اذا كانت جملة الكاتب والمفكر مالك المطلبي"العراق حالياً مشغول بحريته"صحيحة في معنى محدد، فإنها صحيحة جداً في وصف ما تعيشه البلاد من انفتاح قارب الفوضى. في العام 4002 ، بدا العراقيون"احراراً"في كل شيء... فمع سقوط اشكال السيطرة المطلقة، أقاموا أنظمة خاصة في قراءة العلاقة مع الدولة ومؤسساتها، مع أطراف مجتمعهم المتعددة والمتباينة قومياً وطائفياً مع مفاهيم جديدة من نوع العلاقة مع العراقيين العائدين من الخارج، وغيرها من ملامح اجتماعية ظل مسكوتاً عنها لفترات طويلة، وأبرزها ما يندرج في إطار حرية التعبير وتأسيس "المجتمع المدني". ضمن توجهات"الحرية"المنفلتة من اي عقال، ومع النشاط اللافت للقوى المتدينة وسيطرتها السياسية، ظهرت مستويات من التحول"الأصولي"اجتماعياً. حتى ان متخصصين في علم الإجتماع السياسي وجهوا نقداً عنيفاً الى"حرية العودة الى اصولية عشائرية ودينية". وهناك من يرفض الحديث عن"تحوّل أصولي"، فرجال دين وممثلو قوى سياسية اسلامية متنفذة يرون ان"المجتمع العراقي عاد الى جذوره الحقيقية"، محاولين التأكيد على ان"نظاماً اجتماعياً قائماً على احترام حق التعبير والرأي ولا يمس الجوهر الثقافي القائم على التزام ديني واخلاقي، يوفر سلماً اجتماعياً لا يخيف أحداً". ومثل هذه التطمينات تكاد تختفي كوقائع على الأرض مع تصاعد القمع المنظم للنساء الإختطاف، فرض الحجاب حتى على غير المسلمات، زواج المتعة، تعدد الزوجات، وغيرها... مما تنظر اليه ناشطات في العمل النسائي بمخاوف متزايدة."بعض اشكال العنف يتخذ من الدين ستاراً له"، المخاوف التي تبديها ناشطات في مؤسسات المجتمع المدني تقابلها تطمينات من مؤسسات تشريعية. ظواهر العنف ضد غير المسلمين أدت الى نزوح العائلات المسيحية من العراق، وذلك مع"تزايد وتيرة اعتداءات الجماعات الإرهابية في العراق. المتفائلون في العراق لم يفقدوا الأمل بعد مرتكزين الى"تحولات جذرية ومفاهيم تسامح واتصال حضاري وحوار لم تخفت على رغم الصوت العالي للعنف".