اعتبر الرئيس السوداني عمر البشير توقيع حكومته ثلاثة بروتوكولات لاقتسام السلطة ومستقبل المناطق المهمشة الثلاث مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، نهاية حقيقية للحرب. وتعهد رفع حال الطوارئ المفروضة على البلاد منذ خمسة أعوام بعد توقيع اتفاق السلام النهائي المنتظر في تموز يوليو المقبل، فيما رحبت المعارضة بحذر بالاتفاق، وطالبت بتحويله من اتفاق ثنائي إلى قومي. قال الرئيس السوداني عمر البشير في أول حديث علني له بعد توقيع حكومته على اتفاق نايفاشا أول من أمس مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، ان الحكومة "تستقبل المرحلة المقبلة بآليات جديدة"، ودعا إلى "توحيد الصفوف وتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم". وأكد أمام لقاء نظمته القوى السياسية المشاركة في السلطة في مدينة القضارف، انه سيرفع حال الطوارئ بعد توقيع اتفاق السلام النهائي واجراء انتخابات لاختيار حكام الولايات بدلاً من تعيينهم، موضحاً "أن الحرب التي كانت تهدر أكثر من 80 في المئة من الجهود الرسمية والشعبية، توقفت إلى غير رجعة". ووعد البشير بحل أزمة دارفور حتى لا يأتي السلام منقوصاً. وقال إنه لا يوجد سبب يدعو إلى التمرد في غرب السودان، واتهم جهات دولية بتأجيجه، مشيراً إلى "أن المؤتمر الذي نعتزم عقده سيضع حلولاً جذرية". وتوقع تحسن العلاقات مع مؤسسات التمويل الدولية بعد إقرار السلام النهائي. وأشاد بنائبه الأول علي عثمان محمد طه الذي قاد وفد الحكومة إلى المفاوضات مع "الحركة الشعبية"، وقال إنه "حمل السلام نطفة حتى صار طفلاً". ورحبت أحزاب المعارضة الرئيسية بحذر بتوقيع بروتوكولات السلام الثلاثة واعتبرتها خطوة مهمة نحو السلام، لكنها أجمعت على "ضرورة تحويل الاتفاق من ثنائي إلى قومي لضمان ديمومته وتنفيذه". ووصف الأمين العام لحزب "الأمة" المعارض الدكتور عبدالنبي علي أحمد الخطوة بأنها "محطة مهمة"، لكنه طالب بإحالة الاتفاق على الشعب عبر مجلس قومي للسلام حتى يكون اتفاقاً قومياً. وقال نائب الأمين العام ل"الحزب الاتحادي الديموقراطي" المعارض تاج السر محمد صالح ان الخطوة تضع السودان على اعتاب السلام ودعا الى تجاوز مرارات الماضي. ورحب حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض بزعامة الدكتور حسن الترابي بحذر بالاتفاق وحذر من ان "عزل القوى السياسية واقتصاره على طرفين سيهدد استمراره وتنفيذه ما لم يتحول الى اتفاق قومي". واثنى الناطق باسم الحزب الشيوعي يوسف حسين على الاتفاق واعتبره خطوة ايجابية وطالب بتحويله اتفاقاً قومياً لضمان تنفيذه وديمومته. لكن "حزب التحرير الاسلامي" انتقد الاتفاق بشدة واعتبره صفقة لاقتسام الغنائم بين الحكومة و"الحركة الشعبية"، وقال في بيان امس "ان الاتفاق سيؤدي الى تفتيت البلاد ونهب ثرواتها". الجنوبيون في الخرطوم يستعدون للعودة جنوباً وخلت العاصمة من مظاهر الفرح على رغم الارتياح الشعبي الواسع الى انجاز خطوة مهمة نحو اتفاق سلام نهائي، وبدا ابناء جنوب السودان أكثر سعادة وابتهاجاً واحتفلوا في مواقع سكنهم على أطراف العاصمة بطرىقتهم وشرع بعضهم في حزم حقائبه للعودة الى دياره. وحشد الحزب الحاكم المئات من أنصاره وأعد إحتفالاً في شمال الخرطوم لاستقبال النائب الأول للرئيس ووفد الحكومة الى المحادثات الذي كان يتوقع وصولهم للبلاد في وقت متقدم من مساء أمس. وكرس التلفزيون والاذاعة الرسميين برنامجهما للمناسبة باعتبارها حدثاً قومياً وغير مسبوق منذ استقلال البلاد قبل 48 عاماً. وبدا القلق على ابناء الجنوب المتحالفين مع الحزب الحاكم واعتبروا الاتفاق غير مرض لهم، وقال رئيس مجلس تنسيق الولاياتالجنوبية الدكتور رياك قاس الذي يتولى ايضاً منصب نائب الأمين العام للحزب الحاكم ان الاتفاق سحب منهم البساط وان نسبة مشاركة حزبه في حكومة الجنوب 15 في المئة وهي نسبة ضعيفة. ووزع الجنوبيون الذين يعملون في مهن حرة وسط الخرطوم صورة زعيم "الحركة الشعبية" جون قرنق ورفع بعضهم لافتات كتب عليها "مرحباً بالسودان الجديد". ووزع آخرون الحلوى فرحاً بنهاية الحرب. ماذا بعد نايفاشا؟ وكان مفاوضو عملية السلام السودانية اتفقوا على رفع التفاوض بينهم الذي استمر 101 يوم، الى نهاية الشهر المقبل لمناقشة تفاصيل الاتفاق النهائي وتوقيعه في العاصمة الكينية نيروبي في حضور دولي واقليمي كبير. وأشارت مصادر قريبة الى المفاوضات الى ان الطرفين سيباشران حملة استقطاب كبيرة لتحقيق الاجماع الوطني حول السلام، وعرض تفاصيل الاتفاق أمام قواعدهما وحلفاءهما. واوضحت المصادر "ان اللجان الفنية ستباشر بعد بضعة اسابيع التفاوض على وقف شامل ودائم للنار ونشر مراقبين دوليين وقوات لحفظ السلام". وعلم ان الخرطوم ترفض مبدأ القوات الدولية الا ان قرنق يصر على وجود ضمانات دولية للاتفاق اضافة الى الضمانات الذاتية مثل وجود جيشين في الفترة الانتقالية، والاجماع الشعبي حول السلام وتشكيل حكومة قومية ذات قاعدة عريضة". كما سيناقش الطرفان توزيع الحقائب الوزارية واشراك الحركة الشعبية والقوى السياسية في الخدمة المدنية والاجهزة الامنية التي اتفق على اعادة هيكلتها وتنظيمها اضافة الى قضايا اخرى. ثم جمع ستة بروتوكولات في وثيقة واحدة كاتفاق شامل ونهائي وتشمل البروتوكولات مشاكوس والترتيبات العسكرية وقسمة الثروة وقسمة السلطة والمناطق المهمشة ومنطقة ابيي الغنية بالنفط.