حذر رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي من كارثة عسكرية وإنسانية في دارفور تنذر بحرب أهلية شاملة في البلاد، واتهم بعض المسؤولين بالتورط في الأزمة. وبدأ عضوان في الكونغرس الأميركي أمس زيارة إلى الاقليم، فيما اطلق النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وزعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" جون قرنق تحذيرات من انهيار اتفاق السلام والرجوع عنه. قال زعيم حزب الأمة السوداني المعارض الصادق المهدي، في مؤتمر صحافي عقده في مقر حزبه أمس بعد زيارة شملت ولايات دارفور الثلاث في غرب البلاد، إن الاقليم "يشهد مواجهة بين قوى مسلحة غير نظامية تتألف من عناصر عربية بعضها غير سوداني يعتقد بأن الحكومة تقف وراءها، وقوى احتجاج مسلح من قبائل غير عربية تضم عناصر غير سودانية يعتقد بأن عوامل خارجية تقف وراءها". ورأى أن المواجهة "في تصاعد سريع واعداد المقاتلين والقدرات العسكرية للطرفين في زيادة مستمرة"، محذراً من أنه "إذا لم يحدث تغيير جذري في اسلوب إدارة الكارثة، فإن الاحتمال الراجح أن تتحول إلى حرب أهلية عرقية شاملة تتعداها إلى بقية مناطق البلاد ودول الجوار". وتابع المهدي: "ما لم يتحرك الجسم السياسي السوداني بسرعة وجدية لحسمها، فإن الكارثة السياسية والعسكرية والإنسانية في دارفور ستتطور إلى حرب أهلية شاملة وتجر معها تدخلاً دولياً". ودعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ووزير الخارجية الأميركي كولن باول اللذين يزوران الاقليم في نهاية الأسبوع، إلى منح السودانيين فرصة لمعالجة أزمة دارفور وبدعم المجتمع الدولي للوصول إلى حل سوداني. واتهم المهدي الحكومة بالفشل في إدارة الأزمة، واتهم بعض مسؤوليها بالتورط في تفتيت النسيج الاجتماعي. وقال إن "الروح في معسكرات النازحين عدائية جداً وتشكل مصدراً مستمراً للاحتجاج المسلح"، مشيراً إلى أنه "على رغم إعلان الحكومة اعتزامها تجريد الميليشيات من السلاح. لكن كثيرين يقولون إنها تعمل على التخلص منها شكلاً باقصاء هوياتها". واقترح المهدي عقد مؤتمر جامع لحل الأزمة وتقصي الحقائق ومحاسبة الجناة المسؤولين عن الانتهاكات وتعويض المتضررين. وبدأ أمس عضوا الكونغرس الأميركي سام براون وفان كوف زيارة الى دارفور للوقوف على حقيقة الأوضاع الانسانية في معسكرات النازحين قبل أن يعودا الى الخرطوم لاجراء محادثات مع المسؤولين. وتأمل الحكومة في أن تساهم الزيارة في تعديل موقف الكونغرس الذي طالب بعض أعضائه الرئيس جورج بوش بالتدخل في دارفور وفرض عقوبات على مسؤولين في الحكومة وسبعة من قادة "الجنجاويد". لكن النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه وصف أزمة دارفور بأنها "مصطنعة"، واعتبر اهتمام المجتمع الدولي بها "استغلالاً ومزايدة سياسية". ورأى انها "صارت ضمن الأجندة في الدعاية لانتخابات الرئاسة الأميركية وسوق السياسة الأوربية". وذكر في حديث مطول الى التلفزيون الرسمي استمر بثه من ليل السبت الى فجر أمس ان المجتمع الدولي "يستمع الى المعلومات من الجهات التي صنعت الأزمة"، موضحاً ان اتفاق السلام يتضمن حلولاً لمشكلة دارفور عبر اقتسام الثروة وتمكين مواطنيها من حكم أنفسهم واشراكهم في الحكومة الاتحادية. وعدد مهددات السلام في جنوب البلاد وركز على أن "أي أجندة خفية من الحركة الشعبية أو الطعن من الخلف او المقصات السياسية ستؤدي الى انهيار اتفاق السلام". وحرص على التأكيد مرات عدة ان الاتفاق ليس "روشتة اميركية" وتحقق بدون ضغوط أو املاءات ولم يؤسس للانفصال. وتعهد بالحوار مع القوى السياسية لتحويل الاتفاق الى عقد سياسي واجراء انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دولية مشيراً الى ان البلاد ستشهد في المرحلة المقبلة تحولاً ديموقراطياً ومنافسة حرة. وأنهى زعيم "الحركة الشعبية" جون قرنق جولته لشرح بروتوكولات السلام بزيارة منطقة جبال النوبة، وحذر امام آلاف من أنصاره في بلدة جلد من أن تراجع الخرطوم عن اتفاق السلام يعني اندلاع حرب جديدة أكثر عنفاً ودموية وتمزيق البلاد. وأوضح انه بدأ اتصالات مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لتبني اتفاق السلام النهائي لمنع أي تراجع عنه. وينتظر ان تكون بدأت مساء أمس في ضاحية نيافاشا الكينية الجولة قبل الأخيرة من المحادثات بين الحكومة و"الحركة الشعبية" لمناقشة ترتيبات وقف النار وإعادة انتشار القوات ودمجها وستستمر ثلاثة أسابيع ستعقبها جولة أخيرة لمناقشة تفاصيل اتفاق اقتسام السلطة وتشكيل الحكومة والبرلمان الانتقاليين قبل توقيع اتفاق سلام نهائي. وعلى صعيد المساعدات رويترز، أعلنت المملكة العربية السعودية أمس ارسال مواد اغاثة غذائية وطبية لمساعدة النازحين السودانيين من دارفور. وذكرت "وكالة الانباء السعودية" ان هذه المساعدات التي تضم اكثر من 20 طناً من المواد الغذائية، اضافة الى خيام ومواد طبية، تم شحنها على متن طائرتي اغاثة غادرتا مطار قاعدة الرياض الجوية امس.