في العشرين من كانون الثاني يناير 1985 فركت جماهير ميلان في مدرجات ملعب غيوسيبي مياتزا في ضاحية سان سيرو عيونها وهي تشاهد طفلاً صغيراً طويل القامة يطلب الإذن من الحكم بنزول الملعب، المدرب السويدي نيلز ليدهولم المدير الفني لميلان في ذلك الوقت دفع باللاعب باولو مالديني البالغ من العمر 16 عاماً للمشاركة في الشوط الثاني من مباراة ميلان ضد ضيفه اودينيزي في الدوري بدلاً من النجم باتيستيني وتعادلا 1-1. الناشئ الصغير لم يكن مجهولاً على صعيد الاسم او العائلة لأن والده تشيزاري مالديني كان من اساطير نادي ميلان ومنتخب ايطاليا، واحرز معه معظم الالقاب المحلية والاوروبية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وتمر السنوات متسارعة حتى يصل باولو مالديني الى عامه السادس والثلاثين من دون ان يفقد مكانه في فريق ميلان، ومن دون ان يفكر النجم الأشهر والأقدم والأكثر حباً واحتراماً وأناقة في مغادرة ناديه او قبول العروض المغرية خارجه. باولو وشهرته بيلو اي الجميل يلعب هذا الأسبوع مباراته الأولى في عامه العشرين مع ميلان في الدوري الايطالي الأول، وما اغرب ان تكون ضد اودينيزي ايضاً ويدخلها ميلان بصفته حامل اللقب، وهو صاحب المركز الثاني في المسابقة حالياً. ويضع باولو على ذراعه شارة كابتن الفريق للعام الحادي عشر على التوالي، وهو خاض 535 مباراة في الدوري وسجل 25 هدفاً، ويحتل المركز الأول في الموسم الحالي في عدد الدقائق التي لعبها في الدوري حيث لعب لمدة 1530 دقيقة. ويعتمد المدير الفني لميلان كارلو انشيلوتي وهو زميل سابق لباولو في ميلان على مدار 9 سنوات، على مالديني قائداً للفريق وللدفاع. مالديني الصغير جاهد لمدة موسم كامل حتى صار أساسيا في الفريق، ولم يترك مكانه منذ ذلك الوقت في أطول فترة بقاء لأي لاعب مع اي ناد في تاريخ الدوري الايطالي، الطريف ان مالديني بدأ حياته مع كرة القدم في يميني الهجوم، ومع الوقت تغير مكانه أكثر من مرة وعاد الى يسار الدفاع حيث اعتبره الكثيرون أفضل ظهير أيسر في تاريخ أوروبا، وأخيرا ترك الجانب وانضم الى وسط الدفاع وتبادل اللعب في مركزي الليبرو والاستوبر. باولو هو أصغر من لعب في الفريق الأول في الدوري الايطالي مع ميلان، وهو صاحب الرقم القياسي لأطول فترة زمنية وأكبر عدد من المباريات في الدوري وأكبر عدد من الدقائق. وعلى الصعيد الدولي، يمتلك باولو مالديني ايضاً الرقم القياسي لأكبر عدد من المباريات مع منتخب ايطاليا، وخاض 126 مباراة محطماً الرقم السابق للحارس الفذ دينوزوف 112 مباراة، واعتزل باولو دولياً برغبته بعد خسارة ايطاليا في ثمن نهائي مونديال 2002 أمام كوريا الجنوبية، وكان قادراً على زيادة رصيده الدولي في ظل الإصرار المتكرر من مدربي المنتخب، ويمتلك باولو رصيداً ذاخراً من الانجازات. وفاز مع ميلان بدوري ابطال اوروبا 4 مرات وكأس السوبر الاوروبية 4 مرات والدوري الايطالي 7 مرات وكأس ايطاليا مرة وكأس السوبر الايطالية 5 مرات وكأس اندية العالم مرتين, ونال فضية كأس العالم 1994 وبرونزية كأس العالم 1990 وفضية بطولة أمم اوروبا 2000. واختير احسن لاعب في ايطاليا اكثر من مرة وظهر في قائمة احسن 10 لاعبين في اوروبا 5 مرات. أقوال نائب رئيس نادي ميلان ادريانو غالياني عاصر باولو منذ دخوله، وعنه قال: "هو لاعب بطل بطبيعته ولا يمكن مقارنته بلاعب آخر ولا يمكن اللحاق بإنجازاته، وهو ليس رمزاً فقط لميلان، ولكن باولو هو ميلان". نجم ميلان الحالي غينارد غاتوسو قال: "لا اصدق ما اراه يومياً من باولو، هو أكثر اللاعبين حماسة وجدية في المران والمباريات، وأنا احسده بحق لأنه وبعد 20 عاماً من المباريات المنتظمة لا يزال راغباً في اللعب، واي لاعب في العالم تمر به لحظات يشعر بعدم الرغبة في اللعب او المران ويتمنى ان يصاب بنزلة برد ليعتذر ويستريح, باولو قائد حقيقي لا يغضب ابداً ولا يرفع صوته ولا يصرخ في الناس، ولا تتغير شخصيته مع الفوز او الهزيمة، ولا يعترض على الحكام". وتحدث باولو مالديني قائلاً: "عندما بدأت قبل 20 عاماً كنت صغيراً جداً ولا اعرف ما هي افكاري وطموحاتي في ذلك الوقت، ومع الوقت حاولت ان اثبت للجميع جدارتي بمكاني بعيداً عن اسم والدي الكبير".