يبدو مدير مهرجان البندقية فينيسيا السينمائي الدولي ماركو موللر واثقاً من حضور النجم الاميركي توم هانكس الى حفلة افتتاح المهرجان ليلة الاول من ايلول سبتمبر المقبل. وعلى رغم ما قيل فإن هانكس سيرافق "المحطة الاخيرة" The Terminal وهو الجهد الأخير للمخرج الاميركي ستيفن سبيلبيرغ. شريط سبيلبيرغ هو اكثر الافلام ترقباً في هذه الدورة من المهرجان. توم هانكس لن يكون النجم الاميركي الوحيد في هذه الدورة من المهرجان اذ ينتظر ان يحضر ايضاً عدد كبير من نجوم هوليوود من بينهم داستن هوفمان الذي يؤدي الى جانب جولي كريستي وكيت وينسلت وجوني ديب بطولة فيلم "العثور على الارض الغائبة" لمارك فورستر. وأكد موللر حضور دينزل واشنطن الذي يؤدي بطولة فيلم "المرشح المنشوري" من اخراج جوناثان ديم. الى جانب واشنطن شارك في هذا الفيلم كل من النجمة ميريل ستريب وجون فويت. ستحضر ايضاً نيكول كيدمان التي اصبحت من بين ضيوف المهرجان الاعتياديين منذ عملها الاخير الذي لعبته الى جانب زوجها السابق توم كروز "عيون مغمضة على اتساعها" من اخراج الراحل الكبير ستانلي كوبريك. كيدمان سترافق فيلم "ميلاد" من اخراج جوناثان غلازر. شيخ وثلاثة فرسان السينما الايطالية تعول كثيراً على هذه الدورة من المهرجان ليقظة جديدة تتيح لها العودة الى التنافس مع بدء الموسم الجديد، مع الانتاجات العملاقة التي اعدتها هوليوود لإغراق السوق العالمية ولحسر الهوامش الضيقة اصلاً امام السينمات الوطنية والتي باتت تضيق اكثر فأكثر بمرور الوقت. "الكتيبة" الايطالية الى هذه الدوة من المهرجان تتألف من 21 فيلماً روائياً يقودها شيخ المخرجين الايطاليين ميكيل آنجيلو انطونيوني. هذا الفنان الكبير سببت له جلطة في الدماغ قبل بضع سنوات فقدان القدرة على النطق وبطء الحركة، الا انها لم تفلح في تحجيمه عن العمل والابداع ولم يتوقف عن انجاز الافلام، ويكفي ان نذكر رائعته "ما وراء الغمام" التي عاد بها الى الانجاز بعد فترة نقاهة طالت شهوراً طويلة. وفي هذه الدورة من المهرجان يعود انطونيوني الى العمل من خلال فيلم ثلاثي الى جانب ستيفن سوديبيرغ ووونغ كار - واي. عنوان الفيلم "إيروس" 103 دقائق وهو من انتاج فرنسي - ايطالي - اميركي - هونغ كونغي مشترك. وفي سباق الايام العشرة من المهرجان تقدم "الكتيبة" الايطالية ثلاثة من فرسانها هم: جاني أميليو، ميكيلي بلاتشيدو وغويدو كييزا. المخرجون الثلاثة سيتواجهون ويتقابلون مع السينما الاخرى في سباق لا يبدو سهلاً على الاطلاق. يكفي ان نعلم بأن من بين المتنافسين على الأسد الذهبي في الدورة الاولى التي يديرها ماركو موللر، وهي الحادية والستون، في عمر المهرجان، توجد اسماء من مثل الألماني فيرنير هيرزوغ الذي سيعرض شريطه الجديد "أرض الوفرة"، والهندية ميرا ناير التي ستعرض جديدها Vanity Fair. ناير كانت فازت بالأسد الذهبي قبل سنتين ب"عرس المونسون"، هناك المخرج الصيني هو هسياو - هسين الذي سيعرض جديده "كافييه لوميير"، اضافة الى الاسباني أليخاندرو أمينابار الذي سيحضر الى الليدو للمرة الثانية في اقل من ثلاث سنوات بفيلمه الجديد "البحر في داخلي". الحب، والحب أولاً جاني آميليو الفائز قبل سنوات بجائزة في "كان" عن فيلمه "سارق الاطفال" وبالأسد الذهبي لمهرجان فينيسيا 1998 عن فيلمه "هكذا كانوا يضحكون" سيحضر هذه المرة بفيلم يحمل عنوان "مفاتيح البيت" من بطولة النجم الايطالي الشاب كيم روسّي ستيورات الذي هذّب اداءه في السنوات الاخيرة بعمل جدي ومتواصل في عدد كبير من الاعمال المسرحية الكلاسيكية وبالذات "هاملت" لوليم شكسبير. يقول المخرج: "انا سعيد للغاية ان فيلمي اختير للمسابقة الرسمية للمهرجان. يقال دائماً ان اختيار الفيلم داخل المسابقة انتصار في حد ذاته، لكنني اقول بأن ما اترقبه من هذه الدورة من المهرجان هو تثبيت القناعة لدى الجمهور والنقاد بأنني انجزت في هذه المرة فيلماً يصلح للجمهور الواسع بكل معنى هذه الكلمة وليس فيلماً نخبوياً بحتاً كما كانت افلامي الاخرى تتهم عادة بكونها غير صالحة للجمهور العريض". الفيلم كما يقول آميليو "يتحدث عن المشاعر الانسانية العالية التي لا تتوقف عند حدود دولة او مكان". وبالفعل فهذا هو العمل "الاقل ايطالية" لهذا المايسترو السينمائي الكبير وتدور معظم احداثه بعيداً من ايطاليا، في المانيابرلين وفي النروج. غويدو كييزا يعود الى مسابقة مهرجان البندقية بعد ثلاثة سنوات من عمله السابق "المقاتل النصير جوني" والذي لم يحقق نقدياً الحضور المرتجى، الا انه شكل مرحلة مهمة سواء في عمل هذا المخرج او في عملية اعادة قراءة مرحلة حرب الانصار ضد الفاشية والنازية في ايطاليا إبان الحرب العالمية الثانية. في عمله الجديد "العمل بأناة" يتناول كييزا مرحلة اخرى مهمة من تاريخ المجتمع الايطالي وهي المرحلة التي عاصرت الحقبة التي تلت ثورة الشباب والطلبة في عام 1968. يتناول كييزا شريحة صغيرة، لكن في غاية الاهمية، من تلك الحقبة. انه يبحر من خلال تجربة فريق من الشباب اسسوا وأداروا محطة الاذاعة الخاصة "راديو آليتشي" التي شكلت كقريناتها رئة حيوية للسجال السياسي والأيديولوجي في سنوات السبعينات والثمانينات، كما شكلت ايضاً منعطفاً مهماً افضى الى تغيرات جوهرية وعميقة في المجتمع الايطالي ومن بينها بروز حالة التنظيمات الارهابية اليسارية واختطاف ومقتل زعيم الحزب الديموقراطي المسيحي آلدو مورو من "الألوية الحمراء" اضافة الى التجديدات الايديولوجية والعقائدية داخل اليسار الايطالي وبالذات الحزب الشيوعي الايطالي الذي كان يعد يومئذ اكبر وأقوى حزب شيوعي ويساري في العالم الغربي. غويدو كييزا يبدو فرحاً ان يجاور جاني آميليو في التسابق على الاسد الذهبي للمهرجان، ويقول: "انا اعتبر آميليو من بين اساتذتي وهو من افضل المخرجين بالنسبة الي". الحب ايضاً وأيضاً اما الفارس الثالث في هذه "الكتيبة" فهو النجم والمخرج ميكيلي بلاتشيدو الذي يعود الى المهرجان بعد بضع سنين من تقديمه عمله الشاعري "عن الحب الضائع" الذي ادت بطولته النجمة الايطالية الحسناء جوفانا ميتزوجورنو وتناول حياة المعلمة والناشطة الشيوعية الشابة إيليانا دي روسّي التي جعلت في مطلع الخمسينات من قضية الدفاع عن حقوق فلاحي الجنوب الايطالي همها الاساس واكتشفت من خلال ذلك مغزى الجدل والسجال للدفاع عن المبادئ، وهو ما دعا زعامات الحزب آنذاك الى ان تضع دي روسي في زاوية لأن فعلها السياسي وقدرتها على التأثير كانت تشكل احراجاً لزعامات الحزب التقليدية. الفيلم كان يروي صلة "ميكيلي" الصغير مع تلك الشخصية البديعة، وكان يروي ايضاً عشق المرأة لرجل لم يبادلها الحب نفسه الذي كانت تستحق، وروى ايضاً موتها المبكر وهي لمّا تبلغ الثلاثين من العمر. ميكيلي بلاتشيدو يعود في هذه الدورة من المهرجان بفيلمه الاخير بعنوان "أينما كنت" والذي تتمحور احداثه حول الحب. يقول بلاتشيدو: "بعد سنين طويلة من السينما الملتزمة سياسياً اعتقد انه آن الاوان ان اتحدث عن الحب"، ويضيف: "ربما كان التواجد والحضور الثقيلان للسياسة في حياة الناس هما ما دفعاني الى العودة الى قوة الانسان في مشاعره وفي مقدمها الحب".