القبض على (3) أشخاص بالمنطقة الشرقية لترويجهم (5) كغم من الحشيش المخدر    «الداخلية» تطلق ختماً خاصاً بمعرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024    تجمع الرياض الصحي الأول يكرم 14 استشارياً    القوات الجوية الملكية السعودية تشارك في تمرين «درع السِند 2024» في باكستان    إمام المسجد النبوي: آية ((إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) تحمل في طياتها معاني عميقة    إسرائيل تعلن اغتيال قائد منظومة اتصالات حزب الله    ارتفاع حصيلة قتلى إعصار "هيلين" بأمريكا إلى 215 شخصًا    وفاة 866 شخصًا بمرض جدري القردة في أفريقيا    "الصحة العالمية"تستعدّ للقيام بالجولة الثانية لتلقيح أطفال غزة ضدّ شلل الأطفال    أمطار رعدية على المناطق الجنوبية والأجزاء الجنوبية من مكة    الرئاسة الفلسطينية تدين المجزرة الإسرائيلية في طولكرم    استقرار أسعار الذهب    أثر الشخصية واللغة والأمكنة في رواية «الصريم» لأحمد السماري    إبراهيم البليهي: لم أندم.. والأفكار تتغيّر    اعتزال ال «30»    تفاؤل عالمي بقوة الاقتصاد السعودي    وزير المالية: نفذنا إصلاحات مالية في ظل رؤية 2030    نائب وزير الخارجية يشارك في مراسم تنصيب رئيسة المكسيك    أحلام على قارعة الطريق!    «زلزال الضاحية».. ومصير حزب الله    الفيحاء يقتنص تعادلاً ثميناً من الوحدة في دوري روشن للمحترفين    «بالون دور».. سباق بدون ميسي ورونالدو للمرة الأولى منذ 2003    الشاهي للنساء!    غريبٌ.. كأنّي أنا..!    ذكورية النقد وأنثوية الحكاية.. جدل قديم يتجدّد    دوري يلو.. فرصة للنجوم لمواصلة العطاء    الزمالك نجم السوبر الأفريقي    المجتمع الدولي.. خصم أم حكم؟    حديقة الملك سلمان.. وجهة استثنائية    رنين الماضي في سوق الزل    المرور: حادث اصطدام شاحنة بمركبة في الرياض تمت مباشرته في حينه «منذ عام»    90 مبادرة لأمانة الطائف تعزز الوعي البيئي وتدعم الاستدامة الخضراء    أمانة الطائف توقع عقد إنشاء مشروع (قبة الفراشات) بمساحة ٣٣ ألف م٢    جويدو.. وجمهور النصر!    أخضر الأولمبياد الخاص للشراع يشارك في المسابقة الإقليمية بدبي    الأمير سعود بن نهار يعزي أسرة الحميدي    المقاولات وعقود من الباطن    كتب الأندية الأدبية تفتقر إلى الرواج لضعف التسويق    محافظ الطائف يلتقي مدير جمعية الثقافة والفنون    درجات أم دركات معرفية؟    معالي وزير العدل    المعلم.. تنمية الوطن    اختتام مشاركة الهلال الأحمر في المعرض التفاعلي الأول للتصلب    مدير تعليم الطائف يطلق مبادرة غراس لتعزيز السلوك الصحي    2238 مصابا بالناعور في 2023    تعيين عدد من الأئمة في الحرمين الشريفين    أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في المملكة يتمم الدورية رقم 5 آلاف في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    بدء الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين لبحث التحرك العربي للتضامن مع لبنان    أمير الشرقية يطلع على مستجدات أعمال فرع وزارة الشئون الإسلامية ويستقبل منسوبي "إخاء"    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    تثمين المواقع    مملكة العز والإباء في عامها الرابع والتسعين    وداعاً يا أم فهد / وأعني بها زوجتي الغالية    نائب أمير المدينة يقدم واجب العزاء لأسرة شهيد الواجب الجهني    مفتي عام المملكة يستقبل مفوّض الإفتاء بمنطقة جازان    الحياة الزوجية.. بناء أسرة وجودة وحياة    أمير مكة المكرمة ونائبه يعزيان أسرتي الشهيدين في حريق سوق جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبناء الذوات ... وموسيقى الاحتجاج
نشر في الحياة يوم 10 - 10 - 2005

كانت قاعة المسرح البيروتي تعجّ، ذلك المساء، بشبان وشابات من كل الأشكال والألوان، احتشدوا للاستماع الى فريق ال"روك - بانك"الفرنسي المعروف"الرؤوس اليابسة" les tetes raides، وتمضية سهرة استثنائيّة من الانفعال والغناء والاحتجاج... وهي مناسبات لها في بيروت هذه الأيّام، أكثر من ضرورة ودلالة ومعنى، في مرحلة القلق والحيرة التي تحاصر الجيل الجديد بين صحوة ضائعة ومستقبل غامض.
ومجيء الفرقة الموسيقيّة المذكورة إلى بلد عربي كلبنان، لا يمكن إلا أن يكون حدثاً ثقافياً واجتماعيّاً، نظراً لما تمثّله الفرقة فنياً في بلادها، وللخيارات الراديكاليّة التي تضعها في موقع طليعي، شبابي بامتياز... في فرنسا. لكن ماذا عن لبنان؟ ضخامة الحشود في المسرح البيروتي، لا مفرّ للوهلة الأولى من أن تكون مثار دهشة واستغراب: هل جمهور هذه الموسيقى"البديلة"والمغايرة، واسع إلى هذه الدرجة في لبنان؟ خصوصاً أن أغنيات"الرؤوس اليابسة"بالفرنسيّة، وتنتمي إلى تلك المدرسة التي تولي الكلمة، وتولي الشعر، أهميّة أساسيّة... في حين أن الشباب الفرنكوفوني في لبنان، آخذ في الانحسار منذ عقدين، بعد أن استبدل"لغة الثقافة"- المترفة - بلغة البزنس والعلاقات العامة - المباشرة والعمليّة - تماشياً مع متطلبات السوق وقوانين العولمة.
يكتشف المرء شيئاً فشيئاً، أن معظم الحاضرين في الحفلة البيروتية، ينتمون الى وسط اجتماعي واحد، أو لنقل الى بيئة ثقافيّة وجغرافيّة معيّنة. نلمس ذلك من لباسهم وتصرفاتهم ولهجتهم والكلمات والعبارات والمصطلحات التي ترد في أحاديثهم، واللغات التي يتحاورون بها. وهو أمر ليس مستغرباً بحدّ ذاته. فالظاهرة طبيعية ومتوقّعة في حالات كثيرة مشابهة. إنّهم"أبناء الذوات"، جاؤوا يستمعون الى أغنيات يعرفونها جيداً، إلى فريق"على الموضة"اكتشفوه خلال اقاماتهم في فرنسا، ويقبلون على أسطواناته كما يقبل الشباب على هذا النوع من الموسيقى. المشكلة، أو المفارقة، هي في مكان آخر... فالأغنية التي تقدمها فرقة"الرؤوس اليابسة"تنتمي إلى حركة احتجاجيّة وراديكاليّة، من خارج الموضة المتعارف عليها. وهي أغنيات نقديّة وهجوميّة، تمزج النقد الاجتماعي، والتعاطف مع الطبقات الدنيا، مع النقد السياسي للسلطة بكل أشكالها، وللبورجوازيّة وأذواقها المحافظة. إنّها أغنيات تمجّد الفوضويين، وتهاجم الرقابة، والفكر الاحادي... وهي من سمات موسيقى شبابيّة تتوجّه عامة إلى أبناء الضواحي والمهمشين والطبقات الدنيا، وتخاطب شباباً"ثائراً"يحلم بالتغيير... فأين الشريحة الاجتماعيّة التي وقفت تهتف وتصفّق وترقص في بيروت، وتردد مع كريستيان أوليفييه ورفاقه الأغاني - أو تستبقها أحياناً... من تلك الكلمات الغاضبة، والايقاعات الهجوميّة التي يؤديها أبناء الضواحي الفقيرة، المتأرجحون بين ال"بانك"والكاباريه السياسي والأغنيات النقدية والروك اند رول؟ غريب أمر"الفرنكوفونيّة"المحتضرة في لبنان باعتبارها ثقافة طبقة منهارة... غريب أمرها كيف تحوّل"الرؤوس اليابسة"لدى العبور بين ضفّتي المتوسط، من فرقة راديكالية، مشاغبة ومزعجة، تقدّم موسيقى الاحتجاج... إلى فرقة"على الموضة"تقدّم موسيقى ترفيهيّة، يقبل عليها أبناء الذوات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.