أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون البدء في التحقيق في معلومات نشرها اتحاد الحريات المدنية الأميركي استناداً إلى رسائل إلكترونية أرسلها موظفون فيديراليون إلى رؤسائهم، تحدثوا فيها عن مشاهداتهم لانتهاكات حصلت في معتقل غوانتانامو في الخليج الكوبي، ومنها ضرب المعتقلين أو التعرض لأعضائهم التناسلية، ومحاولات خنق أو وضع سجائر مشتعلة في آذان السجناء. وتحدث أحد هذه التقارير خصوصاً عن أن معتقلاً بقي على الأرض في شكل جنيني لمدة تزيد على 24 ساعة، من دون أكل او شرب. وفتحت القيادة الإقليمية للجيش الأميركي في ولاية فلوريدا التحقيق، وأمرت القيادة الجنوبية التي تخضع لها قضائياً القاعدة الأميركية في شرق كوبا، اثنين من الضباط بالتحقيق في ما ذكرته رسائل الموظفين الفيديراليين. وبحسب الوثائق التي نشرت الشهر الماضي بموجب قانون حرية تداول المعلومات، أرسل عميل لدى مكتب التحقيقات الفيديرالي أف بي آي كان يعمل في معتقل غوانتانامو في أواخر عام 2002، وقبل اكثر من عام على فضيحة صور التعذيب في سجن"أبو غريب"، رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى زملائه يشتكي فيها من"استراتيجية الإكراه"العسكرية المتبعة مع السجناء، وقال:"لن تصدقوا ما يجري"، متحدثاً عن رؤيته لسجين يكاد يكون غائباً عن وعيه وقد مزق شعره بعدما ترك طيلة الليل في حجرة خانقة. وأرسل عميل آخر رسالة إلكترونية إلى زملائه يقول فيها إنه اطلع على تقارير تقول إن جنرالاً في غوانتانامو زار سجن"أبو غريب"لتطبيق نهج غوانتانامو هناك. وقال:"إذا كان ذلك يرتبط بجمع معلومات إستخباراتية، فإن ذلك يعني أنه استمر في دعم استراتيجيات الاستجواب التي لم ننصح فقط بالتخلي عنها، وإنما طرحنا تساؤلات أيضاً في شأن فعاليتها". وتحدث عن تحقيق دثر فيه سجين بعلم إسرائيلي وزف بأضواء شديدة وموسيقى صاخبة. وأعلنت القيادة الجنوبية إن جنرالاً في الجيش ونقيباً في البحرية سيتوجهان الى غوانتانامو لبدء التحقيق في مضمون الوثائق تلك. وقال الكولونيل ديفيد ماك ويليامس، إن"القيادة تريد تحديد الوقائع المتعلقة بهذه الادعاءات، وستأخذ في الاعتبار التوصيات التي سيرفعها محقق عسكري مستقل". وسيقود الجنرال جون فورلو التحقيقات الداخلية في غوانتانامو. وقال راوول دواني الناطق باسم القيادة الجنوبية سواثكوم إنه طلب منهما تقديم تقرير الى الجنرال بانتز كرادوك قائد القيادة الجنوبية بحلول الأول من شباط فبراير المقبل، ومن المحتمل تمديد الموعد لإعطائهم المزيد من الوقت لمقابلة أفراد لم يعودوا يعملون في غوانتانامو. وأضاف:"سيركز التحقيق على تلك المزاعم التي أثارتها رسائل البريد الإلكترونية ومذكرات موظفي مكتب التحقيقات ولكنه لن يقتصر على ذلك". وقال دواني إن التحقيقات لا تهدف الى محاكمة أحد،"ولكن الأدلة التي ستجمع في التحقيق ربما تستخدم في وقت لاحق لتوجيه اتهامات الى محققين عسكريين ومدنيين". ويقول البنتاغون إن 137عسكرياً تعرضوا للتأنيب أو واجهوا المحاكم العسكرية بسبب تعذيبهم المعتقلين. وتنظر تحقيقات مستقلة تجرى في فيرجينيا في احتمال حصول انتهاكات على أيدي مدنيين كلفوا موقتاً المشاركة في التحقيقات. ولا يزال الكثير من المحاكمات العسكرية معلقة، ومن بينها قضايا تتعلق بوفاة عشرات المعتقلين خلال احتجازهم. وقال الناطق باسم البنتاغون الكولونيل جون سكينر:"سياستنا واضحة جداً. ونطالب دائماً بتعامل إنساني مع المعتقلين". ولفت إلى أن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد عندما تحدث عن وقوع انتهاكات محدودة"أوضح أيضاً أننا سنتبع خطوط متعددة في التحقيقات لتكوين صورة كاملة عما حصل، ولكشف أي عمل خاطئ وقع". وأشار إلى أنه جرى حتى الآن الانتهاء من ثلاثة تقارير من أصل ثمانية. وفي مقال نشرته مجلة"نيو انغلاند جورنال"الطبية، جاء إن الشخصيات العسكرية الطبية انتهكت معاهدة جنيف، عبر المساهمة في الاستجوابات بواسطة وسائل التعذيب، استناداً إلى سجلات المعتقلين الطبية. ونقلت المجلة عن بعض الأطباء قولهم إن الجيش طلب منهم عدم الكشف والخوض في الوفيات التي وقعت خلال الاعتقال. معتقل أسترالي - مصري على صعيد آخر، ذكرت صحيفة"واشنطن بوست"أن استرالياً يشتبه في تورطه في نشاطات إرهابية، قال إن السلطات الأميركية أرسلته الى مصر أواخر عام 2001، و"خضع لتعذيب على مدى ستة أشهر"قبل نقله الى معتقل غوانتانامو. وأضافت الصحيفة أن الأسترالي ممدوح حبيب المصري المولد قدم التماساً يطلب فيه من الولاياتالمتحدة عدم إعادته الى مصر، مشدداً على أنه حين كان معتقلاً هناك،"تعرض للضرب في شكل وحشي". ونقلت الصحيفة عن حبيب قوله في الالتماس الذي تقدم به في تشرين الثاني نوفمبر للمحكمة الجزئية في واشنطن أن قانون الولاياتالمتحدة والقانون الدولي يحظران إعادته. وقالت الصحيفة أن هذا الالتماس أعلن اول من أمس، بعدما حكم قاضٍ بعدم احتوائه على معلومات سرية.