لمدينة البندقية الإيطالية عموماً، ولمهرجانها السينمائي على وجه الخصوص، علاقة متميزة بالشرق الآسيوي. وتعود تلك العلاقة الى قرون عدة عندما كانت هذه المدينة احدى الجمهوريات البحرية العريقة وعندما رحل ابنها الشهير ماركو بولو لاكتشاف خبايا امبراطورية الصين العظيمة. ومنذ عشرات السنين صار الأسد المجنح الذي، صبّ برونزه في الصين، شعاراً للمدينة ونموذجاً لجائزة مهرجان البندقية، ويعتبر من حاز على اسده الذهبي دخل الى اوليمب السينما العالمية. علاقة مهرجان البندقية مع المشرق الآسيوي، ومع اليابانوالصين بالذات، علاقة حميمة إذ يعتبر هذا المهرجان نفسه أباً لاثنين من كبار المخرجين الآسيويين في العالم، الصيني زهانغ ييمو الذي عُمّد، هو وزوجته السابقة غونغ لي، في هذا المهرجان بفوزه بالأسد الذهبي عن فيلم "ارفعوا القناديل الحمر"، والياباني تاكيسي كيتانو الذي ولج العالمية من خلال الأسد الذهبي الذي حازه بفيلمه "هانا بي - ألعاب نارية" قبل بضعة اعوام. حضور السينما الآسيوية الى المهرجان العريق مرّ عبر خبرة ومعارف المدير الحالي للمهرجان ماركو موللر الذي يعتبر احد اكبر العارفين الأوروبيين بخبايا الثقافة الصينية والسينما الشرق آسيوية، وكان متابعو المهرجان يتوقعون حضوراً كبيراً لسينما تلك البلدان في ليدو البندقية، إلا انه لم يكن من المعقول ان يخصص موللر للسينما التي احبها مساحة اكبر مما تتاح لسينما القارات الأخرى في مهرجان كبير مثل البندقية. بيد ان موللر بإصراره على عرض فيلم "اميرة جبل ليدانغ" من اخراج الماليزي ساو تيونغ سيسجّل للدورة الأولى من مهرجانه اطلق جناح سينما بلد آسيوي جديد على مسرح العالمية، فهذا الفيلم هو العمل السينمائي الماليزي الأول الذي يُعرض في مهرجان دولي خارج حدود ذلك البلد، وكما علّمتنا تجارب السينما الصينيةواليابانية والتايوانية وسينما هونغ كونغ، فإن من المتوقع، أو بالأحرى من المؤمّل، ان يشهد جمهور السينما في المستقبل القريب نماذج جميلة من السينما الماليزية. الفيلم من إنتاج جيل روسّيلليني، ابن المخرج الإيطالي الكبير الراحل روبيرتو روسّيلليني، رائد تيار الواقعية الإيطالية الجديدة، ذلك التيار السينمائي العظيم الذي برز بعد الحرب العالمية الثانية وطبع ببصماته سينمات العالم بأسره وما تزال آثاره جلية في العديد منها كالهندية والإيرانية والعربية ايضاً. فيلم "اميرة جبل ليدانغ" الذي بدأ عرض يوم الثامن والعشرين من هذا الشهر على ملك ماليزيا وبدأ عرضه في 120 صالة في مسقط رأسه بالتزامن مع العيد الوطني الماليزي، سيعرض في الليدو بعد غد الأحد في الصالة الكبرى بالمهرجان وسيحضر العرض ولي العهد الماليزي وزوجته. يروي الفيلم قصة الأميرة غوستي بوتيري رينتو دويميلاه الحاملة لطاقات سحرية خارقة. إنها اميرة لا يراها البشر العاديون وتظهر فقط للذين يضيّعون السبل داخل الغابة كثيفة الأشجار في قمة جبل ليدانغ. وبموازاة قصة الأميرة الساحرة يروي الفيلم حكاية الأميرال هانغ تاه وهو احد قادة السلطان الأمينين. يقول المخرج تيونغ عن شخصيتي فيلمه "انهما شخصيتان من فولكلورنا العريق، ويدرس تلاميذ المدارس قصتيهما في المدرسة وهما مشهوران بمقدار شهرة سندريلا وروبين هود بالنسبة الى الثقافة الغربية". قد لا يكون ماركو موللر انحاز الى حبه القديم للسينما الآسيوية، إلا ان بإمكانه القول بحق انه اطلق العنان لبلد آسيوي جديد لولوج نادي السينما العالمية.