يحمل عقد مؤتمر الحزب الجمهوري في نيويورك تحديات كبيرة للجمهوريين في ولاية ذات غالبية ديموقراطية، في وقت يكافح الرئيس الجمهوري جورج بوش للفوز بولاية ثانية، في ما يشبه زواجاً ثانياً يعوزه الأمل لا التمرّس. وفي استعادة لتاريخ الرئاسة الأميركية، يتجلى أنه ما من رئيس منذ عهد هربرت هوفر 1929- 1933 لم يحلم بالبقاء لأربع سنوات أخرى في المكتب البيضاوي، وجميع من لازمه لم تكن ولايته الثانية أفضل من الأولى. فبيل كلينتون لاحقته الفضائح الجنسية وقادته إلى المحاكم، وكاد ريتشارد نيكسون يواجه المصير نفسه في ووترغيت لولا استقالته. أما رونالد ريغان، فتعرض لفضيحة "إيران غيت"، لبغرق ليندون جونسون في مستنقع فيتنام. وعانى دوايت آيزنهاور مشكلات صحية، وواجه هاري ترومان حرباً وفضائح وأزمات تشريعية، فيما واجه وودورد ويلسون الحرب العالمية الأولى في غياب تأييد عصبة الأمم. وحتى فرانكلين روزفلت، عرفت ولايته الثانية أتعس لحظات حياته، عندما منع الكونغرس مشروعه المتعلق بالمحكمة العليا. بوش يواجه اسئلة عدة وعندما يطأ الرئيس جورج بوش المنصة في مؤتمر الجمهوريين في "ماديسون سكوير" الخميس، لإعلان قبوله ترشيح الحزب، يتوقع الناخبون الذين لم يحسموا أمرهم بعد، سماع إجابات تتعلق بالحرب على العراق وخلق فرص العمل وخفض أسعار المحروقات وتكلفة الرعاية الصحية، وعلى الرئيس أن يقدم شرحاً عن ذلك. ويقول الناخبون الذين لا يزالون متأرجحين في الخيار، إنهم يريدون سماع بوش يعدهم بعدم المساس بأموال الضمان الاجتماعي. كما يرغبون في ان يقدم شرحاً مفصلاً لخطته المتعقلة بالتخلص من الديون. لكن قبل ذلك كله، يريدون بمعرفة كيفية تخطيطه لسحب القوات الأميركية من العراق. وفي وقت كان التحدي الذي واجهه منافسه جون كيري في مؤتمر الحزب الديموقراطي هو تعريف الناخبين إلى المرشح، على جورج بوش أن يعرف الناخبين إلى ما يرسمه لولاية ثانية. غير أن الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد، عددهم إلى انخفاض. وأظهر استطلاع أجرته مجلة "تايمز" الأسبوع الماضي، أن خمسة في المئة فقط لم يقرروا لمن سيمنحون أصواتهم، بعدما كان عددهم سبعة في المئة الشهر الماضي. ومن النقاط الإيجابية التي حققها بوش بحسب الاستطلاع، نجاحه في مهمته في السنوات الأربع الماضية، وإن كان فشل في تحسين الوضع الاقتصادي إثر اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001، إضافة إلى الإحباط الذي تلا تورط الولاياتالمتحدة في الحرب على العراق. وفي وقت ينتظر وصول بوش إلى نيويورك الأربعاء، استمرت جولته التي تستغرق أسبوعاً في الولايات الرئيسية، ليتحدث في اوهايو أمام نحو 20 ألفاً من مؤيديه، مدافعاً عن سياسته الاقتصادية. وقال بوش في الولاية التي تضررت بفقدان الوظائف في قطاع التصنيع: "عندما يتعلق الأمر بتوسيع اقتصادنا وهزيمة الركود فإننا نقوم بالمهمة". أما نائبه ديك تشيني، فقد وصل الى نيويورك قادماً من جزيرة ايليس آيلاند، والتي كانت تستقبل المهاجرين الى الولاياتالمتحدة لدى وصولهم الى نيويورك. وفي خطاب ألقاه في الجزيرة، ركز نائب الرئيس على دعم بطاقة بوش - تشيني. وقال: "ان كل المجتمعين هنا هذا الأسبوع هدفهم واحد هو أن يروا جورج بوش منتخباً مرة ثانية". وافتتح المؤتمر الجمهوري بإحياء ذكرى ضحايا اعتداءات 11 أيلول، وتوجيه تحية للرئيس بوش قدمها اثنان من أشهر عناصر الحزب وهما رئيس بلدية نيويورك السابق رودولف جولياني والسناتور جون ماكين. وأشاد خطباء اليوم الأول للمؤتمر بتصميم بوش على مكافحة الإرهاب. ومما جاء في خطاب سناتور أريزونا جون ماكين، ان بوش "مر بالتجارب واظهر انه قادر على مواجهة اكبر تحدٍ في عصرنا وانا احييه". وجون ماكين هو صديق لجون كيري ورفيق له في حرب فيتنام، كما يعتبر أحد أبرز رجال السياسة الشعبية في الولاياتالمتحدة، وكان خسر أمام بوش لدى اختيار الحزب الجمهوري مرشحه للانتخابات الرئاسية عام 2000. من جهته، رأى رئيس بلدية نيويورك السابق رودولف جولياني في خطابه انه "عندما نختار رئيساً، لا نختار في الحقيقة جمهورياً أو ديموقراطياً، محافظاً أو ليبرالياً، بل نختار قائداً". ويعد جولياني وماكين إضافة الى حاكم كاليفورنيا آرنولد شوارزنيغر الذي سيتحدث اليوم، من أبرز نجوم المؤتمر العام للحزب الجمهوري الذين يوصفون بأنهم معتدلون ويسعون في الأساس الى تليين الصورة المحافظة للحزب، وجذب الناخبين. وقبيل الافتتاح، شهدت الولاياتالمتحدة مفاجأة بإعلان عدد من أبرز السياسيين الجمهوريين تأييدهم لقضية مثليي الجنس. ومن أبرزهم حاكم نيويورك جورج باتاكي وعمدتها مايكل بلومبرغ وسناتور بنسلفانيا آرلن سبكتر وحاكم ماساتشوستس السابق وليام ويلد. وفي حفلة استقبال في منهاتن، قال سبكتر: "عندما تتحدث عن حقوق المثليين، تتحدث عن الحقوق الأساسية والمساواة". من جهته قال بلومبرغ: "أنا من المؤمنين أن ما يجعل أميركا او نيويورك عظيمة، هو تفهمها وإرادتها في ترك كل شخص يكون ما يريد أن يكونه". كيري وإيران وعلى صعيد آخر، أعلن المرشح الديموقراطي جون كيري انه يقبل بالسماح لايران بامتلاك تكنولوجيا نووية، في مقابل تخليها تماماً عن فكرة امتلاك الوقود النووي اللازم لتصنيع أسلحة. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن جون ادواردز نائب كيري قوله إنه إذا لم تستفد طهران من هذه "الصفقة الكبرى"، فستثبت بصفة قاطعة أنها تشيد ترسانة نووية تحت غطاء برنامجها النووي السلمي. وأوضح أن في حال انتخاب كيرى رئيساً للولايات المتحدة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، سيؤكد لحلفاء الولاياتالمتحدة الاوروبيين أن يستعدوا للمشاركة في فرض عقوبات قاسية ضد إيران إذا رفضت اقتراحاته.