقبة سورية اقتصادياً. بالاضافة الى الضغوط المتعلقة باتهام الولاياتالمتحدة لسورية بأنها تسمح للارهابيين بعبور الحدود الى العراق. هذا كله يصب في بوتقة واحدة وهي تمرير قرار عبر مجلس الامن لمعاقبة سورية اقتصادياً. من جهة اخرى اشار التقرير الى احتمال ضلوع اللواء جميل السيد الذي نسق مع العميد رستم غزالة وهو الرئيس السابق لجهاز الامن والاستطلاع السوري في لبنان وبالتعاون مع اطراف اخرى من ضمنهم افراد من مجموعة احمد جبريل وهو الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهذا الاتهام يعيد الى الاذهان الحرب الاهلية اللبنانية التي تورطت فيها الفصائل الفلسطينية طرفاً في الصراع. وهنا ايضاً يجب الاشارة الى ان مجموعة احمد جبريل موالية لسورية فلماذا تتهم؟ اذاً الواضح هو ان الامور تجري كلها في طريق معاقبة سورية اقتصادياً بقرار من مجلس الامن. الدار البيضاء - جلال بوشعيب فرحي