تشير احصاءات إلى أن الأيام الأخيرة شهدت ازدياد عدد المسيحيين العراقيين اللاجئين الى سورية، بحثاً عن "ملجأ آمن" بعد الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها كنائس في بغداد والموصل، و"شكاوى" عراقية من أن المسيحيين صاروا "هدفاً للجهاديين". وقال ل"الحياة" أجمل خيبري، كبير مسؤولي مفوضية اللاجئين، في دمشق إن عدد الحالات العراقية التي سجلت في المفوضية وصل الى أربعة آلاف، ما يعني أن العدد الاجمالي يتراوح بين 20 و25 ألفاً الحالة تضم أفراد أسرة. ولاحظ ازدياداً بحيث باتت مكاتب المفوضية تتلقى نحو 90 - 100 طلب يومياً. وكانت سورية تركت حدودها مفتوحة بعد الحرب الأميركية على العراق ل"مساعدة الشعب العراقي انسانياً". وبعد الحرب ازداد تدفق العراقيين، حتى صار عددهم يتراوح بين 200 و225 ألفاً. وفيما تبلغ نسبة المسيحيين 5 في المئة من عدد السكان، فإن 20 في المئة من الذين قدموا إلى المفوضية "طلبات حماية" هم من المسيحيين. وذكر خيبري أن "عملية تسجيل اللاجئين بدأت قبل الاعتداءات على الكنائس، لكن زيادة ملحوظة بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المئة سجلت أخيراً، بسبب انعدام الأمن وسوء الحال الاقتصادية، ووجود شكاوى من عراقيين بأن الجهاديين صاروا يعتبرون المسيحيين هدفاً". ولفت إلى أن "الحكومة السورية اتخذت موقفاً انسانياً لمنع ترحيلهم، أو خلق أي مشكلة لهم، بحيث نعطي هؤلاء رسالة حماية موقتة نظراً إلى حالهم الانسانية، إلى حين اتخاذ قرار في شأنهم". وقدمت الحكومة السورية لهم تسهيلات واسعة شملت إمكان استئجار الشقق وتملكها، بعد الحصول على موافقات خاصة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشقق بنسبة تصل الى 25 في المئة. ويعتقد محللون ان الموقف الذي اتخذته دمشق المعارض للحرب "لعب دوراً في تفضيل العراقيين سورية على الدول الأخرى". لكن ممثل "الحركة الديموقراطية الآشورية" في دمشق عمانوئيل خوشابا أوضح ل"الحياة" أن هناك أربعة أسباب وراء "الهجرة العراقية"، هي: "غياب الأمن والاعتداءات الإرهابية وعرقلة العملية الديموقراطية وغياب الخدمات. وهذه الأمور تنعكس على جميع العراقيين وليس المسيحيين فحسب". وأشار إلى أن حوالى عشرة آلاف مسيحي جاؤوا الى سورية بعد الحرب. وفيما يفضل التجار العراقيون الإقامة في مدينتي طرطوس واللاذقية الساحليتين، لنقل بضائعم من مرفأي المدينتين الى العراق، يميل المسيحيون الى مناطق الجزيرة قرب الحدود مع العراق، حيث "يبدي الأهالي كرماً وضيافة للاجئين". لكن المسيحيين الذين يأتون الى دمشق يعيشون في منطقتي "دويلعة" أو "جرمانا"، كما سعت الكنائس إلى تقديم بعض الخدمات لهم ومساعدتهم. وقال رجل دين مسيحي ل"الحياة": "نساعد مئات من العائلات الفقيرة، بصرف النظر عن طوائفها، لأن هذا العمل انساني"، فيما قال مواطنون في جرمانا ل"الحياة" أمس إن "أسعار العقارات ارتفعت بنسبة 25 في المئة بسبب الإقبال العراقي" على هذه المنطقة التي تضم حوالى 150 ألف شخص.