فقد المسبار"هويغنز"، الذي تمكن من الهبوط على سطح"تيتان"اكبر اقمار كوكب زحل خطاً من خطي اتصاله مع الارض. قبل ذلك مباشرة، ارسل اصواتاً لرياح عاتية، وصوراً عن بحيرات وأنهار. يمثل الأمر اول تسجيل في تاريخ البشر لصوت رياح تعصف خارج الارض، وكذلك اول صور لبحيرات كونية. واعترف مسؤولو"وكالة الفضاء الاوروبية"، التي صنعت المسبار، انها تتحمل مسؤولية هذا الخطأ التقني، على رغم حدوثه في المركبة الاميركية"كاسيني"التي اوصلت"هويغنز"الى"تيتان". وأوضح جاك لوييت، المدير العلمي في الوكالة، ان فريقه صنع برنامجاً معلوماتياً للاتصال بين"كاسيني"و"هويغنز"، ثم ارسله الى"مركز الدفع النفاث"في باسادينا، التابع لوكالة الفضاء الاميركية ناسا. ووصف لوييت الخطأ بأنه"بسيط لكنه اساسي، كأنك نسيت ان تضغط على مفتاح التشغيل في الكومبيوتر"! كذلك علم ان الوكالة عينها بادرت بفتح تحقيق عن الحادث. من جهة اخرى، اعلنت الوكالة الاوروبية انها متيقنة من الهبوط الآمن للمسبار"هويغنز"على سطح"تيتان". وأشارت الى ان مركزاً للرصد الارضي تابع لوكالة"ناسا"في ولاية فرجينيا الغربية، قد التقط"اشارة ضعيفة، لكنها اكيدة"بذلك. ويذكر ان الهبوط على"تيتان"، بهدف تحليل جوه وتربته ومياهه، يمثل مشروعاً مشتركاً بين"ناسا"والوكالتين الاوروبية والايطالية للفضاء. ففي العام 1997، انطلقت المركبة"كاسيني"من قاعدة"كايب كانفرال"، في ولاية فلوريدا، حاملة"هويغنز". واشتقت المركبة والمسبار اسميهما من العالمين، جان دومينيك كاسيني وكريستيان هويغنز، اللذين اكتشفا اقمار كوكب زحل في القرن السابع عشر. قطعت كاسيني 5.3 بليون كيلومتر، لتصل الى زحل. في 24 كانون الاول ديسمبر 2004، غادر"هويغنز"المركبة، التي ظلت على اتصال به من ارتفاع ستين الف كيلومتر. وهبط المسبار الى قمر"تيتان"مستخدماً مجموعة من المظلات، وأرسل مئات الصور. مياه وبحيرات وعقب تحليلهم صوراً التقطت من ارتفاع يتراوح بين 8 و61 كيلومتراً عن السطح البرتقالي ل"تيتان"، اعلن العلماء ان"هويغنز"قدم، وللمرة الاولى في تاريخ الانسانية، ادلة مباشرة عن وجود مياه وبحيرات، وربما اقنية ضخمة وشواطئ، في القمر الزحلي. ويعتبر الأمر دليلاً على صحة المعلومات التي جمعها علماء الفضاء سابقاً، بوسائل غير مباشرة، عن طبيعة"تيتان". اضافة الى ما سبق، سجل"هويغنز"مجموعة من الانجازات التاريخية، التي يتباهى بها علماء اوروبا. ويمثل الهبوط على"تيتان"وصولاً لأول قمر كوني غير ذلك الذي يتبع كوكبنا، وثالث ارض فضائية للبشر، بعد قمر الارض والمريخ، وأول ارض يصلها الانسان في ما يسمى"القسم البعيد"من النظام الشمسي. معلوم ان حزاماً فلكياً من النيازك والكويكبات، يسمى"حزام كيبور"، يفصل بين كواكب عطارد والزهرة والارض والمريخ، وبين زحل والمشتري ونبتون وبلوتون.