أكدت صحف أميركية نقلاً عن أقوال شهود ووثائق أن قائد قوات "التحالف" في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز، الذي قررت وزارة الدفاع استبداله، كان مطلعاً على عمليات التعذيب، وأن نائبه الجنرال وولتر غدانوفسكي كان يصدر الأوامر. كما أكدت أن الجنرال جيفري ميلر، الذي كان يشرف على معتقل غوانتانامو ونقل إلى العراق، أقر استخدام كلاب الجيش لترويع المعتقلين. وفيما طالب المندوب البريطاني السابق في العراق السفير جيريمي غرينستوك بدفع تعويضات للمعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب، أمر الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر دفع 25 مليون دولار "تعويضات لضحايا الرئيس المعتقل صدام حسين". وفي بغداد، رفض رئيس مجلس الحكم الانتقالي غازي الياور قرار الرئيس جورج بوش هدم سجن "أبو غريب". وقال: "يجب أن لا نكون عاطفيين. التعذيب منتشر في كل مكان في العراق، وهدم أبو غريب تبديد للمال العام ... الحكومة العراقية المقبلة ستقرر مصير السجن". أكدت صحيفة "واشنطن بوست" أمس نقلاً عما ورد في شهادة ضابط في الاستخبارات إن جنرالاً في الجيش الأميركي أوفدته وزارة الدفاع البنتاغون لتسريع عمليات استخلاص المعلومات من السجناء حض على استخدام الكلاب لترويعهم. وأوضحت أن الكولونيل توماس باباس أدلى بشهادة، مؤكداً أن الاقتراح كان للجنرال جيفري ميلر الذي كان في ذلك الوقت قائد السجن العسكري الأميركي في غوانتانامو ونفذ بموجب سياسة وافق عليها الجنرال ريكاردو سانشيز قائد القوات الأميركية في العراق. وصرح كبار المسؤولين في وزارة الدفاع بأن سانشيز سيستبدل، لكنهم ذكروا ان استبداله ليس له علاقة بفضيحة سجن "أبو غريب". وطبقاً لمذكرة حصلت "واشنطن بوست" على نسخة منها قال باباس للجنرال انتونيو تاغوبا: "انه اسلوب متفق عليه ناقشته شخصياً مع الجنرال ميلر حين كان هنا. فأكد لي أنهم استخدموا كلاب الجيش في غيتمو الاسم المختصر لغوانتانامو، وانها كانت فعالة لخلق مناخ مناسب لاستخلاص المعلومات". وذكرت الصحيفة ان متحدثاً باسم ميلر، الذي تولى مسؤولية "أبو غريب"، نفى أن يكون هذا الحوار جرى. وقال الجنرال مارك كيميت الناطق باسم القوات الأميركية في العراق للصحيفة إن "ميلر لم يتحدث مع الكولونيل باباس عن استخدام الكلاب في الاستجواب في العراق. إضافة الى أن كلاب الجيش لم تستخدم في استجوابات غوانتانامو". وأكدت الصحيفة ان باباس شهد بأن اساليب الاستجواب ومنها استخدام الكلاب للترويع، واستخدام الاغلال وتجريد السجناء من ملابسهم، واجراءات عدوانية اخرى، كانت تتفق مع سياسة سانشيز، لكن الأوامر كانت من نائبه الجنرال وولتر غدانوفسكي أو باباس نفسه. وحصلت "واشنطن بوست" على أربع صور فوتوغرافية على الأقل يظهر فيها السجناء وقد تملكهم الرعب وهم يقفون عراة أمام الكلاب. وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس ان موجزاً يصف حالات الوفيات واساءة معاملة المعتقلين لدى قوات أميركية في العراق وأفغانستان، أظهر نمطاً للانتهاكات شمل المزيد من الوحدات العسكرية أكثر مما كان يعتقد في السابق. وأضافت الصحيفة ان هذا الموجز الذي يحمل تاريخ 5 أيار مايو أعدته لجنة تحقيق جنائي بطلب من مسؤولين في الجيش، ويتناول وضع التحقيقات في 36 حالة بما في ذلك التحقيق المستمر في انتهاكات سجن "أبو غريب". وأكدت أن الانتهاكات ترجع الى نيسان ابريل 2003، في حادثة وقعت الشهر الماضي توفي سجين اعتقلته قوات مشاة البحرية نتيجة "اصابة في الجذع ناجمة عن التعرض للضرب واختناق". وأصبحت معاملة القوات الأميركية للسجناء موضع تدقيق بعد الكشف عن انتهاكات جسدية وجنسية في سجن "أبو غريب". ووجه الاتهام الى سبعة جنود. وقال الرئيس جورج بوش في كلمة الثلثاء إن السجن أصبح "رمزاً للسلوك الشائن لحفنة من الجنود الأميركيين الذين شوهوا صورة بلدنا وتجاهلوا قيمنا"، مضيفاً ان هذا السجن سيهدم "كرمز للبداية الجديدة للعراق". وتابعت الصحيفة ان أقدم الحالات المسجلة في وثيقة 5 أيار وفاة سجين في افغانستان في كانون الأول ديسمبر 2002. وفي الوثيقة ان الجنود المعنيين من وحدة الاستخبارات العسكرية في فورت براغ في نورث كارولاينا ووحدة شرطة عسكرية من قوات الاحتياط من اوهايو "تورطت في اساءة معاملة المعتقلين". وزادت الصحيفة ان جنوداً من وحدة الاستخبارات العسكرية 223، التي تشكل جزءاً من الحرس الوطني في كاليفورنيا، اتهموا بارتكاب انتهاكات ضد معتقلين عراقيين الربيع الماضي في مدينة سامراء. وجاء في الموجز الذي أعده الجيش ان جنوداً لم تكشف اسماؤهم "وضعوا معتقلين في أوضاع خانقة في محاولة لانتزاع معلومات منهم لفترة عشرة أسابيع. إلى ذلك، أعلن بريمر تخصيص تعويضات بقيمة 25 مليون دولار لضحايا جرائم الرئيس المخلوع صدام حسين. وقال في مؤتمر صحافي في بغداد: "شكلت لجنة خاصة توكل اليها مهمة دفع تعويضات لضحايا النظام السابق وخصصت لذلك 25 مليون دولار". واضاف ان "المبلغ ليس كافياً لتعويض ضحايا صدام لكنها البداية". وعين نقيب المحامين العراقيين مالك الحسن رئيساً لهذه اللجنة وسيقدم في أول آب اغسطس تقريراً إلى الحكومة العراقية حول الطريقة التي سيتم بها صرف الاموال. إلى ذلك، طالب غرينستوك بتعويضات للمعتقلين العراقيين الذين تعرضوا لسوء المعاملة. وكان غرينستوك يتحدث في مؤتمر حول العراق في لشبونة، تطرق خلاله الى قضية المعتقلين في سجن "أبو غريب". ورأى أن ذلك سيساعد في تحسين صورة التحالف "التي تضررت الى حد كبير" منذ نشر الصور التي ظهرت فيها "أقلية صغيرة جداً من الجنود الأميركيين" يسيئون معاملة معتقلين عراقيين. وأكد ان جميع المسؤولين عن هذه القضية يجب ان يعاقبوا، داعياً الى اقامة نظام لمراقبة ظروف الاعتقال في "أبو غريب" والسجون الأخرى في العراق لتجنب تكرار حوادث من هذا النوع.