انصرف أمس رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة إلى تطويق التداعيات السياسية المترتبة على الجلسة العاصفة لمجلس الوزراء التي عقدت ليل أول من أمس في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية اميل لحود والتي شهدت اشتباكاً سياسياً بين الاخير وعدد من الوزراء المنتمين الى الغالبية النيابية في البرلمان، كان الأعنف منذ تشكيل الحكومة الحالية بسبب الخلاف على تأخير التشكيلات في قوى الأمن الداخلي راجع ص6 و7 الا ان الاتصالات التي جرت أمس، أدت الى حلحلة بعض العقد بالنسبة الى تعيين المدير العام الاصيل للأمن العام، في الجلسة الاستثنائية الثلثاء المقبل، حيث قرر"حزب الله"بعد اتصالات ساهم فيها رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط، تسهيل الأمر وعدم الاصرار على مرشح محدد. وأعلن السنيورة مساء أمس عن الاتجاه لانجاز التعيينات الأمنية قريباً وان تقدماً تحقق في الاتصالات لهذا الغرض. وكان السنيورة سعى فور انتهاء الجلسة، لدى الوزراء الى عدم تسريب المداولات التي جرت في الجلسة، وتمنى عليهم الامتناع عن تسليط الاضواء عليها في وسائل الاعلام بعدما كان حاول ترطيب الاجواء بين لحود والوزراء المشتبكين معه، وخصوصاً وزيري"اللقاء النيابي الديموقراطي"مروان حمادة وغازي العريضي، ظناً منه ان تهدئة الاجواء تساعد على التحضير للجلسة التي ستعقد الثلثاء المقبل والتي ستخصص لمناقشة الخطة الامنية التي وضعها وزيرا الداخلية حسن السبع والدفاع بالوكالة يعقوب الصراف لتأهيل القدرات الفنية والاستعلامية والتحليلية للأجهزة الامنية وتعزيزها كي تتصدى لمسلسل الارهاب والاغتيال في ضوء المعلومات التي تتوقع استمراره كلما اقترب المحقق الألماني ديتليف ميليس من جلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وعن الاشتباك السياسي والاعلامي بين لحود ووزراء الغالبية النيابية، قالت مصادر وزارية ل"الحياة"انه جرى فيه استخدام كل انواع الاسلحة وأنه بدأ بسؤال للوزيرة نايلة معوض عن الاسباب التي دفعت بدوائر القصر الجمهوري الى الرد على موقف لها قالت فيه ان لحود يؤخر اصدار التشكيلات في قوى الأمن الداخلي رافضاً التوقيع عليها. وعن أسباب اعتماد لحود أسلوب الهجوم المضاد ضد وزراء في الغالبية النيابية ممن انتقدوا زيارته للأمم المتحدة، قال ل"الحياة"وزير فضّل عدم الكشف عن اسمه،"إن لحود حاول ان يستقوي على منتقديه في مجلس الوزراء لأن ما نقله اليه رزق عن عدم وجود قرائن في التحقيق الدولي سلّمت الى القضاء العدلي في التحقيق باغتيال الحريري سيسمح بشن حملة مضادة على منتقديه الذين لا يزالون يغمزون من قناته بذريعة توقيف قادة الاجهزة الامنية الأربعة وتورطهم في الجريمة". ولفت الى ان لحود يراهن على احتمال تأزم العلاقة بين وزراء الغالبية النيابية باستثناء المحسوبين على اللقاء النيابي الديموقراطي وبين وزراء الثنائية الشيعية المتمثلة ب"حزب الله"وحركة"أمل". لكن أوساطاً وزارية قالت ان السنيورة نجح في نهاية جلسة أول من أمس في تخفيف حدة الخلاف بين لحود وبعض الوزراء، ومنهم العريضي الذي أبلغ الأول أنه لا يتناول شخص الرئيس بل يطرح ملاحظاته من زاوية سياسية. التحقيق ومروان حمادة وعلى صعيد التحقيق في جريمة اغتيال الحريري، لم يسجل امس أي نشاط للجنة في مقرها في المونتيفيردي سوى التحقيق اول من امس مع المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج الذي شهد للمرة الأولى إحضار شريط فيديو لشخص تحدث فيه عن دور الاجهزة الامنية في التورط في الجريمة والتخطيط لها. وطلب من الحاج الإجابة عن الاسئلة التي طرحت عليه من فحوى ما تضمنه الشريط. ولم يعرف ما اذا كان الشخص نفسه هو الذي يظهر في الفيديو الذي سئل حوله المدير السابق لمخابرات الجيش العميد ريمون عازار. من جهة ثانية، تداولت امس مصادر ديبلوماسية عربية في بيروت، معلومات ترددت اخيراً ومفادها ان السلطات السورية عمدت الى تسليم الجهات المسؤولة في القاهرة شريطاً مصوراً للمقابلات التي كان أجراها ميليس وعدد من اعضاء فريق المحققين مع ضباط ومسؤولين سوريين ليكون في مقدورها الاطلاع على تفاصيل ما حدث ومن ثم الاحتكام اليها. وأشارت المصادر الى ان دمشق أبدت استعدادها في ضوء ما هو وارد في الشريط للتعاون مع الجهود التي تقوم بها القاهرة على هذا الصعيد. أما على صعيد التحقيقات في الاتصالات الهاتفية الخلوية السابقة على جريمة اغتيال الحريري واللاحقة لها، فقد أفادت مصادر مطلعة ان لجنة التحقيق استدعت أمس اثنين من موظفي شركة"ام تي سي تاتش"للتحقيق معهما في حين واصل الخبراء اللبنانيون التابعون لفرع المعلومات في قوى الأمن وخبراء لجنة التحقيق الدولية دراسة الكشوفات والوثائق التي حصلوا عليها من مداهمة شركتي الخلوي المشغلتين للشبكة لفرز ما له علاقة بالجريمة منها في هذه الاتصالات. وكان وزير الاتصالات مروان حمادة كشف في حديث لتلفزيون"المستقبل"أمس عن أنه فتح الطريق للجنة التحقيق الدولية في موضوع شبكة الاتصالات بعدما تجمعت لدى التحقيق الدولي واللبناني أسئلة حول عدم اعطاء المعلومات عن خطوط الاتصال في الاوقات التي سبقت وواكبت وتبعت اغتيال الحريري، اضافة الى التشويش الذي طرأ على بعض قنوات الاتصال. وقال:"السؤال الأخطر والاكبر هو لماذا حذفت بعض مواقع الهوائيات ومراكز الاتصال عن الخرائط التي سلّمت الى قوى الأمن الداخلي عند التحقيق في الجريمة... شيء ما حصل في هذا القطاع في اليوم المشؤوم لاغتيال الرئيس الحريري، والأكيد انه كان هناك انقطاع في عدد من شبكات الاتصال بين التاسعة صباحاً والثانية بعد الظهر في منطقة مجلس النواب وسوليدير". واضاف انه تم اخفاء الأرقام التي كانت تتصل ببعضها بين البرلمان ومنطقة السان جورج موقع الجريمة.