قال البنك الدولي في أحدث تقرير له عن المغرب، صدر قبل نهاية عام 2004 وحصلت عليه"الحياة"، ان ديون المغرب قد تعود الى الارتفاع مطلع العقد المقبل"اذا لم تتمكن المملكة من التغلب على عجز الموازنة الذي يتم تمويله حالياً عبر ايرادات التخصيص والقروض الداخلية". وسمح تخصيص جزء اضافي من شركة"اتصالات المغرب"بتحصيل ايرادات للخزانة بلغت اكثر من بليوني يورو ساعدت في تقليص عجز الموازنة عام 2004 الى 3.5 في المئة من أصل 6 في المئة من دون التخصيص. وسددت مجموعة"فيفاندي يونفرسال"أمس شيكاً بقيمة 12.4 بليون درهم، وهو قيمة تملك 16 في المئة اضافية من"اتصالات المغرب"التي انتقلت الى السيطرة الفرنسية التي اصبحت تملك 51 في المئة من رأس مال الشركة المغربية للاتصالات. وجاء في تقرير البنك الدولي تحت عنوان"فهم الابعاد الجغرافية للفقر في المغرب"ان عائدات التخصيص باتت مهمة لتقليص عجز الموزانة لكن الديون قد تصل الى 88 في المئة من اجمالي الناتج سنة 2012 وقد تمتص خدمات الفوائد نسبة 6.5 في المئة من الناتج اذا لم يعمد المغرب الى تقليص عجز الموازنة الى 3 في المئة وترشيد النفقات العمومية والاحتراس في تدبير الحسابات الماكرواقتصادية. وحسب الخبراء لم يعد للمغرب شركات عامة كبرى يخصصها مستقبلاً للتغلب على عجز الموازنة مثل"اتصالات المغرب"باستثناء القطاعات الاستراتيجية مثل"مكتب الفوسفات"غير المطروح للتخصيص، ما يجعل الموارد المالية في السنوات المقبلة محصورة في الايرادات من الجبايات والضرائب والرسوم والقروض والدعم الخارجي. وكانت الديون الخارجية تراجعت الى 13 بليون دولار في نهاية عام 2004، بينما زادت الديون الداخلية الى اكثر من 20 بليون دولار نتيجة استخدام موارد محلية في تقليص عجز الخزانة او تسوية اوضاع صناديق التقاعد التي ستكلف الخزانة سنة 2005 نحو 11 بليون درهم بليون يورو لتمكين احالة عشرات آلاف الموظفين على التقاعد المبكر. ونصح البنك الدولي الحكومة المغربية بتحسين اوضاع القطاع العام عبر شفافية التدبير وخفض كلفة الاجور في الوظائف العمومية عبر صيغة المغادرة الطوعية وتحسين موارد الجبايات المرشحة للتقلص بتحرير التجارة الدولية وتفكيك الرسوم الجمركية عملاً باتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي والمنطقة التجارية الحرة مع الولاياتالمتحدة ودول اعلان اغادير العربية. وقال التقرير ان"تطهير المالية العمومية يصادف برنامجاً طموحاً تقوم به الحكومة في المغرب لتحسين الاوضاع الاجتماعية وزيادة معدلات النموالاقتصادي". وقدر النمو بنحو 4 في المئة على امتداد الفترة 1999 - 2003، وعلى رغم ان النسبة افضل من معدلات النمو التي كانت تُقدر بأقل من 2 في المئة بين اعوام 1991 - 1999، الا ان متطلبات الاقتصاد وأهمية تقليص الفوارق بين الجهات والفئات تتطلب نمواً يزيد على 6 في المئة سنوياً. وكان معدل النمو في الثمانينات اكثر من 4 في المئة. ومثله مثل بقية الدول العربية الاخرى شهد عقد التسعينات تراجعاً كبيراً في النمو الاقتصادي في المغرب الى 1.8 في المئة بسبب توالي سنوات الجفاف وعبء الديون الخارجية وعدم قدرة الاقتصاد على مجابهة وتيرة التحرير. واعتبر البنك الدولي ان ضعف النمو الاقتصادي وتحرير بعض القطاعات والخدمات من الاسباب المباشرة لتنامي الفقر في المغرب المقدر حالياً بنحو 18 في المئة من السكان. وأشار ان تحرير تجارة المنتجات الزراعية مثل القمح أضر بفئات واسعة من صغار المزارعين وقد يكون تحرير التجارة مع الولاياتالمتحدة سلبياً على بعض الفئات الضعيفة في المغرب التي تعيش من زراعة معاشية غير متطورة. وحسب البنك الدولي فان 66 في المئة من الفقراء يعيشون في الارياف وهم يتمتعون بحد ادنى من الخدمات الصحية والتعليمية مقارنة بسكان المدن الذين يعيشون بدورهم مشاكل بطالة الشباب التي تصل نسبة 27 في المئة لدى الفئات الشابة والمتعلمة. ويستعد المغرب لتطبيق نظام التغطية الصحية الالزامية للجميع السنة الجارية، وهو حصل على دعم من الاتحاد الاوروبي بقيمة 260 مليون يورو لتجهيز المستشفيات العمومية. وحسب تقرير البنك الدولي يعتبر 19 في المئة من السكان فقراء في المغرب دولاران في اليوم ويعيش 25 في المئة من السكان على حافة الفقر، وهم مهددون في حالات الازمات او المرض او فقدان العمل. ويُقدر الدخل الفردي بنحو الفي دولار في المتوسط، لكن الفوارق تبدو كبيرة بين سكان الارياف النائية وسكان المدن الكبرى التي ينخفض فيها الفقر الى معدل 4 في المئة فقط مثل الشريط الممتد بين الدار البيضاءوالرباط. وأفاد التقرير ان آفاق النمو الاقتصادي في المغرب على المدى المتوسط ستكون معتدلة الا اذا اتخذت الحكومة اجراءات لزيادة تنافسية الشركات وتطوير القطاع الخاص، مثل الحصول على القروض الميسرة وزيادة الاستثمار في التجهيزات والبنى التحتية واصلاح الادارة وتحديثها وجعلها مواكبة للنمو الاقتصادي والاعتناء بالموارد البشرية ومواصلة اصلاح برامج التعليم. ويعتقد محللون ان الاصلاحات التي يطالب بها البنك الدولي تندرج في اطار التوصيات التي خرج بها منتدى المستقبل الذي عقد في الرباط 11 كانون الاول/ ديسمبر في شأن مستقبل الشرق الاوسط الكبير وشروط استفادته من عولمة التجارة والاقتصاد. وكان البنك الدولي دق ناقوس الخطر في شأن تنامي حالات الفقر في المنطقة العربية في الاعوام الاخيرة واعتبرها من الاسباب غير المباشرة لحالات التشدد الديني والتطرف والهجرة السرية عبر قوراب الموت.