أكد البنك الدولي لدوله الأعضاء ال184 من البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل، أن تعزيز نموها الاقتصادي ومكافحة الفقر في مجتمعاتها يمكن أن يتحققا بتحسين المناخات الاستثمارية عبر الحد من المخاطر المرتبطة بالاجراءات والنظم التجارية وتطبيقها وخفض أعباء الشركات وازالة المعوقات التي تعترض قطاع الأعمال بكل لاعبيه من أصحاب المشاريع البالغة الصغر والمزارعين وأرباب العمل الحر ومؤسسات الصناعات التحويلية المحلية والشركات الدولية. وقال رئيس البنك الدولي جيمس وولفنسون في تصريح صحافي ان"الحرب على الارهاب والعراق أقصيا التنمية عن جدول أعمال المجتمع الدولي". وفي تطور لا يبدو منفصلاً يعتزم وزراء المال والاقتصاد الذين يشاركون في الاجتماعات السنوية المشتركة للبنك وصندوق النقد الدوليين في واشنطن بداية الاسبوع المقبل اطلاق نداء من أجل الأمن والاستقرار والسلام في العالم لكن احتياجات الدول النامية وتحدياتها وجدت شيئاً من الاهتمام في"تقرير التنمية لسنة 2005"الذي أصدره البنك الثلثاء. حفز النمو ولخص كبير الاقتصاديين في البنك الدولي فرانسوا بورغينيون أهم رسالة حملها التقرير الجديد عندما شدد على أهمية الدور الذي يلعبه المناخ الاستثماري الجيد في حفز النمو الاقتصادي ومكافحة الفقر، وقال ان"القطاع الخاص النشط يؤمن فرص العمل ويوفر السلع والخدمات اللازمة لرفع مستوى المعيشة ويعزز فرص تحصيل الضرائب الضرورية لتمويل خدمات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية لكن الحكومات غالباً ما تُضعف مساهمات هذا القطاع بزيادة مخاطر الأعمال وأعبائها ووضع عقبات غير مبررة أمام المنافسة التجارية". واستقى التقرير رسالته من نتائج عملية استبيان واسعة النطاق شاركت فيها 30 ألف شركة في 53 بلداً علاوة على دراسات ميدانية وبحوث جديدة. وكشف التقرير الذي نشره البنك الدولي تحت شعار"مناخ استثماري أفضل للجميع"أن المخاطر المرتبطة بالسياسات النظم والاجراءات الحكومية تتصدر مخاوف الشركات في الدول النامية، مشيراً الى ان غموض السياسات واسلوب تطبيقها يأتي في مقدم هذه المخاوف التي تشمل كذلك ضعف الثقة في استقرار الاقتصاد الكلي واللوائح التنفيذية العشوائية وضعف اجراءات حماية الملكية الخاصة. وخلص الى أن بذل الحكومات النامية جهداً لازالة الغموض عن سياساتها من شأنه زيادة حجم الاستثمارات الخاصة بنسبة 30 في المئة. ولم يحدد البنك الدولي البلدان التي تعاني سياساتها من الغموض المحبط للاستثمار لكن شركات بلدين عربيين فقط الجزائر والمغرب شاركت فيه. وفي حال المغرب جزئياً، في الاستبيان الذي شكل الأساس العملي لاستنتاجاته. ولفت في تقريره على سبيل المثال الى أن 90 في المئة من الشركات العاملة في غواتيمالا و70 في المئة من شركات روسيا البيضاء وزامبيا تواجه هذه المشكلة وأن 80 في المئة من الشركات في بنغلادش و70 في المئة من شركات الاكوادور ومولدوفا لا تثق بأن المحاكم الوطنية تحفظ حقوق ملكيتها. ولا يشكل غموض السياسات سوى واحد من المخاطر التي ترتب على الشركات أعباء هي من الضخامة، بحيث تجعل بعض فرص الاستثمار غير مربح. وتشمل قائمة المخاطر الأعباء التي تفرضها اللوائح التنظيمية المتقادمة وغير المدروسة على الشركات وكذلك عدم انتظام الخدمات الأساسية، خصوصا الكهرباء، وضعف آليات تنفيذ العقود المبرمة وأخيراً الفساد. ومن الأمثلة الصارخة التي أوردها التقرير في هذا الخصوص أن متوسط حجم الرشاوى التي تدفعها الشركات في الجزائر وكولومبيا ونيكاراغوا يزيد على 6 في المئة من مبيعاتها. تريليون دولار ويبرز الفساد كأكبر الآفات التي تعانيها الدول النامية، لكن معهد البنك الدولي يؤكد أنه مشكلة عالمية، ويُقدر حجم الرشاوى التي يتم دفعها سنوياً في العالم بأكثر من تريليون دولار، ويعتبرها أكبر عائق أمام مكافحة الفقر في الاقتصادات الناشئة. ووضع البنك الدولي مكافحة الفساد، علاوة على الأشكال الأخرى من السلوك النفعي مثل استغلال النفوذ السياسي، في قمة لائحة الاجراءات التي تتيح للبلدان النامية تحسين مناخاتها الاستثمارية، وتشمل أيضا تعزيز صدقية السياسات الحكومية وكسب التأييد الشعبي للتحسينات المطلوبة وضمان مواءمتها للواقع المحلي، لكنه في الوقت نفسه حض الحكومات على تركيز جهودها في تحسين القواعد الأساسية للمناخ الاستثماري لا سيما تبسيط اللوائح التنظيمية وتحسين ادارة الضرائب وزيادة فرص التمويل الخاص وتطوير خدمات البنية الأساسية. واعتبر ضمان حقوق الملكية أهم القواعد الأساسية للمناخ الاستثماري، مشيراً، ضمن الاستنتاجات الرئيسية لتقريره، الى أن الشركات التي تثق بأن حقوق ملكيتها آمنة تعيد استثمار نسبة تراوح بين 14 و40 في المئة من أرباحها، أي ضعفي النسبة الملاحظة لدى الشركات التي ترى أن حقوقها غير مصانة. وشدد على أن ثقة الشركات يمكن أن تتعزز في حال تم توفير قدر أكبر من الضمان لحقوق ملكية الأراضي والممتلكات الأخرى وتحسين آليات تنفيذ العقود والحد من الجريمة.