دعا حزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان بقيادة الدكتور حسن الترابي الى "ثورة شعبية شاملة لإسقاط النظام تؤمن الطريق لحكومة قومية رشيدة تقبل مشروع السلام وتقبل تنفيذه". وفي غضون ذلك حذرت "الحركة الشعبية لتحرير السودان" من "فصل الجنوب والغرب وانتقال الحرب الى الخرطوم العاصمة" في ظل مماطلة الحكومة. واعتبر نائب الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج محمد في مؤتمر صحافي عقده في لندن أمس، أن "النظام الحاكم في الخرطوم فقد مبرر الوجود والبقاء حتى داخل صفه الخاص، فدائرة السلطة المتنفذة تضيق كل يوم حتى أضحت فئة تحسب على أصابع اليد الواحدة". وأشار الى حلفائه السابقين الذين ايدوا الانشقاق بين الحكم والترابي قائلاً إن "الذين ساوموا بكرامة الحركة الاسلامية ومشروعها وبرنامجها الاسلامي وجدوا انفسهم اليوم ضحايا عصابة سلطوية جرت البلاد بأكملها الى هاوية التقسيم والتدخل الاجنبي والحرب الاهلية من دون ان ترخي اصابعها المتشبثة بالسلطة". ولم يقدم الحاج أي تصور ل"الثورة الشعبية السلمية" التي دعا اليها كما لم يقبل الخوض في اي تفاصيل في شأنها، معتبرا أن "البديل لا نطرحه وحدنا وانما لا بد من تعاون القوى الوطنية لتحديده وتنفيذه". وتابع: "نطمئن الاخوة في الجنوب ان هذا التحرك لا يعني نقض المواثيق". وشدد على أن "هذه الثورة الشعبية السلمية تقبل مشروع السلام وتضمن اكماله وتنفيذه بكل بروتوكولاته ونصوصه. وهي ثورة شاملة تنهض بها قيادة كل القوى السياسية في المركز والولايات والهوامش وتنحاز اليها كل قوى المجتمع المدني. أما القوى التي تحمل السلاح فلا بد من مشاركتها في ثورة الشعب التي نرجو ان تمضي شعبية سلمية". وزاد أن "الاوفق أن يتقدم الصف السوداني القومي بطرح حله الشامل الذي يقطع الطريق على التقسيم والتدخل الاجنبي، والثورة الشعبية هي السبيل الاقوم لوضع السلاح والخلاص". وتحدثت السيدة وصال المهدي حرم الدكتور الترابي عن اوضاع المعتقلين من الحزب قائلة إن "الترابي اعيد الى سجن كوبر وابنه محتجز لدى اجهزة الامن ولا نستطيع توصيل شيء اليه". واضافت ان "القياديين الآخرين في المؤتمر الشعبي رحلوا الى سجن بورتسودان المعروف باسم السجن الاسود وبعضهم الى سجن شندي ومنهم رئيس تحرير صحيفة ألوان السيد حسن خوجلي وهو ليس عضوا في المؤتمر الشعبي. هذا ما يحصل للأعضاء والمتعاطفين، وهذه حكومة ضعيفة ومتهاوية". وعلق مسؤول الاعلام في الحزب المحبوب عبدالسلام على انشقاق القيادي محمد الحسن الامين عن الحزب، ملاحظا ان "مواقفه ظلت مخالفة لقرارات الحزب في قضايا رئيسية مثل مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية، وكذلك بدا في تصريحاته عدم رضا عن كثير من علاقاتنا مع القوى السياسية خصوصا الجنوبية". ولاحظ أن انشقاق الامين جاء بعد خروجه من السجن "ما يشير الى صفقة. نحن نتأمل الظروف التي تم فيها اعلانه، ونعرف انه تعرض لتضييق كبير". وكان الامين اعلن في تصريح بثه التلفزيون الرسمي تجميد نشاطه في الحزب بعد فشله في "وقف نشاطات غير مأذونة ومعتمدة من أجهزة الحزب خططت لها مجموعة صغيرة لاحداث تدابير عسكرية تفضي الى اقتتال ودماء"، في اشارة الى اعلان الحكومة الكشف عن مخطط للحزب لتنفيذ "محاولة انقلابية". على صعيد آخر، أبلغت الحكومة السودانية وسطاء "ايغاد" عدم استعدادها استئناف محادثات السلام في نيافاشا قبل انتهاء الأزمة في دارفور. وحذر القيادي البارز في"الحركة الشعبية لتحرير السودان" فاغان اموم من "فصل الجنوب والغرب وانتقال الحرب الى الخرطوم العاصمة". وقال اموم في تصريحات شديدة اللهجة ان "عدم استكمال الحكومة اتفاقات السلام في مشاكوس ونيافاشا سيقود حتماً الى تفكيك السودان"، وأن الجنوبيين "لن ينتظروا الحكومة لتفعيل المذابح في دارفور وتأخير حل قضيتهم". وأضاف ان "الحركة حتماً ستعود الى الحرب وستفصل الجنوب، كما سينفصل الشرق ودارفور وتشتعل النيران لتصل الى الخرطوم". ورد المسؤولية في تفجير الأوضاع المفترض الى "تخطيط الحكومة وسياساتها التي ستنقل المذابح من دارفور الى الحزام الأسود في الخرطوم بحري والحاج يوسف وأم درمان". وقال ان "شراء الوقت لن يفيد الحكومة في شيء ولن يكسبها إلا مزيدا من المشاكل". وطالب الحكومة "بسرعة التحرك في اتجاه احتواء أزمات البلاد". وكشف أموم ان وسيط السلام في "ايغاد" الجنرال لازراس سيمبويلو اتصل بزعيم الحركة جون قرنق وطالبه بمعاودة التفاوض لاكمال عملية السلام. وأكد "موافقة قرنق على استئناف المفاوضات في أي وقت". لكن أموم أشار الى ان الخرطوم "نقلت رسمياً الى الوسطاء عدم قدرة النائب الاول للرئيس علي عثمان طه على استئناف المفاوضات في الوقت الراهن مبررة ذلك بانشغالها بمشكلات دارفور". وكشف اموم عن "وعود من الادارة الاميركية بحلول ناجعة وسريعة للأزمة في دارفور، كما طالبت واشنطن قرنق بلعب دور ايجابي في حل الأزمة". وكان قرنق وصل الى أوروبا الاسبوع الماضي آتياً من أميركا وينتظر أن ينتقل الى القاهرة. وفي الخرطوم، أعلنت الحكومة أمس انها شرعت في التعامل مع قرار مجلس الأمن الذي يهددها بفرض عقوبات إذا لم يتوقف العنف في دارفور. وقال وزير الدولة للخارجية التجاني فضيل أمس ان حكومته صنفت بنود قرار مجلس الأمن تمهيداً للشروع في التعامل معها وجدد حرص الخرطوم على التعاون مع المجتمع الدولي لحل أزمة دارفور. وانتقد الولاياتالمتحدة بشدة لتبنيها مشروع القرار في مجلس الأمن موضحاً ان حكومته لا تلوم أي دولة على موقفها ازاء القرار. وأوضح ان مستشار الادارة الاميركية لشؤون السودان تشارلز سنايدر سيصل الى البلاد مساء اليوم لاجراء محادثات مع النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه ومسؤولين آخرين لتسريع عملية السلام في جنوب البلاد وتحريك ملف قضية دارفور. وعلم ان سنايدر مكلف من الرئيس جورج بوش لاعداد تقرير يرفع الى الكونغرس في 30 تشرين الأول اكتوبر المقبل، حسب "قانون سلام السودان" الذي يلزم بوش برفع تقرير كل ستة أشهر عن تطورات عملية السلام، وسيكون التقرير الأخير قبل نهاية ولاية بوش الذي يريد انهاء عملية السلام قبل خوض الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل.