التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    «الصندوق العقاري»: إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي «سكني» لشهر نوفمبر    "تعليم الرياض" يحتفي باليوم العالمي للطفل    تقنية جازان تختتم برنامج الحرفيين بتدرب اكثر من 100 متدرب ومتدربة    فيصل بن بندر يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف غداً مؤتمر الاستثمار العالمي لعام 2024م في الرياض    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    "البرلمان العربي" يرحب بإصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء كيان الاحتلال ووزير دفاعه السابق    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    " هيئة الإحصاء " ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 22.8% في سبتمبر من 2024    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    القِبلة    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    تأثير اللاعب الأجنبي    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    المدى السعودي بلا مدى    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرر ان الحكومة الموقتة غير شرعية ... ودعا الى مقاطعة مدنية شاملة لقوات الاحتلال . فضل الله ل"الحياة": اللاعنف لن يخرج أميركا من العراق ... ودعاة المقاومة بالسياسة لا سياسة مستقلة لهم
نشر في الحياة يوم 03 - 09 - 2004

قال المرجع الاسلامي الشيعي آية الله محمد حسين فضل الله "اننا مع المقاومة ضد الاحتلال الاميركي للعراق سواء كان هذا الاحتلال علنياً او مغطى بغطاء عراقي، وسواء كانت المقاومة سلمية ام عسكرية"، مؤكداً الحاجة الى هذين النوعين من المقاومة "معاً، لأنه في كل موقع احتلال من الصعب جداً ان ينسحب المحتل من البلد الذي يحتله بسياسة اللاعنف التي لا تخرج عن كونها خطاباً استهلاكياً"، ومشدداً في الوقت نفسه على ان "المقاومة السلمية لا تقتصر على الخطابات والتصريحات عن رفض الاحتلال، ولكنها تتحرك في دائرة المقاطعة المدنية السلمية الشاملة، وهو ما لم نجده لدى كل الذين يتحدثون عن المقاومة السلمية".
وأضاف فضل الله في حديث الى "الحياة" ان العملية السياسية "التي يشرف عليها المحتل تضع القوة كلها في يديه"، ولا تترك للحكومة الموقتة الا "النزر اليسير"، معتبراً ان الذين يريدون ان يقاوموا بالسياسة "لا سياسة مستقلة لهم حتى لو أُعطوا عنوان السيادة"، ومجدداً ان "لا شرعية للحكومة العراقية الموقتة".
ورأى أن أزمة النجف "انتهت بعدما وصلت الامور الى طريق مسدود"، وأن اعلان "جيش المهدي" وقف العمليات العسكرية في كل المحافظات "يعني ان المسألة ربما انتقلت من الجانب العسكري الى الجانب السياسي وهذا امر ايجابي، الا اذا كانت مصلحة قوات الاحتلال تكمن في الاستفزاز من جديد". ونفى ان تكون له علاقة بتيار السيد مقتدى الصدر، "لكنني اسمع ان هناك احتراماً لي من كثيرين منهم، خصوصاً ان الكثير من المشايخ الذين اصبح لهم دور قيادي ضمن هذا التيار الآن كانوا يدرسون في حوزتنا في الشام وكانوا يترددون علي". وفي ما يأتي نص الحديث:
كيف ترون الى حركة السيد مقتدى الصدر وما هو تقويمكم لهذه الحركة؟
- ليس لديّ اطلاع واسع على مفردات التفاصيل في هذه الحركة حتى استطيع ان احكم عليها سلباً او ايجاباً، لأن الناس اختلفوا في تقويمهم لها بين من يتحدث عنها بسلبية مطلقة ومن يرى فيها ايجابية مطلقة. لكنني في الاستراتيجية التي أتبعها منذ اكثر من ربع قرن اقف مع اي جهد في مواجهة الاحتلال، لذلك كنا مع القضية الفلسطينية في كل خطوطها وبكل فصائلها على رغم أن المرء قد يتحفظ عن بعض السلوكيات والاخطاء. وهكذا كان موقفنا من السياسة الاميركية على مستوى شعوب العالم الثالث. لذلك فإنني مع المقاومة ضد الاحتلال الاميركي سواء كان هذا الاحتلال احتلالاً رسمياً او مغطى بغطاء عراقي، وسواء كانت المقاومة سلمية ام عسكرية. ونحن مع كل جهد شعبي عراقي من أجل اخراج قوات الاحتلال من العراق لأن الاحتلال هو الذي اربك الساحة العراقية في كل مفاصلها الامنية والاقتصادية والسياسية، خصوصاً اننا سمعنا من الاميركيين قبل الاحتلال وبعده ان هذا الاحتلال كان من اجل حماية المصالح الاميركية الاستراتيجية في العراق ومن خلال العراق في المنطقة كلها، ما يعني ان الاحتلال يمثل سياسة اميركية خاصة قد تتفق معها بعض الدول الخاضعة للاميركيين او المتحالفة مع اميركا. لذلك ايدنا خطوات المقاومة، مع استنكارنا الشديد للاعمال العسكرية التي توجه ضد المدنيين او اجهزة الامم المتحدة او تلك الموجهة الى دور العبادة والكنائس وللزائرين في المقامات وللاغتيالات التي قد تأخذ طابعاً مذهبياً يستغله الطائفيون في سبيل اثارة موقع اسلامي ضد موقع اسلامي آخر، ما يوجد نوعاً من الاثارة الطائفية التي ليست في مصلحة العراقيين بل هي في مصلحة الاميركيين. ولذلك وقفنا مع هذه الحركة حركة مقتدى الصدر في عناوينها في مواجهة المحتل وفي الدفاع عن المقدسات وما الى ذلك، بقطع النظر عن السلبيات التي قد تحدث لأننا لسنا في موقع تقويم للحركة ولكننا في موقع تأكيد مواجهة الاحتلال.
هناك في بعض الاوقات من حسب تيار مقتدى الصدر عليكم؟
- ليست لدي اي علاقة بالقاعدة القيادية للتيار الصدري، ولكنني اسمع ان هناك احتراماً لي من كثيرين منهم، خصوصاً ان الكثير من المشايخ الذين اصبح لهم دور قيادي ضمن هذا التيار الآن كانوا يدرسون في حوزتنا في الشام وكانوا يترددون علي.
أنا اعمل على المستوى الاسلامي العام وليس في الدائرة الشيعية فقط وانفتح على كل التيارات والخطوط مع التزامي بما اؤمن به من الخط الاسلامي.
من الواضح ان هناك نظرتين على المستوى الشيعي في العراق الى الاحتلال، احداهما ترى ان الخيارات السلمية لم تستنفد بعد والثانية تؤمن بأولوية العمل العسكري، اي النظرتين تحبذون؟
- اعتقد اننا في حاجة الى الخطين معاً لأنه في كل موقع احتلال من الصعب جداً ان ينسحب المحتل من البلد الذي يحتله بسياسة اللاعنف، وذلك لا يخرج عن كونه خطاباً استهلاكياً يمكن ان يتبخر في الهواء ويشعر الناس بأنهم قد ادوا قسطهم للعلى وتكلموا. المقاومة السلمية لا تقتصر على الخطابات والتصريحات التي تتحدث عن رفض الاحتلال، ولكنها تتحرك في المقاطعة المدنية السلمية في كل شيء يرتبط بالمحتل: ان تقاطع مساعدة المحتل في كل حاجاته الغذائية والامنية وما الى ذلك، وان يتحرك الشعب كله بحيث لا تجد شخصاً يمكن ان يكون مترجماً للاحتلال او مساعداً له في نقل التموين او في توفير الخدمات لجنوده او ما الى ذلك. لم نجد هذا النوع من المقاومة السلمية لدى كل الذين يتحدثون عن المقاومة السلمية، ولهذا شعرنا بأن الاميركيين عملوا على التمدد في العراق وعلى التعسف في استعمال القوة في شكل عشوائي سقط فيه من المدنيين ما لم يسقط حتى من الذين يقاومون عسكرياً او من الجنود الاميركيين، ما يعني ان الاميركيين يشعرون براحة. ربما يقول بعضهم ان الناس شعروا بنوع من الامن في المناطق التي لم تقاوم عسكرياً، لكن هذا الامن يسهل للمحتل البقاء طويلاً لأنه لا يجد أي ممانعة، بل ربما يجد من يردد الشعارات عن انهم جاؤوا محررين وليسوا محتلين. ان دراستنا للتصريحات الاميركية من خلال ما يصدر عن الرئيس جورج بوش او عن معاونيه من العسكريين والسياسيين تدل على ان المقاومة العسكرية استطاعت ان تدخل الاميركيين في مأزق، وباتت التحليلات السياسية في العالم تعتبر ان اميركا فشلت في العراق، حتى ان بوش نفسه أقر هذا الاسبوع بأنه اخطأ في حساباته لما بعد الاحتلال، بعدما كان يعتقد بأن العراقيين بفعل طغيان نظام صدام حسين وأعوانه سيتلقون الجيش الاميركي بالورود. لكن المسألة ان الجيش الاميركي الذي جاء بحسب ادعاءات واشنطن من اجل اقرار الديموقراطية وحقوق الانسان وجعل العراق نموذجاً تحتذيه دول المنطقة او يفرض على المنطقة، اذا به يصرف كل جهده وكل سلاحه وقواته وسياسته في الدفاع عن جنوده وليس في الدفاع عن الشعب العراقي.
المقصود بالسؤال تحديداً ان هناك من يدعو الى المقاومة العسكرية ومن يرى الانخراط في عملية سياسية تنتهي بإخراج المحتل من دون مقاومة ولو حتى سلمية؟
- عندما ندرس العملية السياسية التي يشرف عليها المحتل نرى انه يضع القوة كلها في يديه، وانه لا يترك لهذا الفريق السياسي الا النزر اليسير. حتى ان النزر اليسير يراد له ان يستخدم في فرض الامن وفي تأكيد الخطوط السياسية وتحت اشراف قوات الاحتلال، وهذا ما لاحظناه في مسألة النجف كعنوان كبير هز العالم الاسلامي، اذ ان العنف الذي فرض على النجف هو عنف قوات الاحتلال ولم يكن لقوات الدفاع المدني او قوات الشرطة العراقية اي دور. الدور الوحيد الذي اريد لها كان يتمثل في الدخول الى الصحن الحيدري. كذلك الامر بالنسبة الى مدينة الصدر، اذ ان الجيش الاميركي وحلفاءه هم الذين يديرون المعركة وهم الذين يراد لهم ان يفرضوا الامن وليس الحكومة العراقية الموقتة. وهكذا بالنسبة الى الفلوجة أو البصرة أو العمارة أو غيرها. لذلك، فإن الذين يريدون ان يقاوموا بالسياسة او يؤكدوا السياسة لا سياسة مستقلة لهم حتى لو أُعطوا عنوان السيادة، لأن أي سياسة لن تكون في مركز اصالة القرار الا اذا كانت تملك القوة والامتداد الشعبي بالطريقة التي يشعر بها الشعب بأن هناك حكومة وطنية ترعى اموره. ربما أصبح الشعب العراقي، نتيجة هذا التعب الذي اجهده وأجهد كل حياته، يريد الحل كيفما كان وبأي وسيلة، ولكن هذا لا يعني أن هناك عراقاً حراً مستقلاً. الوضع تماماً كمن يرضى بالتعايش مع المرض الذي لا دواء له.
انطلاقاً من ذلك اذاً، أنتم لا تجوّزون شرعاً الانخراط في عملية سياسية في وجود المحتل؟
- عندما انطلق مشروع مجلس الحكم الانتقالي قلت ان لا شرعية له، وعندما انطلق مشروع الحكومة الموقتة قلت ان لا شرعية له، لأن هاتين التجربتين كانتا بقرار من المحتل حتى ولو اعطيتا غطاء من الامم المتحدة. وبفعل الضغط الذي يعيشه الواقع العراقي من خلال فشل مجلس الحكم الانتقالي ومن خلال السيادة السطحية الصورية للحكومة نرى ضرورة أن تكون هناك حكومة وطنية سيادية يمكنها ان ترتب العلاقات الدولية سواء كانت اقتصادية او امنية او سياسية.
الوضع كما انتهى عليه في النجف برأيكم، هل وضع حداً للازمة ام ان هذه مجرد هدنة هشة يمكن ان تسقط في اي لحظة؟
- لعل الاغلب ان الامور وصلت الى مستوى الطريق المسدود في عملية العنف العسكري، لهذا أعتقد ان المسألة ربما بلغت النقطة الاخيرة.
اذاً، تعتقدون ان الازمة انتهت؟
- هكذا من خلال المعطيات التي نتابعها ومن خلال الخلفيات التي تكمن وراء ضغوط هنا وضغوط هناك، لا سيما ان التصعيد الأمني لا شعبية له بخاصة بسبب الظروف التي يعيشها العراقيون وبعد التعب الذي وصل الى حد السقوط النفسي والامني والغذائي وما الى ذلك. لذلك لعل المسألة وصلت الى حد النهاية، خصوصاً بعد اعلان جيش المهدي وقف العمليات العسكرية في كل المحافظات والاعلان أن هناك مشروعاً سياسياً، وهذا يعني ان المسألة ربما انتقلت من الجانب العسكري الى الجانب السياسي وهذا امر ايجابي، الا اذا كانت مصلحة قوات الاحتلال تكمن في الاستفزاز من جديد بالطريقة التي تخطط فيها لإسقاط كل قوة ولو مستقبلية، لأننا لا نثق بمخططات الاحتلال الاميركي للعراق.
كيف يكون الانتقال من الجانب العسكري الى الجانب السياسي ايجابياً وأنتم تدعون الى مقاومة الاحتلال؟
- يكون ايجابياً بحسب الطبيعة الواقعية للمسألة في هذه المرحلة على الاقل.
لوحظ اثناء الازمة الاخيرة غياب تام، بخاصة في الاسابيع الأولى، لكل المرجعيات ولكل الاحزاب الاسلامية عن أحداث النجف سوى ما صدر عنكم. الى ماذا تردون ذلك؟
- لا احب الخوض في هذه التفاصيل، لكني أعتقد بأنه ربما حتّمت ذلك عوامل امنية من خلال الفوضى التي حصلت في النجف، وربما كانت هناك بعض العوامل الصحية. وهناك بعض التحليلات السياسية التي قد تفسر المسألة لتجعلها في دائرة الصراع.
كيف تستشرفون مستقبل العراق في هذه المرحلة؟
- الاميركيون لن يستطيعوا البقاء طويلاً في العراق لأن العراق اصبح الساحة المفضلة للحرب على اميركا وساحة لكل الذين يعارضون السياسة الاميركية ممن يطلق عليهم "عناصر ارهابية" بحسب المصطلح الاميركي سواء من "القاعدة" او جماعة الزرقاوي او غيرهم، اضافة الى ان هناك فريقاً عراقياً مارس المقاومة العسكرية ومستمر في ممارستها وربما اتجه هذا الخط الى مزيد من الاتساع. كما ينبغي ان نلاحظ أن اميركا اصبحت على حدود ايران وعلى حدود سورية، ومن الطبيعي ان تقابل هذا الوجود الاميركي الضاغط حركة ضاغطة من اي جهة من الجهات التي يمكن ان تضغط على الداخل، ولذلك يتهم السياسيون الاميركيون سورية بفتح حدودها أمام دخول الارهابيين الى العراق، وكذلك الأمر بالنسبة الى ايران، وإن كانت تنبغي هنا الاشارة الى ان الحدود كبيرة جداً وتصعب السيطرة عليها. كما ان دولاً اقليمية أخرى تعتبر، من دون ان يكون لها خيار في ذلك، من خلال حدودها مصدراً لتدفق من يسمون بالارهابيين والمتطرفين الذين أثقلوا على دولهم بإرهابهم. كما ان لتركيا ايضاً هامشها انطلاقاً من المشكلة الكردية التي عادت الى التحرك الآن بعد انتهاء الهدنة مع حزب العمال الكردستاني، بخاصة ان كردستان العراق، التي تمثل الولد المدلل للأميركيين وللاحتلال الاميركي، باتت موقعاً متقدماً لمساعدة هذه الفئات. عندما ندرس كل هذه المفردات نجد ان هناك اخطبوطاً تمتد اذرعه ضد الوجود الاميركي في العراق وبالتالي ضد الحكومة العراقية اياً كانت، ولا أستبعد أن يؤدي هذا الواقع الأمني الى الغاء الانتخابات المقررة في العراق مطلع السنة المقبلة.
كيف ترون الى الحال الاسلامية، السنّية والشيعية، في العراق؟
- هناك قرار اميركي بمنع الاسلاميين الذين يفكرون بالاسلام السياسي على مستوى الدولة سواء كانوا سنّة او شيعة من ان تكون لهم مواقع القوة على مستوى القرار، لأن اميركا تعمل على اساس ان يكون العراق دولة علمانية ذات نكهة اسلامية. ولذلك بعدما أعطت اميركا الاسلاميين في مجلس الحكم الانتقالي الكثير من المراكز والمواقع حتى خيّل للناس أن العراق سيتحول الى دولة اسلامية على طريقة ايران او غيرها، لاحظنا ان غالبية وزراء الحكومة الحالية الموقتة ليسوا اسلاميين، بل ان الاسلاميين ابعدوا الا في شكل بسيط جداً. ولهذا اشك في ان يأخذ الاسلاميون موقعاً كبيراً جداً الا اذا استطاعوا ان يأخذوا بأسباب الوحدة الاسلامية الحركية من السنّة والشيعة وأن يفرضوا وجودهم.
هناك من الحركات الاسلامية من يريد تحويل العراق الى فيتنام اسلامية. كم هو ذلك في مصلحة العراق ودول المنطقة؟
- اعتقد بأن هذا ليس واقعياً لأن طبيعة فيتنام والشعب الفيتنامي والظروف التي احاطت بالحرب الفيتنامية - الاميركية وطبيعة الاوضاع الدولية، اذ لا ننسى أن الاتحاد السوفياتي كان يمثل دولة كبرى آنذاك، تختلف اختلافاً كلياً عن الظروف العراقية. ومن الصعب جداً ان يتحول العراق الى فيتنام.
اذاً، لن تغرق اميركا في مستنقع العراق؟
- قد تغرق اميركا في وحول العراق لا في مستنقع.
ما الفارق بين الاثنين؟
- المستنقعات تملك امتداداً في المياه، اما الوحول فتربك الحركة ولكنها لا تغرق.
اذا لم تغرق فهذا يعني انها لن تخرج؟
- من الطبيعي ان الارباك قد يخرج. اميركا خرجت من لبنان الضعيف بعد تفجيري المارينز ومقر المظليين الفرنسيين في الثمانينات، علماً ان أميركا جاءت آنذاك بأساطيلها ومع غالبية حلفائها الاوروبيين لتحول لبنان الى قاعدة عسكرية.
يتردد كلام كثير عن دور ايراني خفي في العراق وعن سعي من طهران للعب دور في عراق ما بعد صدام حسين.
- من الطبيعي أن اي دولة مجاورة لأي دولة لا بد لها من ان تعمل على ان تحافظ على مصالحها في هذه الدولة وعلى ان تحمي نفسها ايضاً في هذا المجال وهذا موجود في العالم كله. والا كيف نفهم علاقات اميركا بالمكسيك او بدول اخرى قريبة منها؟ الا ان ما يتردد عن سعي ايران للسيطرة على العراق امر غير واقعي. أعتقد ان ايران يمكن ان يكون لها دور الى جانب الادوار الاخرى العربية.
ما حدود هذا الدور؟
- ايران دولة لها مصالح اقتصادية في العراق وهي دولة صناعية بما يلبي كثيراً من الحاجات التي يحتاج اليها الشعب العراقي. فمن المهم ان تفكر ايران بأن ينفتح لها السوق العراقي.
وعلى المستوى السياسي؟
- على المستوى السياسي ان يكون العراق بالنسبة الى ايران بلداً لا يربك الواقع الايراني على الطريقة التي كان يتحرك فيها صدام حسين.
ما رأيكم في السياسة الخارجية التي تنتهجها الحكومة العراقية تجاه دول الجوار خصوصاً ايران وسورية؟
- في تصوري ان هناك خلفيات خفية في سياسة الحكومة العراقية الموقتة التي ربما تمتص الكثير من المشاعر والاحاسيس الشعبية السلبية ضد دول الجوار التي تعتبر ان هذه الدول كانت مع صدام ولم تساعد العراق، حتى اننا نجد ان هناك تياراً في العراق يقول ان علينا ان نتخفف من القضية الفلسطينية وان نهتم بأمورنا، او كما كان خطاب بعضهم في بداية الاحتلال على ضرورة ان يتخفف العراق من كل العلاقات العربية. اعتقد ان اميركا تعمل على اساس ان تكون العلاقات العراقية - العربية او العراقية - الايرانية او العراقية - التركية دائماً في دائرة الاهتزاز، بمعنى ان تكون هناك علاقات ديبلوماسية او اقتصادية، ولكن من خلال البرنامج الاميركي وبحسب المصالح الاميركية في المنطقة، وهذا ما لاحظناه في طريقة ادارة تصريحات الحكومة العراقية الموقتة ضد ايران وحتى في الحديث عن ارسال دول الجوار جنوداً، ما يدل على ان المطلوب هو علاقات في السطح وليست علاقات في العمق.
في المقابل ما هو المطلوب من هذه الدول ان تعتمده تجاه العراق في الوقت الحالي؟
- ان المطلوب هو ألا تحاول هذه الدول ان تربك الواقع العراقي في القضايا الحيوية في العراق.
بمعنى تشديد الامن على الحدود مثلاً؟
- انا لا ادخل في هذه الامور، لكنني اعتقد ان عليها ان تلاحظ الشعب العراقي لا الحكومة الاميركية او الحكومة العراقية، وما دامت تتحدث في العروبة وفي الاسلام، فلا بد من التحرك على اساس القيم العربية والقيم الاسلامية في علاقة بلد عربي ببلد عربي آخر او بلد اسلامي ببلد اسلامي آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.