أنزل مدير مهرجان البندقية السينمائي الدولي ماركو موللر إلى حلبة المواجهة منذ اليوم الأول عدداً كبيراً من كبار نجوم هوليوود ومن أسمائها اللامعة، من دون أن يقلق أو يخشى من استنفاد حضور النجوم إلى مهرجانه. وإذا كان من المنطقي أن يعرض في افتتاح المهرجان عملاً كبيراً لإسم كبير من هوليوود مثل ستيفن سبيلبيرغ فإنه لم يكن من المتوقّع أن يحشّد في الأيام الثلاثة الأولى من مهرجانه هذا العدد الضخم من النجوم الهوليووديين، فبعد توم هانكس، الذي لعب دور فيكتور نافورسكي في فيلم "المحطة الأخيرة" إلى جانب الحسناء لكن عاديّة الأداء في هذا الفيلم كاترينا زيتا جونز. جاء دور النجم الأسود دينزيل واشنطن الذي قدّم له المهرجان شريطين بالتتابع وهما "المرشّح المنشوري" لجوناثان ديم مخرج فيلم "صمت الخرفان" إلى جانب النجمة الكبيرة ميريل ستريب و"رجل النار" لتوني سكوت. ولم يكتف موللر بذلك بل دفع إلى شاشات المهرجان بعدد آخر من نجوم كبار مثل توم كروز الذي يؤدي في شريط "Collateral" وللمرة الأولى في حياته الفنية دور قاتل مأجور وشرير. وبالتزامن مع فيلم سكوت عُرض فيلم "أغنية حب لبيبي لونغ" للمخرجة الشابة شايني غابيل وبطولة جون ترافولتا والنجمة الشابة سكارليت يوهانسن عضو لجنة التحكيم الدولية للمهرجان. ستون أسداً ذهبياً كل هذا الحضور في الأيام الثلاثة الأولى من المهرجان يشير إلى أن جعبة مدير المهرجان لا تزال مكتظة بعدد آخر من النجوم الكبار الذين سيمرّون على بساطه الأحمر عبر موكب 60 أسداً ذهبياً رفعوا على صروح عالية أمام قصر السينما في جزيرة الليدو يحمل كل منها اسم المخرج الذي فاز به والسنة التي فاز بها واسم الفيلم الفائز. ويبدو أن على السينما العربية الانتظار طويلاً قبل أن يُكتب اسم مخرج عربي ضمن "أوليمب" السينما العالمية. ولحين حدوث ذلك المرتجى ليس لنا إلاّ أن نمنّي النفس ونفرح بالأسد الذهبي للحياة الفنية الذي منح العام الماضي إلى النجم المصري عمر الشريف وإلى الأسدين الفضيين اللذين حصل عليهما كل من المخرجة اللبنانية رندة الشهال الصبّاغ عن فيلمها "طيّارة من ورق" والمخرج العراقي الكردي الأصل هونير سالم عن فيلمه "فودكا ليمون". نجوم كبار بعضهم يجسّد ملفات ساخنة تمر بالمجتمع الأميركي في هذه المرحلة، بالذات في ما يتعلق بالصلة مع "الغرباء" في بلد بني على عرق الغرباء وفي ما يتعلّق بعملية التلاعب بالسلطة السياسية في الولاياتالمتحدة ودور رؤوس الأموال الكبيرة في تحريك السياسات وتحديدها في أكبر دولة ديموقراطية في العالم وفي بلاد القوة العظمى الوحيدة على الأرض، وهذا ما برز من خلال "المحطة الأخيرة" لسبيلبيرغ و"المرشح المنشوري" لجوناثان ديم. قد تكون مصادفة، إلاّ أن تزامن فيلم المرشح المنشوري" مع سنة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي يتواجه فيها الرئيس الحالي جورج بوش مع منافسه الديموقراطي جون كيري، تفرض قراءة مقارنة. فالتشابه الجسدي بين الرئيس الحالي وشخصية الفيلم الرئيسة "رايموند شو" - أداه لييف شريبير - كبير كما أن قوة رأس المال الممثلة بشركات "مانشوريان كوربوريشن" فيها شبه كبير للمؤسسات المالية واللوبي الاقتصادي الذي وقف وراء الحملة الانتخابية الأولى للرئيس بوش وتقف وراءه في مواجهته العسيرة مع كيري. الأحداث في الفيلم تجري على خلفية حرب الخليج الأولى وما يتوهم محاربوها القدماء أنهم يعانون أحلاماً وكوابيس مزعجة ليست إلاّ نتيجة لعملية إدارة وتأثير من خلال "ميكروتشيب" لُقم به جسد كل منهم ويستجيبون لأوامره في اللحظة التي تصل أليهم.