أفادت مصادر مطلعة ان الحكومة السودانية وحركتي التمرد في دارفور اقتربتا من اتفاق على اقتراح افريقي لمعالجة الاوضاع الانسانية في الاقليم، ومن المقرر ان يكون الجانبان عقدا جلسة اخرى من المفاوضات مساء امس في ابوجا، بعد خلافات على كيفية التعامل مع الأزمة الانسانية، فيما تحفظت الخرطوم عن اقتراحات بزيادة عدد مراقبي الاتحاد الافريقي في دارفور، مع وصول 150 جندياً نيجيرياً الى الاقليم للانضمام الى القوة الرواندية لحماية مراقبي وقف النار. وكان مفاوضو الحكومة والمتمردون تبادلوا الاتهامات بالتسبب في تفاقم الأزمة الانسانية. وأكد مصدر في "حركة تحرير السودان" ان الحكومة ردت الكارثة الى ظروف بيئية تتعلق بطبيعة الاقليم القاسية والجافة، وانها اتهمت الحركات المسلحة باستهداف المدنيين خصوصاً من القبائل العربية وعمال الاغاثة وخطفهم ووضع العقبات امام المنظمات الانسانية وخلق الانفلات الامني. إلا أن المتمردين رفضوا التقرير الحكومي وردوا الاتهامات الى الحكومة ب"إطلاق الجنجاويد وعدم السماح للمنظمات بتوزيع الاغاثة في معظم المناطق واستخدام الطعام كسلاح والضغط على النازحين واثارة الرعب في مخيماتهم". وطرح وسطاء الاتحاد الافريقي وموظفو الاممالمتحدة الذين يراقبون مفاوضات ابوجا اقتراحات على الوفدين لمعالجة الاوضاع الانسانية. وذكرت مصادر قريبة الى المحادثات ان الاقتراحات وجدت قبولاً لدى الجانبين. وتوقعت ان تقر الاطراف المتنازعة اتفاقاً في المجال الانساني قبل أن تتناول المفاوضات القضايا الصعبة المتعلقة بالترتيبات الامنية واقتسام السلطة. وفي الخرطوم، أجرى وفد من الحزب الديموقراطي الاميركي محادثات امس مع النائب الاول للرئيس علي عثمان محمد طه ووزيري الخارجية مصطفى عثمان اسماعيل والشؤون الانسانية ابراهيم محمود حامد ركزت على الاوضاع في دارفور. وعُلم ان الوفد الذي تفقّد مخيمات النازحين في طريقه الى تشاد اقترح زيادة عدد مراقبي الاتحاد الافريقي الى اكثر من الفي عسكري ل"بناء الثقة وتعزيز الامن والاستقرار" لكن وزير الشؤون الانسانية اعلن تحفظ حكومته على زيادة عدد مراقبي وقف النار في الاقليم. وقال ان لا حاجة الى مراقبين اضافيين، مشيراً الى وجود 15 مراقباً في جبال النوبة في وسط البلاد. كما أعلن رئيس الوفد الحكومي الى محادثات ابوجا وزير الزراعة مجذوب الخليفة رفض الخرطوم ارسال قوات افريقية اضافية الى دارفور من دون موافقتها بعد نشر 300 جندي رواندي ونيجيري في الاقليم لحماية مراقبي وقف النار التابعين للاتحاد الافريقي، مؤكداً ان حماية المدنيين من مسؤولية حكومته وقواتها. واستعدت الفاشر كبرى مدن دارفور التي يتخذها مراقبو وقف النار مقراً لهم لاستقبال 150 جندياً نيجيرياً تحركوا من أبوجا في طريقهم اليها عبر طائرتين عسكريتين، وذكرت حكومة ولاية شمال دارفور ان القوة النيجيرية ستصل ليلاً. الى ذلك أ ف ب، اعتبر رئيس اللجنة المكلفة تولي العودة الطوعية للنازحين في ولاية شمال دارفور، ان الظروف الحالية لا تزال غير ملائمة لعودة النازحين الى قراهم. وقال صلاح الدين سر الختم علي القاضي الشهير الذي يرأس اللجنة: "ليس من العدل الاصرار على عودة الناس الى مثل هذه الاماكن"، مؤكداً أن "الاسباب التي دفعتهم الى الهروب من منازلهم لا تزال قائمة بمعظمها". ومن أهداف اللجنة تحديد القرى التي تم ضمان الامن فيها وابلاغ الحكومة والنازحين. كما ان اللجنة التي تضم بين اعضائها نازحين، مكلفة جمع معلومات عن الوضع الامني في جوار القرى والإبلاغ بوجود عناصر مسلحة ومتمردين في المنطقة. وقال علي متحدثاً في مكتبه في المبنى ذاته الذي يضم مكتب حاكم الفاشر، عاصمة شمال دارفور، ان المعلومات التي تم جمعها حتى الآن غير كافية حتى تطلب اللجنة من النازحين مغادرة المخيمات الآمنة نسبياً للعودة الى منازلهم. وأقر بأن الحكومة السودانية قامت "بعمل جيد" لضمان الامن في بعض المناطق تحسبا لاحتمال عودة النازحين، لكنه اعتبر ان "هذا ليس كافياً". واوضح انه خلافاً لمزاعم الحكومة والاسرة الدولية، لا تقتصر المشكلة على أمن النازحين الشخصي. وقال ان حركة النزوح نتجت عن انعدام الأمن، وعن غياب الخدمات التي دمرت كلها في المناطق الريفية على اثر قرار الحكومة سحب موظفيها من هذه المناطق نتيجة هجمات المتمردين. وأكد رئيس اللجنة انه يؤيد استعادة النازحين حياة طبيعية، انما شرط ان يكون ذلك نتيجة "عودة حقيقية" وليس "مناورات سياسية" من جانب الدولة تحاشياً للانتقادات الدولية حول الوضع في دارفور.