وصلت قوات من رواندا الى إقليم دارفور أمس، كأول قوة أجنبية مكلفة حماية المراقبين الذين يتابعون وقف اطلاق النار الهش بين الحكومة السودانية والمتمردين، وسط جدل في شأن طبيعة مهمة هذه القوات. وأكد الاتحاد الافريقي ان المهمة مقتصرة على حماية المراقبين، فيما اكد رئيس رواندا بول كاغامي إن جنوده سيتدخلون ايضا لحماية السكان المدنيين، الامر الذي ترفضه الخرطوم بشدة. ونقل نحو 154 جنديا من رواندا اضافة الى معدات عسكرية الى دارفور على متن طائرة هولندية. وقال رئيس رواندا بول كاغامي ان جنوده سيتدخلون أيضا لحماية المدنيين المعرضين للخطر. وتقول رواندا ان بطء استجابة العالم للازمة في دارفور يذكر بتجربتها المريرة مع الابادة الجماعية في عام 1994. واقر كاغامي بأن قوة الاتحاد الافريقي لديها تفويض محدود خصوصا في مجال التدخل، لكنه قال انه يجب ان ينظر الى هذه القوات بوصفها طليعة لبعثة أقوى. وزاد: "هكذا يجب أن ينظر الى هذه القوات وأن يكون مفهوما". وقال: "سيقومون بذلك بكل تأكيد التدخل في حالة تعرض المدنيين لتهديد والا فانه لن يكون لهم دور هناك. هذا مفهوم ضمنا من وجودهم". وكان في استقبال القوة الرواندية فيستوس اوكونكو رئيس لجنة وقف اطلاق النار التابعة للاتحاد الافريقي الذي أبلغ الجنود أن مهمتهم تتلخص في حماية المراقبين الذين يبلغ عددهم 118 مراقبا في دارفور. غير انه اضاف انه لدواع انسانية يمكنهم التحرك لحماية أي مدنيين في خطر. وقال اوكونكو في كلمة أمام الجنود بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور "مهمتكم هنا هي حماية افراد الاتحاد الافريقي في البعثة. ولذا ففي اي وقت تذكروا أن هذه مهمتكم الاساسية. وأي مهمة اخرى خارج هذا انما تكون لدواع انسانية. هذه ليست مهمتكم تأكدوا من فهم كل جندي هنا قواعد الاشتباك". وتثير هذه التصريحات التساؤل مجددا في شأن طبيعة مهمة القوة الافريقية التي سيبلغ قوامها مبدئيا 308 جنود من نيجيريا ورواندا.ورفضت الخرطوم قيام اي قوات غير سودانية بدور حفظ السلام. ويقول الاتحاد الافريقي انه يأمل في الوصول بحجم القوة الى 2000 جندي. وقال اوكونكو وهو نيجيري ان القوة النيجيرية ستصل دارفور يوم 25 آب اغسطس الجاري لاكمال الانتشار المبدئي. وقال للصحافيين في مقر الاتحاد الافريقي في الفاشر "مهمتنا حماية المراقبين. لم نكلف بحماية المدنيين. سنحمي ايضا الوكالات الانسانية التي تعمل في المنطقة". وقال وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل "نرحب بوصول 150 جنديا روانديا سيعملون في اطار قوة حماية المراقبين في الاتحاد الافريقي في دارفور". وستنشر القوات في ست مراكز حيث يتمركز المراقبون وتشمل الفاشر والجنينة ونيالا وكبكابية والطينة في دارفور وابيشي في تشاد. وقال اسماعيل "ليست لدينا تحفظات على عدد الجنود ولكن على طبيعة مهمتهم". واضاف "اي قوة لم تحدد مهمتها بوضوح لم نقبل بها". وقال الوزير ان حكومته التي ترفض تحول الجنود الى مهمة حفظ السلام قد تعيد النظر في موقفها "اذا اقنعها الاتحاد الافريقي بأهمية قوة لحفظ السلام". واعتبر ان وجود قوات اجنبية في السودان "قد يؤدي الى ما يحدث في العراق". وطالب المتمردون بنشر المراقبين في المناطق الريفية في الاقليم ليشهدوا انتهاكات حقوق الانسان. وقال ادريس ابراهيم المتحدث باسم "حركة العدل والمساواة" ان الحركة تأمل الا يقصر المراقبون جهودهم على المدن الكبيرة وان يذهبوا الى المناطق الريفية. القاهرة تتوقع ضغوطاً أجنبية وفي القاهرة، لمح وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الى احتمال ممارسة بعض القوى الأجنبية ضغوطاً لتصعيد ملف دارفور، وقال أبو الغيط: "ربما كانت هناك قوى أجنبية لها مصالح وبعض التيارات في الولاياتالمتحدة تمارس ضغوطاً لتصعيد الموقف". وأشار إلى تحسن الأوضاع الإنسانية هناك. واضاف: "نأمل بأن يكتب الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً لا يؤدي الى مزيد من التعقيد". واعتبر أبو الغيط أن الأوضاع في دارفور "معقدة بشكل لا يقل عن تعقيدات قضية الشرق الأوسط". وفي غضون ذلك، أكد مسؤول في جامعة الدول العربية ان الجزائر ومصر وليبيا ابلغت الجامعة انها مستعدة للمشاركة في القوات المسلحة للاتحاد الافريقي في دارفور. وصرح سمير حسني المكلف ملف دارفور في الجامعة ان الجزائر ومصر وليبيا "ابلغت مجلس وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعه في القاهرة، انها سترسل مراقبين ضمن قوات الاتحاد الافريقي". لكن القائم بالاعمال الجزائري في القاهرة منور الرباعي اكد انه "لم يتبلغ هذه المعلومة". ويغادر وفد مؤلف من 25 عضوا يمثلون عشر نقابات مهنية عربية القاهرة اليوم متوجها الى دارفور في مهمة تحقيق برئاسة عبد المنعم ابو الفتوح رئيس اتحاد الاطباء العرب. و غادرت دمشق طائرة محملة بالمساعدات الطبية والغذائية الى دارفور. وتشمل المساعدات 32 طنا من المواد الغذائية والطبية الضرورية اضافة الى فريق من المتطوعين للاشراف على توزيعها. على صعيد آخر، طلبت الأممالمتحدة من متمردي دارفور المشاركة في المفاوضات مع الخرطوم في أبوجا، واقترحت انشاء شرطة محلية من السكان لحماية أنفسهم. وعلمت "الحياة" أن المستشار السياسي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر كولمن طلب من متمردي دارفور الذهاب إلى لاغوس الأسبوع المقبل لاجراء المفاوضات مع الخرطوم. وعلم أن المتمردين انتقدوا في اجتماع عقد في أسمرا واشتركت فيه قيادات من حركتي "تحرير السودان" و"العدل والمساواة"، الاتحاد الافريقي لعدم اشراكهم في تحديد مكان اللقاء وزمانه. وعلم ايضا أن المتمردين رفضوا إقتراح الشرطة المحلية من السكان، لأن ذلك يعقد الأوضاع الأمنية ويخلق أذرع مسلحة جديدة في المنطقة المضطربة.